بعد تواري فاعلين عن المشهد السياسي إما بسبب رفض أحزابهم تزكيتهم، أو لسقوطهم المدوي في الانتخابات أو على إثر طعون انتخابية، وجه سياسي بارز آخر تتم الإطاحة به في إقليم الرحامنة، فقد قضت المحكمة الدستورية، الأربعاء المنصرم، بإقالة عبدالسلام الباكوري، الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بمراكش، من عضوية مجلس النواب عن الدائرة الانتخابية المحلية “الرحامنة”، وصرّحت بشغور المقعد الذي كان يشغله، مع دعوة المترشح الذي ورد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية، بعد آخر منتخب من نفس اللائحة، لشغل المقعد الشاغر، طبقا لأحكام المادة 90 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ويتعلق الأمر بالمرتب ثالثا في لائحة “البام”، عبدالحق الفائق، الذي يعمل محاسبا بمراكش. وعللت المحكمة الدستورية قرارها، الذي جاء بناءً على طلب من وزير العدل، محمد أوجار، بأن عضوية الباكوري في مجلس النواب توجد في حالة تناف، موضحة بأنه انتخب رئيسا لمجلس جماعة “رأس عين الرحامنة”، بتاريخ 16 شتنبر من 2015، وبعد ذلك انتخب رئيسا لمجموعة الجماعات “الرحامنة الجنوبية”، بتاريخ 18 فبراير من 2016، ثم انتخب عضوا بمجلس النواب، برسم اقتراع 7 أكتوبر من السنة نفسها، مما يجعل عضويته بالمجلس المذكور في حالة تناف، استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، والتي تشدد على أنه”تتنافى العضوية في مجلس النواب مع رئاسة مجلس جهة. كما تتنافى مع أكثر من رئاسة واحدة لغرفة مهنية أو لمجلس جماعة أو مجلس عمالة أو إقليم أو مجلس مقاطعة جماعية أو مجموعة تؤسسها جماعات ترابية”. وأضافت المحكمة بأنه اكتفى في مذكرته الجوابية، المسجلة بالأمانة العامة للمجلس الدستوري،بتاريخ 25 مارس الفارط، بإثارة دفوع شكلية، وبالتصريح أنه “يحتفظ بحقه في تسوية وضعيته وتقديم استقالته من رئاسة مجموعة الجماعات الرحامنة الجنوبية”، دون الإدلاء بما يثبت أنه استقال من المهام المتنافية مع انتدابه داخل الأجل المقرر قانونا، والمحددة في ظرف الثلاثين يوما التي تلي إعلان النتائج النهائية للانتخاب أو صدور قرار المحكمة الدستورية في حالة نزاع. من جهته، دفع الباكوري بعدم قبول طلب إقالته بعلة أن رسالة وزير العدل لم تتضمن طلبا صريحا للمحكمة الدستورية بإعلان إقالته، إذ اكتفت بإحالة طلب تجريد مقدم من محمد العكرود، رئيس مجلس جماعة “الجبيلات”، من حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي قال بأنه لا صفة له لتقديم الطلب المذكور، لكون المشرع حدد، على سبيل الحصر، الجهات الموكول إليها طلب إعلان الإقالة من العضوية في حالات التنافي وهي مكتب مجلس النواب أو وزير العدل، فضلا عن كون الطلب لم يستوف الشروط الشكلية والجوهرية الواجب توفرها في “عرائض الطعن”، وقُدّم بعد انصرام أجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ الإعلان عن نتيجة الاقتراع. في المقابل، اعتبرت المحكمة الدستورية بأن طلب وزير العدل يهدف إلى إعلان إقالة الباكوري من عضوية مجلس النواب بسبب وجوده في حالة تناف، فضلا عن أن موضوع النازلة لا يتعلق بمنازعة انتخابية، وإنما يتعلق بطلب إعلان إقالته من عضويته بمجلس النواب بسبب حالة التنافي، ولا يخضع، بالتالي، لنفس الشروط الشكلية والآجال المقررة بخصوص المنازعات الانتخابية، وإنما لأحكام الفقرة الأولى من المادة 17 والفقرة الأولى من المادة 18 من القانون التنظيمي لمجلس النواب.