كادت جريمة «شمهروش» التي أودت بحياة سائحتين إسكندنافيتين ضواحي مدينة مراكش، شهر دجنبر الماضي، أن تتكرر في مدينة طنجة مع فروقات صغيرة في تفاصيل وحيثيات جريمة اعتداء مسلح على سائحة ألمانية تقيم بصفة مؤقتة في المغرب، حيث تعرضت لمحاولة قتل باستعمال سلاح أبيض في الشارع العام، عشية يوم الجمعة الماضي، من طرف شاب عشريني ينحدر من مدينة سيدي إفني، ويقيم في طنجة رفقة أحد معارفه. وحسب رواية شهود عيان، فإن المواطنة الألمانية البالغة من العمر 52 سنة، كانت تقوم بتمارين رياضية في منطقة خضراء بمحيط ملعب ابن بطوطة، فجأة هاجمها شخص أشعت الرأس يرتدي قندورة بيضاء، مستعملا سكينا من الحجم المتوسط، ولما سقطت على الأرض بعدما حاولت صد اعتدائه، وجه إليها طعنات أصابتها في عنقها بجراح بليغة، قبل أن يتدخل مواطنون في عين المكان ويدفعونه عنها ثم سارعوا لتقديم المساعدة الأولية لها، والمناداة على مصالح الوقاية المدنية لتوفير سيارة إسعاف. وفند مسؤول أمني مطلع في حديث مع «أخبار اليوم» فرضية الدافع الإرهابي، مؤكدا بأن التحريات الأولية أظهرت أن الظنين يعاني فعلا من اضطرابات نفسية، وأنه يخضع لحصص العلاج النفسي عند أحد أطباء الأعصاب في عيادة خاصة بمدينة طنجة، مشيرا إلى أنه بعد ارتكابه الجريمة عاد إلى بيت أخيه أين يقيم معه بشكل عادي، ثم اختفى عن الأنظار كأنه لم يرتكب أي جرم يعاقب عليه القانون. وعرفت مدينة طنجة إثر وقوع الاعتداء المذكور استنفارا، خاصة وأن الجاني لا ينحدر من مدينة طنجة وليس معروفا لدى الأجهزة الأمنية بسوابق عدلية، بحسب المواصفات الجسدية التي قدمها شهود عيان للشرطة العلمية، وهو ما عقد مهمة البحث عنه التي استغرقت نحو 16 ساعة إلى غاية صباح أول أمس السبت. ففي ظرف وجيز عقب الحادث، انتقل والي أمن طنجة محمد أوعلا شخصيا إلى مكان الجريمة، في حين توجه والي الجهة محمد مهيدية، إلى قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس، حيث كانت الضحية توجد حينها في قاعة رفع الصدمات، قبل إدخالها إلى قسم العناية المركزة حيث خضعت لعملية جراحية لرتق جروح خطيرة في العنق بقياس 10 سنتيمترات تقريبا، وفق ما أكده ل «أخبار اليوم» مصدر طبي. وتمكنت الشرطة من إيقاف المشتبه به بعد تحديد هويته، بناء على معلومات وفرها أعوان السلطة العاملون بالنفوذ الترابي للملحقة الإدارية 24، إذ جرى اعتقاله من داخل منزل أحد أقربائه في حي المجمع الحسني بمقاطعة بني مكادة، وتم اقتياده إلى ولاية الأمن، حيث تم وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية بناء على تعليمات النيابة العامة المختصة. وكان البلاغ الأول لولاية أمن طنجة، رجح فرضية وجود معرفة متبادلة بين الضحية وبين الظنين، والذي يبلغ من العمر 29 سنة، أعزب وعاطل عن العمل، ويقيم بصفة مؤقتة بمدينة طنجة، بحسب ما أظهرته التحريات المنجزة من لدن الشرطة، في حين لا تزال التفاصيل الأخرى محاطة بسرية البحث القضائي الذي يجري تحت إشراف الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف. في سياق متصل، أكد مصدر طبي ل «أخبار اليوم»، أن الحالة الصحية للسائحة الألمانية تحسنت بعدما تكللت العملية الجراحية بنجاح، إذ تم نقلها في اليوم الموالي من المستشفى الجهوي محمد الخامس، إلى مصحة خاصة، بناء على تعليمات والي جهة طنجة محمد امهيدية، حيث تتلقى رعاية طبية عالية بعدما تجاوزت مرحلة الخطر. من جهة أخرى، تعرف مدينة طنجة في الآونة الأخيرة ارتفاع منسوب الجريمة، وخاصة السرقة المقرونة بالخطف باستعمال دراجات نارية، إذ تلقت الدوائر الأمنية عشرات الشكاوى خلال النصف الأول من شهر يونيو، في حين تجد المصالح الأمنية صعوبة في الوصول إلى الأشخاص المتورطين في هذه الجرائم، وذلك بسبب النقص الحاد في الموارد البشرية التابعة لمصالح ولاية أمن طنجة.