المحكمة الجنائية الدولية تأمر باعتقال رئيس وزراء "إسرائيل" ووزير دفاعه السابق    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34        البطولة الوطنية الاحترافية لأندية القسم الأول لكرة القدم (الدورة 11): "ديربي صامت" بدون حضور الجماهير بين الرجاء والوداد!    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية        "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرقة مراقبة التعمير بوجدة.. «شرطة» في حاجة إلى إطار قانوني يحميها
منحها استقلالية وصفة الشرطة القضائية يضاعف فعالياتها في ظل مشروع قانون رقم 66.12
نشر في المساء يوم 11 - 01 - 2015

تجربة فريدة من نوعها في المغرب انطلقت بمدينة وجدة، في ماي 2007، وينتظر تعميمها، تهدف إلى تجاوز الاختلالات المجالية التي تعاني منها هاته المدينة الألفية، من انتشار السكن غير القانوني وتدهور النسيج العمراني، ومراقبة الأوراش المفتوحة وتحديد ومتابعة المخالفات المرصودة في ميدان التعمير وتتبع المساطر المعمول بها وذلك لتجاوز الصعوبات الناتجة عن كثرة المتدخلين في الميدان.

أعطيت، صباح الثلاثاء 15 ماي2007، انطلاقة عملية إخراج مجموعة شرطة التعمير، التي تعد إلى يومنا هذا مبادرة فريدة من نوعها في المغرب، إلى حيز الوجود، وهي مكونة من 56 فردا، منهم 3 من فئة الأطر والأطر العليا، و46 من فئة التقنيين و7 من فئة الأعوان، مجهزين بآليات ومعدات للعمل، منها 40 دراجة نارية وأربع سيارات وشاحنة وآلة للهدم، لتغطي مساحة أمتار من 700 هكتار ل120 حيا تقطنها 250 ألف نسمة من مدينة وجدة، وتمكينهم من التدخل بمقاطعات سيدي إدريس القاضي وسيدي زيان وواد الناشف/سدي معافة وسيدي يحيى والجماعات القروية إسلي، وأهل أنكاد، وسيدي موسى لمهاية.
إحداث فرقة مراقبة التعمير
تم إحداث «فرقة مراقبة التعمير» (بعد أن كانت في بداية الأمر تسمى «شرطة التعمير») بموجب اتفاقية شراكة أولى خلال سنة 2007 بين كل من وزارة الإسكان والتعمير، وولاية الجهة الشرقية عمالة وجدة انجاد، والجماعة الحضرية لوجدة، والوكالة الحضرية لوجدة، اعتمادا على مجموعة من النصوص القانونية (القانون 90-12 المتعلق بالتعمير وكذا المرسوم القاضي بتطبيقه، والقانون 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات وكذا المرسوم القاضي بتطبيقه، والقانون 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي، والظهير الشريف رقم 1.75.168 بمثابة القانون المتعلق باختصاصات العمال، ومجموعة من الدوريات والمنشورات الوزارية المتعلقة بضبط وزجر المخالفات في ميدان البناء والتعمير.
وبتاريخ 28 مارس 2014، تم تجديد هذه الاتفاقية من أجل دعم وتسيير شرطة التعمير بين كل من ولاية الجهة الشرقية /عمالة وجدة أنجاد، ومجلس عمالة وجدة أنجاد، والجماعة الحضرية لوجدة، والوكالة الحضرية لوجدة، بهدف الحد من انتشار السكن غير القانوني، والرفع من جودة الإطار المبني والمشهد الحضري عبر التأكد من احترام التصاميم المرخصة والتدخل المباشر والفوري لوقف المخالفات المرتكبة، وتوحيد الجهود المبذولة في مجال محاربة السكن غير اللائق والتنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال مراقبة أوراش البناء .
