معاناة مريرة يتكبدها مرضى الأمراض الصدرية بالمركز الصحي عقبة بن نافع بمدينة آسفي، فقد علمت "أخبار اليوم" أن عشرات المرضى يضطرون إلى شراء "علب بلاستيكية" مخصصة للبلغم لإجراء فحوصات لتحديد جرثومة "السل" بعدما اختفت هذه العلب من المركز الصحي. وأفاد عدد من المرضى في تصريحات متطابقة ل"أخبار اليوم"، أن ممرضي القسم المذكور والذين يُزاولونَ مهاهم نيابة عن طبيبة المركز، أجبروا عددًا من الوافدين على المركز إلى دفع مبلغ درهمين مقابل تسليمهم علبا بلاستيكية لوضع البلغم بها من طرف المرضى وإعادتها لاحقا لإجراء التحليلات اللازمة. وأكد "ي.خ" أحد المرضى في حديثه ل"أخبار اليوم"، أنه كان ضحية للمرض قبل عدة سنوات، وأصيب بالمرض مرة ثانية، مشيرًا إلى أنه لم يجد العناية اللازمة بعد إصابته بهذا المرض "المعدي" في المركز الصحي المذكور، إذ استعصى على "ممرضات القسم" تشخيص المرض إلا بعد مرور شهر، واضطراره لإجراء فحوصات في مختبرات خاصة بمبلغ يصل إلى 1000 درهمً، وأفاد أنه كلما جاء إلى المركز الصحي يجد الطبيبة في "عطلة". وأضاف المتحدث ذاته أنه حتى التحليلات التي قام بها في مختبرات خاصة، لم تطلع عليها طبيبة القسم، ورصد له دواء وباء "السل" (ERIPE-4K) من طرف ممرضات القسم، مُشيرًا إلى أنه دواء جد خطير، وله مضاعفات عدة، من المفترض أن تُلزمه طبيبة المركز في تتبعها. وعن بيع «العلب البلاستيكية»، أوضح المندوب الإقليمي لوزارة الصحة «عبد الحكيم مستعد» في تصريح ل»أخبار اليوم»، أنه فعلا أجرى تحقيقًا ميدانيًا حول هذا المعطى، وتبين له شخصيًا أن هناك علبا تُباع للمرضى، وكشف للجريدة أن مخزون العلب البلاستيكية الذي تُخصصه الوزارة قد نفد، مما اضطر ممرضات القسم إلى شراء علب أخرى من مالهم الخاص، ويبيعونها بثمن درهمين، مشيرًا إلى أن العلب سيتم توفيرها في الأيام القادمة داخل المركز الصحي. وأكد المندوب الإقليمي، أن أبرز المشاكل التي يعرفها المركز الصحي تظل حالات معزولة، وكشف أن طبيبة القسم كانت في عطلة وعادت الاثنين الماضي لمزاولة مهنتها بشكل اعتيادي، مُبرزًا أنها تستقبل جميع المرضى، ويتم تشخيص حالات مرض السل بناءً على تحاليل البلغم، وتوصف أدوية مخصصة لبرنامج «محاربة السل» بالمجان للمرضى. وأعرب المتحدث المذكور، أن مرض السل يُصيب فئات هشة، وقررت المندوبية الجهوية لوزارة الصحة، توفير «آلة تحليل» جديدة من نوع «Gène Expert» ستكون الأولى من نوعها بالأقليم بغرض تشخيص مرض السل في أسرع وقت ووصف العلاج له، حتى لا يضطر المرضى إلى القيام بهذه التحليلات خارج المستشفى باعتبارها باهظة الثمن. وكانت مصالح وزارة الصحة، أعلنت أنها تُسجل ما يقارب 30 ألف حالة إصابة سنويا بداء السل، بما فيها الحالات الجديدة وحالات الانتكاسة، وأوضح وزير الصحة أنس الدكالي، في كلمة له بمناسبة تخليد اليوم العالمي لمحاربة داء السل في مارس الماضي، أن نسبة الإصابة تقارب 87 حالة لكل 100 ألف نسمة، يشكل السل الرئوي نصفها. وأفاد وزير الصحة، أن الوزارة عملت على ضمان اعتماد مالي سنوي ارتفع بأكثر من الضعف، حيث مر من 30 مليون درهم سنة 2012 إلى 76 مليون درهم سنة 2018، بالإضافة إلى دعم مالي مهم مقدم من طرف مجالس الجهات ومجالس الجماعات، فضلا عن الدعم المتواصل للصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والملاريا، الذي يقدر خلال الفترة ما بين 2017 و2021 بحوالي 32 مليون درهم. وأكد على أن الوزارة تعتبر داء السل من أولوياتها الاستراتيجية، حيث ترصد الموارد البشرية والمادية من أجل محاربته وتشخيصه وعلاجه في إطار البرنامج الوطني لمحاربة السل، وذلك بصفة مجانية، مشيرا إلى أن قيمة التكفل بمريض واحد تتراوح من 520 إلى 1.330 درهما، كما تتراوح قيمة التكفل بمريض واحد مصاب بالسل المقاوم للأدوية ما بين 13 ألفا و500 و60 ألف درهم، دون احتساب الأجور وميزانيات البنيات التحتية والمعدات.