تطور جديد في محاكمة الشبكة المتخصصة في الإجهاض السرّي بمراكش، فقد قرّرت الغرفة الجنحية التلبسية بابتدائية المدينة، صباح أول أمس الجمعة، أن تعقدها ابتداءً من جلستها الخامسة، المقرّر التئامها بتاريخ 11 يونيو المقبل، في إطار جلسات علنية وخاصة فقط بالمتهمين في هذا الملف المثير للجدل. وقد عرفت جلسة أمس مرافعتين مثيرتين للنقيبين السابقين لهيئة المحامين بمراكش، إبراهيم صادوق ومولاي عبد اللطيف احتيتش، المؤازرين لمتهمين يتابعان في حالة اعتقال، فبينما اعتبر الأول بأن الملف تم تضخيمه من طرف من سمّاهم ب»المنتسبين للإعلام»، نافيا بأن يكون الأمر يتعلق بشبكة للإجهاض السرّي، طالب الثاني بالسراح المؤقت لموكليه، داعيا المحكمة إلى عدم التأثر بما يتم تداوله من طرف «هؤلاء المنتسبين للجسم الإعلامي». وقد نفى رئيس الغرفة، القاضي سيداتي ماء العينين، أي تأثر مفترض للمحكمة بما يتم تداوله حول الملف من طرف المنابر الإعلامية، قبل أن يقرّر إرجاء القضية للجلسة المذكورة، التي من المقرّر أن تعتبر فيها الغرفة الملف جاهزا للبت، وتفتح خلالها الباب أمام المرافعات. هذا، وقد توصلت المحكمة بمحضر جديد لتسجيلات صوتية لمكالمات هاتفية أجراها المتهمون، بمن فيهم متهم محوري في القضية، يُدعى «محمود.ه»، يعمل مسيرا لملهى ليلي، والذي سبق لفرقة الأخلاق العامة أن حجزت هاتفه النقال وأحالته على المختبر الجهوي لتحليل الآثار الرقمية، التابع لولاية أمن مراكش، من أجل إخضاعه لخبرة تقنية. ويتابع محمود، الذي يقدّم نفسه على أنه ناشط سياسي ومراسل صحفي لجريدة إلكترونية، يوجد مقرها بفاس، ورئيس لما يسمى ب»النقابة الديمقراطية للصحافة المغربية»، (يتابع) في حالة سراح بتهمة «المشاركة في الإجهاض بصفة معتادة»، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 449 و450 من القانون الجنائي، على خلفية الاشتباه في أنه كان يضع شقته المفروشة بحي «كَليز» رهن إشارة المتهم الرئيس في القضية، وهو طبيب متدرب، ليجري فيها عمليات الإجهاض السرّي، التي يتقاضى عنها مبالغ مالية تتراوح بين 2000 و3500 درهم للعملية الواحدة، فيما كان يتولى الطبيب توفير الخمور ومخدر الكوكايين، خلال سهراته الخاصة مع مسير الملهى بالشقة نفسها. وسبق لمختبر تحليل الآثار الرقمية أن وضع رهن إشارة العدالة قرصا مدمجا فرّغ فيه محتويات تسجيلين صوتين آخرين كان يحتوي عليهما الهاتف المحجوز، ويتعلقان بمكالمتين هاتفتين، إحداهما مطولة، تتجاوز مدتها 29 دقيقة، أجراها مع شخص يُدعى «طارق.ح»، خلص محضر البحث التمهيدي الخاص بالمتهم نفسه، إلى أنها «تتمحور كلها حول القضية والتدخلات التي قام بها المتهم محمود.ه لدى هيئة المحكمة من أجل العمل على الإفراج عن صديقيه أنس وزكرياء المعتقلين في ذات القضية». أما المكالمة الثانية فقد أجراها مع فتاة تُدعى «فدوى.ت»، متابعة، في حالة سراح، في الملف نفسه، بجنحتي «الفساد، وإجهاض امرأة لنفسها عمدا»، المنصوص عليهما وعلى عقوبتهما في الفصلين 490 و454 من القانون الجنائي، وكان يستفسرها فيها عن وقائع القضية، وعمّا إذا كان موضوع بحث من طرف الشرطة، وقد ورد في التفريغ الذي قام به الأمن للحوار بينهما أنه خاطبها قائلا إنه شاهدها في المحكمة، خلال انعقاد الجلسة الأولى من محاكمة المتهمين، قبل أن ترد عليه بأنها بدورها شاهدته، ولكنها تظاهرت بأنها لم تره لأنه مبحوث عنه، كما أخبرته فيها بأنها صرحت أمام الضابطة القضائية بعدم معرفتها له، وقد حدث ذلك والمتهم محمود كان وقتها موضوع مذكرة بحث، التي صدرت في حقه، بتاريخ 25 أبريل المنصرم، قبل أن يتقدم من تلقاء نفسه إلى الشرطة، حوالي الساعة الثانية من بعد زوال يوم 29 من الشهر نفسه، ويتم الاستماع إليه في محضر رسمي، ويوضع تحت الحراسة النظرية، ابتداءً من الساعة السادسة من مساء اليوم ذاته، ليتم تقديمه، حوالي الساعة التاسعة من صباح اليوم الموالي، أمام أحد نواب وكيل الملك لدى ابتدائية المدينة، ليتقرّر إخلاء سبيله مقابل كفالة بمليون سنتيم، رغم أن البحث القضائي التمهيدي خلص إلى أن جنحة «تكوين شبكة إجرامية متخصصة في الإجهاض والمساعدة عليها والمشاركة فيها» ثابتة في حقه، ورغم رفضه المثول أمام الشرطة، وسوابقه القضائية، إذ سبق أن أجري له تقديم أمام العدالة في ملفين سابقين، أحدهما بتاريخ 10 شتنبر من 2015، من أجل «إهانة موظف عمومي أثناء مزاولته لمهامه»، والثاني، بتاريخ 24 نونبر من 2016، من أجل «السكر العلني وانتحل صفة». وإلى جانب محمود (29 سنة) وفدوى (32 سنة)، المتابعين في حالة سراح، تتابع النيابة العامة أربعة متهمين آخرين في الملف، في حالة اعتقال، ويوجد على رأسهم طالب في السنة الخامسة بكلية الطب بمراكش، يُدعى «الشرقاوي.ب» (34 سنة)، ويلاحق بصك اتهام يتعلق ب»الإجهاض بصفة معتادة، والتحريض عليه، واستهلاك المخدرات، والمشاركة في إصدار قرار كاذب فيه تستر عن وجود عجز بقصد المحاباة، والمشاركة في تزوير محرّر عرفي واستعماله»، كما يتابع معه رُبّان طائرة متدرب، يسمى «محمد علي.ب» (26 سنة)، بتهم: «الفساد، والتغرير بقاصر وهتك عرضها بدون عنف، والإجهاض بصفة معتادة، والتحريض عليه، وفي تزوير محرّر عرفي واستعماله، وبيع الأدوية بدون ترخيص». ويوجد معهما، أيضا، رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن «الأوداية»، طبيبان داخليان، «أنس.ش» (28 سنة) و»زكرياء.ب» (29 سنة)، يتابعان دراستهما الجامعية في السنة السابعة بكلية الطب بمراكش، وتلاحقهما النيابة العامة بتهم: «الإجهاض بصفة معتادة والتحريض عليه، وإصدار قرار كاذب فيه تستر عن وجود عجز بقصد المحاباة، والتزوير في محرّر عرفي واستعماله».