وتشتغل فرقة مراقبة التعمير، التي تم إحداث مصلحة لها ومقر خاص بها بمركز عمر بن عمر بجماعة سيدي إدريس القاضي، بفريق من 26 فردا، 9 موظفين و17 من أعوان المراقبة، (انطلقت مجموعة مراقبة التعمير ب56 فردا منهم 3 من فئة الأطر والأطر العليا و46 من فئة التقنيين و7 من فئة الأعوان). وكلما تطلب الأمر تدخل فرقة من شرطة التعمير في حالة مخالفة، يطلب دعم من رجال الأمن والقوات المساعدة بهدف إرجاع الأمور إلى نصابها عن طريق الهدم أو توقيف البناء غير القانوني بالقناع والشرح والتوضيح للمخالف.
اختصاصات «فرقة مراقبة التعمير»
عمل فرقة مراقبة التعمير يرتكز على مراقبة الأوراش المفتوحة ومحاربة كل أشكال البناء غير القانوني طبقا للمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل. وتتم هذه العملية من خلال القيام بجولات ميدانية دائمة لمراقبة أوراش البناء والتجزيء، وتكثيف عمليات المراقبة واعتماد نظام الديمومة خلال أيام العطل والأعياد والمناسبات الوطنية، وضبط المخالفات ووقف أشغال الأوراش غير المرخصة، وتحرير محاضر معاينة المخالفات وتتبع المسطرة القضائية في حق المخالفين، وحجز مواد البناء والآليات المستعملة في أشغال البناء غير المرخص لها، وتحسيس الساكنة بضرورة احترام القوانين الجاري بها العمل، وإعداد تقارير شهرية وإبلاغها للسلطات العليا بما فيها المصالح المركزية.
وقد خضع أفراد شرطة التعمير لدورة تكوينية همت الجوانب التقنية والقانونية والتواصلية لعملية المراقبة، ساهم في تنشيط أشغالها مهنيون وأساتذة وأطر إدارية. كما تم رصد 3 ملايين درهم من طرف الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالإسكان والتعمير، حيث تم انتقاء جميع وسائل العمل الضرورية من سيارات متعددة الاستعمال وشاحنة وآلة للهدم ودراجات نارية، كما تم تهييئ مقر خاص بفرقة مراقبة التعمير، والذي هو جزء من البناية التي كانت تؤوي الجماعة الحضرية لسيدي إدريس القاضي سابقا، حيث تم تجهيزه بجميع المعدات والمكاتب الضرورية لسير عمل هذا الجهاز، مع الاستفادة من تكوين في الموضوع يتعلق بمهام وأنشطة شرطة التعمير.
وتضمن برنامج التكوين محاور عديدة همت التذكير بالنصوص القانونية المنظمة للتعمير والبناء وتحرير المحاضر وزجر المخالفات في ميدان التعمير، ثم مهام تنظيم وتسيير فرقة مراقبة التعمير وكل ما يهم التجزئة من التصور إلى التنفيذ والمخالفات في ميدان التعمير والتواصل وتأطير المخالف لتصحيح الوضع.
ولخص محمد الإبراهيمي والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنجاد الأسبق، بعد تسليم مفاتيح الآليات والمعدات، أهداف شرطة التعمير في الحد من انتشار أحياء السكن غير القانوني والرفع من جودة الإطار المبني والمشهد الحضري والتوفر على مخاطب واحد يتحمل المسؤولية في ميدان المراقبة وتوحيد الجهود المبذولة وترشيد الموارد البشرية المخصصة للمراقبة. كما أشار إلى الشركاء في العملية الفريدة من نوعها، وهم الوزارة المنتدبة المكلفة بالإسكان والتعمير وولاية الجهة الشرقية والجماعة الحضرية لوجدة والوكالة الحضرية لوجدة.
«لكن يبقى الأهم هو التنسيق المستمر بين السلطات المحلية والوكالة الحضرية والمحكمة في متابعة الملفات وتطبيق النصوص القانونية وتنفيذ الأحكام واستخلاص المخالفات...»، يوضح أحد المسؤولين «وإلا كان الأمر غير ذلك الذي تم من أجله إحداث هذه الشرطة».
