حظي الحريق المهول الذي أتى على كاتدرائية نوتردام وسط باريس العاصمة بمتابعة واسعة من قبل المغاربة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي التي عجت بردود فعل متعاطفة مع باريس من قبل البعض، وأخرى منتقدة للمبالغة في التعاطف. التعليقات المتعاطفة مع باريس أبدت استياءها مما لحق الكاتدرائية، التي تعتبر “معلمة تاريخية ورمزية، وذات حمولة تاريخية في فرنسا وفي العالم”، معتبرة أن ألسنة النيران التهمت واحدة من المعالم الأثرية التي ظلت صامدة طوال الأزمنة التي تعاقبت عليها، ومحجا لزيارات السياح من جميع بقاع العالم. ووسط التعاطف الكبير الذي حظيت به فرنسا من قبل البعض، تعالت أصوات أخرى منتقدة لهذا الانتقاء في التعامل مع أحداث وقضايا مشابهة، “وربما أكثر مأساوية”، بحسب عدد من التدوينات، والمبالغة في “البكائيات”، حينما يتعلق الأمر بفرنسا أو بدول غربية، “علما أن العديد من البلدان العربية كالعراق وسوريا وليبيا تعرضت العديد من معالمها التاريخية للتخريب والنهب والضياع نتيجة الحروب، دون أن يلقى الأمر حجم التعاطف نفسه”. وفي هذا الصدد، قال أحد المدونين على الفيسبوك: “نحن العرب أصبحنا مع الأسف نفضل الغرب على أنفسنا، فهو مقدس وأعلى من قيمنا، هذا هو الواقع العربي، وهذا هو نتاج التبعية الاستعمارية التي رسخها الغرب في بلادنا بالتعاون مع الخونة وصلت إلى حد احتلال العقل العربي”. من جهة أخرى، ذهبت تعليقات على الفيسبوك إلى استحسان الخطوة التي أقدم عليها أحد أثرياء باريس، حينما قرر التبرع ب 200 مليون أورو لصالح إعادة بناء الكاتدرائية، الخطوة دفعت بعض المدونين إلى المقارنة بين أثرياء باريس ونظرائهم في المغرب بشكل ساخر. واعتبرت إحدى التدوينات أن المسارعة إلى التبرع من أجل إعادة بناء نوتردام “يترجم السلوك الوطني الذي يولي أهمية كبيرة للقيم الجميلة”، مع الإشارة إلى أن الخطوة تحمل، أيضا، الكثير من الاعتبارات الاقتصادية، ذلك لأن “أن الكاتدرائية تحظى بزيارة 30 ألف سائح سنويا، وهو ما يعني أن معالم وحدائق باريس وقصورها ثروة لا مادية ومادية، في الآن نفسه، تحقق مداخيل ضخمة للبلاد ولأثرياء البلاد، أيضا”. يُذكر أن الملك محمد السادس، وعقب الحريق الذي اندلع في الكاتدرائية، بعث ببرقية إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يعرب فيها عن دعم المغرب وتضامنه مع فرنسا. وعبّر بالمناسبة “باسمه وباسم الشعب المغرب عن بالغ تأثره بخبر الحريق الذي دمر الكاتدرائية”. كما عبر الملك عن مشاعر تضامنه مع الشعب الفرنسي، الذي تعتبر كاتدرائية نوتردام من رموز تاريخ بلاده، معتبرا أن “الكارثة لا تمس فقط، بواحدة من المعالم التاريخية ذات الحمولة الرمزية الكبيرة لمدينة باريس، بل، أيضا، مكانا للعبادة لملايين الأشخاص عبر العالم”. 6