يبدو أن الترسانة القانونية التي وضعتها وزارتا الداخلية والسكنى والتعمير وسياسة المدينة، من أجل زجر مخالفات البناء وتجاوزات النشاط العقاري، ما تزال بعيدة عن تحقيق الغايات المنتظرة منها، في عدة مناطق من التراب الوطني، ومنها عمالة طنجةأصيلة، وعمالة إقليم فحص أنجرة، ذلك أن المعطيات على الأرض، تفيد بانهزام مخططات الحكومة ومجهودات الإدارة المحلية في محاربة فوضى قطاع التعمير. وسجلت الوكالة الحضرية بطنجة خلال السنة الماضية، حصيلة ثقيلة لمخالفات التعمير في أوراش بناء المشاريع السكنية الصغرى والكبيرة، بلغ مجموعها 616 مخالفة بناء غير منظم، منها 131 مخالفة في تراب عمالة فحص أنجرة، ما يجعل ظاهرة المخالفات بحسب الوكالة الحضرية “جد معقدة” و”تشوه المشهد الحضري والقروي”. وجاء في تقرير الحصيلة السنوية للوكالة الحضرية خلال انعقاد مجلسها الإداري، صباح يوم الجمعة الماضية، والذي عرف غياب وزير الإسكان وسياسة المدينة عبد الأحد الفاسي الفهري، أنه تم جرد طبيعة مخالفات التعمير التي تتحدى القانون في تراب عمالة طنجة، وإقليم فحص أنجرة، حسب ما سجلته لجنة اليقظة ومراقبة الأوراش. أنواع المخافات بحسب نفس المصدر، تتوزع بين تشييد بناءات بدون ترخيص، ومخالفة مقتضيات الرخص المسلمة، وعدم احترامها، والبناء في مناطق محرمة، والبناء فوق الملك العمومي والخاص للدولة دون تراخيص مسبقة، وتغيير المساحة المباح بناؤها والعلو المسموح به، والأحجام، والواجهات، والمواقع المأذون فيها بالبناء، إضافة إلى الغش في المواد المستعملة في البناء. واعترف تقرير حصيلة الوكالة الحضرية لطنجة، الذي حصلت «أخبار اليوم» على نسخة منه، بوجود إكراهات موضوعية تعزى إليها ضعف النجاعة في محاربة المخالفين لمقتضيات قانون التعمير، وتتمثل أساسا في “محدودية الوسائل اللوجستية والبشرية التي يعهد إليها مباشرة إجراءات مراقبة وزجر مخالفات التعمير، خاصة في ما يتعلق بمدى مطابقة الأشغال المنجزة للتصاميم المرخصة، والتزامات دفاتر تحملات المشاريع. لأجل ذلك، وضعت الوكالة الحضرية بمعية كافة المتدخلين المعنيين بتطبيق مقتضيات القانون 66-12، خطة عملية، نصت على تخصيص يومين اثنين في الأسبوع قصد القيام بالمراقبة الفورية الفجائية والتلقائية للأوراش، مع تخصيص خمس فرق للمعاينة والمراقبة، قصد تغطية أكبر عدد من المشاريع في المجال الترابي لنفوذ الوكالة. كما اقترحت الوكالة الحضرية في نفس السياق، تحسيس المهندسين المعماريين بضرورة تنظيم تدابير افتتاح وإغلاق الأوراش، وإلزامية فتح دفتر يتضمن جميع معلومات وبيانات الورش، من أجل ضمان افتحاصه وتتبعه من طرف مراقبي التعمير. بدوره توعد والي الجهة محمد امهيدية، المستثمرين في مجال العقار الذين لا يحترمون نطاقات التخطيط الترابي والتراخيص المسلمة لهم، بعدم السماح لهم من أجل شرعنة المخالفات التي يرتكبونها عبر آلية “تسوية الوضعية”، والتي كرست منطق “الضسارة” في ميدان العقار بعاصمة البوغاز خلال الفترات السابقة. وقال محمد امهيدية خلال كلمة له أمام أعضاء المجلس الإداري للوكالة الحضرية، إن ملفات التعمير يجب الاشتغال عليها بمنطق التدبير اللامادي لكي يتحمل كل واحد مسؤوليته، مضيفا بأنه لن يتعامل بمبدأ “عفا الله عما سلف” بدعوى أن المخالفين ينتظرون منذ أزيد من 4 سنوات من أجل تسوية وضعيتهم، لأن المخالف للقانون لا بد أن يدفع ثمن مخالفاته، بحسب قوله.