ويرى مسؤولو الوكالة الحضرية أن نجاح هذا الجهاز في أداء مهامه رهين بمدى الدعم المقدم له من طرف كافة المتدخلين والفاعلين المحليين قصد مواكبة المشروع الحضري الضخم الذي تشهده مدينة وجدة ومحيطها، حتى يمكن لهذه المدينة الألفية أن توفر إطارا ملائما للعيش وتعكس صورة لمشهد حضري سليم وقادر على جلب الاستثمارات الضرورية لتحريك عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

آلاف المخالفات وتوقيف البناء العشوائي
تمكنت فرقة مراقبة التعمير منذ انطلاقتها في منتصف شهر ماي 2007 بمدينة وجدة من ضبط آلاف المخالفات تهم التعمير، سجلت بالنسيج المنظم والنسيج غير المنظم، كما أحيلت مئات الملفات على المحكمة، دون الحديث عن ارتفاع نسبة مداخيل مصلحة البناء بالجماعة الحضرية، كما تم استخلاص مبالغ مالية مهمة لفائدة ميزانية الجماعة.
وبلغ عدد هذه المخالفات خلال الأربع سنوات الأخيرة (2011 و2012 و2013 و2014) ما مجموعه 1379 ملفا محالا على المحكمة الابتدائية و264 عملية هدم و219 عملية حجز، كما يلاحظ ازدياد نشاط هذه المصلحة منذ تعيين شاب من الأطر العليا مسؤولا جديدا مع بداية سنة 2014، رغم تقلص عدد المراقبين وتقادم آليات التحرك قبل أن تسعد المصلحة هذا الشهر بتسلمها 16 دراجة نارية لتعويض الدراجات النارية التي سلمتها في بداية إحداث فرقة مراقبة التعمير ماي 2007.
وسجلت هذه السنة تراجعا كبيرا في عدد الملفات المحالة على المحكمة الابتدائية بالنسبة للسنوات الماضية، حيث تمت إحالة حوالي 100 ملف على القضاء مقارنة مع السنة الماضية 2013 التي سجلت 201 (في الوقت الذي سجلت سنة 2012 ما مجموعه 489 وسنة 2011 عدد 590)، كما بلغ عدد عمليات الهدم سنة 2014، 39 عملية مقابل 37 سنة 2013 (في حين بلغت سنة 2012، 100 وسنة 2011 ما مجموعه 88)، أما عدد عمليات الحجز فبلغت 63 سنة 2014، مقابل 38 سنة 2013 (وسجلت سنة 2012 ما مجموعه 23 عملية وسنة 2011، 95 عملية حجز).
آليات ضبط وزجر المخالفات
تعمل الفرقة، إضافة إلى المهام المنوطة بها في مجال المراقبة وضبط المخالفات، على التنسيق مع كافة المتدخلين في ميدان التعمير، وكذلك الحرص على احترام الشكليات أثناء تحرير محاضر المعاينات كما هو منصوص عليها، خاصة في قانون المسطرة الجنائية والإسراع بإحالة محاضر المخالفات على المحكمة، والسهر على تهييء الملفات وتجهيزها لضمان البت فيها من طرف القضاء بدون تأخير، والتركيز على الحالات التي تشكل فيها المخالفة إخلالا خطيرا بضوابط البناء والتعمير والتي يستحيل التغاضي عنها أو التقليل من خطورتها، كما هو الشأن بالنسبة للبناء غير المرخص أو إضافة طابق أو أكثر أو القيام بإحداث تجزئة بدون الحصول على ترخيص.
الملفات المحالة على المحكمة خضعت جميعها لمسطرة إدارية وقانونية مضبوطة، إذ قبل أن يوجه الملف إلى المحكمة يخضع إلى مراحل محددة منصوص عليها في القوانين المعمول بها في ميدان التعمير والتجزيء، وتبدأ بالمعاينة الميدانية للورش وضبط المخالفة من طرف أعوان فرقة مراقبة التعمير المحلفين أو الأعوان والموظفين المحلفين المخولين قانونيا لضبط مخالفات البناء و التعمير، وبعد الحصول على هوية المخالف والتحقق منها يتم تحرير محضر ضده وتوجيهه في أقصر أجل إلى رئيس المجلس الجماعي والسيد والي الجهة. وإذا كانت أشغال البناء في طور الإنجاز يصدر رئيس المجلس الجماعي فور تسلمه للمحضر أمرا إلى المخالف بوقف أشغال البناء في الحال، كما يتم إيداع شكوى لدى وكيل الملك قصد متابعة المخالف ويضيف إليها نسخة من الإعذار.
وقد يصل الأمر إلى إصدار قرار هدم صادر عن والي الجهة يأمر بهدم جميع أو بعض البناء المخالف للضوابط المقررة، ولا يحول هدم البناء دون إجراء المتابعة القضائية ضد المخالف ولا يترتب عنه انقضاء المتابعة إذا كانت جارية.
وتعمل الإدارة على إصدار أمر باتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة، ويكون ذلك إما بإيقاف أشغال البناء التي هي في طور الإنجاز أو هدم الأشغال المنجزة، غير أنه في معظم الحالات يجب الرجوع إلى السلطة القضائية حتى ينال مرتكب المخالفة جزاءه وحتى تتسنى إزالة البناء غير القانوني إن اقتضى الحال. ويتعين على المحكمة الحكم على المخالف إما بأداء غرامة مالية فقط إن امتثل هذا الأخير لأمر العامل القاضي بالهدم أو في حال قامت السلطة المحلية بذلك.
مشاكل وإكراهات تواجه أعوان المراقبة
يواجه الأعوان المكلفون ببعض «مهام الشرطة القضائية» في ميدان التعمير والبناء (كما جاء في إحدى مداخلات اجتماع الهيئة العليا حول تأهيل الموارد البشرية، شتنبر 2012، الشرطة القضائية/ التعمير والبناء) مجموعة من المشاكل والإكراهات في أدائهم، بعضها ذو طبيعة لوجيستيكية وبعضها الآخر له طابع قانوني ومسطري.
ومن الإكراهات القانونية والمسطرية ضعف التدابير المتعلقة بالمراقبة التقنية وضعف ضمانات الحماية القانونية للمكلفين بالمراقبة وغياب التحفيزات الضرورية، وعدم وضوح المقتضيات الخاصة بالانتهاكات الجماعية للمجال العمراني التي تشكلها جرائم دور الصفيح والبناء العشوائي باستثناء مقتضيات التقسيم العشوائي والتجزيء السري، وتعدد الأطراف المتدخلة في مجال المراقبة وتداخل المسؤوليات وما يمكن أن ينجم عن ذلك من تواكل وتملص من القيام بالواجب، وازدواجية مسطرة المراقبة بين الإداري والقضائي وارتهان بعض أجزاء المسطرة القضائية لبعض تدابير المسطرة الإدارية، ومحدودية نطاق تجريم الانتهاكات الخطيرة وعدم ردعية العقوبات المنصوص عليها وعدم تناسبها مع خطورة الأفعال المرتكبة وتحول بعضها إلى أداة لتحصين المخالفات وتبييضها، وضعف الموارد البشرية من حيث العدد ومن حيث التكوين والتأهيل في المجال القانوني والتقني، وضعف التنسيق بين السلطات المختصة، خصوصا بين الإدارات المتدخلة من جهة وبين هذه الأخيرة والنيابة العامة فيما يخص ممارسة رقابة على تحرير المحاضر وإحالتها وفقا للشكليات والآجال المحددة.
وهناك إكراهات أخرى تتعلق بصعوبة ولوج الأوراش، خصوصا في المحلات المشغلة، وتردد بعض الموظفين والموظفات للقيام بزيارة الأوراش في غياب تأمين حماية قانونية كافية وفي غياب مؤازرة من القوة العمومية أو ممثل النيابة العامة، وصعوبة الحصول على المعلومات الضرورية لتعبئة المحاضر وفقا للشكليات المطلوبة وغياب التنسيق من أعوان السلطة القريبين من مواقع الأوراش المخالفة مع المكلفين بالمراقبة، وعدم تفعيل بعض رؤساء المجالس الجماعية لإجراءات تحريك المتابعة القضائية، والانزلاقات في استعمال الصلاحيات القانونية المرتبطة بالتدبير الحضري ومراقبة الأوراش، وعدم تفعيل السلطة المحلية لأوامر هدم الخروقات وتنفيذها، وانتقائية وموسمية عمليات المراقبة، وعدم حكم بهدم الأبنية والتجهيزات المنجزة بدون إذن سابق، والاكتفاء بتوقيع الحد الأدنى من الغرامات وشيوع النزوع إلى ظروف التخفيف، وتفشي حالات تسليم الشهادة الإدارية المنصوص عليها في المادتين 35 و61 من قانون 25.90، مما أفرز تقسيمات عشوائية بتراخيص إدارية غير قانونية يعتمد عليها العدول والموثقون والمحافظون على الأملاك العقارية ومأمورو مصلحة التسجيل في تحرير وتلقي وتسجيل العقود المتعلقة بعمليات البيع والقسمة المشار إليها في المادة 58 من قانون 25.90.
تدابير مقترحة لتطوير أداء أعوان المراقبة
لتجاوز هذه الصعوبات، وبهدف تحديث منظومة المراقبة، فقد تم بتعاون بين وزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية إعداد مشروع قانون رقم 66.12 يتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، ويتضمن مجموعة من المقتضيات التي تهدف إلى تفعيل آليات المراقبة وتدعيم الطبيعة الدرعية للزجر ضمن مسعى إرادي للتعامل الصارم مع الخروقات داخل الأوراش المرخصة، والتصدي الحازم للخروقات الجسيمة في الأوراش غير المرخصة والتعاطي الاستباقي والوقائي لمعالجة شمولية لأسباب إنتاج المخالفات والمواكبة الميدانية للأوراش المفتوحة.
المشروع يرتكز على توحيد وتبسيط مسطرة المراقبة وتقوية صلاحيات المراقبين وتخويلهم صفة ضباط الشرطة القضائية للقيام بمهمة إصدار الأمر بإيقاف الأشغال وحجز مواد ومعدات البناء عند الاقتضاء وتوقيف إتمام بناء الورش في حالة عدم الامتثال.
ومن أجل فعالية أكثر وناجعة، من الضروري وضع مصلحة مراقبة التعمير التي تخول لها صفة ضابطة الشرطة القضائية تحت مسؤولية جهة إدارية واحدة، ووضع قاعدة معطيات بلائحة جميع المراقبين المزاولين لمهامهم ووضع مخطط مديري لتكوينهم وتأهيلهم.
المرزوقي: إحداث شرطة للتعمير مسألة إيجابية يعوزها الإطار القانون
أعتقد أنه من المهم جدا التوفر على آليات لمراقبة كل ما يتعلق بالتعمير، وخاصة من ذلك آلية لضبط المخالفات وزجرها. وفي هذا الصدد، فإني اعتبر أن إحداث «شرطة للتعمير» مسألة إيجابية. إلا أنه تنبغي الإشارة إلى أن هذه الخطوة هي فقط عمل تنسيقي يتمثل في جمع كل الجهات المعنية بمتابعة التعمير للخروج جماعة لضبط المخالفات. وقد كان الهدف من وراء إحداثها، إبعاد إمكانية إرشاء الموظفين الذين كانوا يقومون بهذه المهمة بصفة انفرادية.
إلا أن هذه «الشرطة» مع الأسف لا تتوفر على أي إطار قانوني ينظم تشكيلها وصلاحيتها، وهو ما يجعلها بمثابة «لجنة» دون أي سند يُمكن أعضاءها من الاستقلالية العضوية تجاه الأطراف المشكلة لها، ودون أي استقلال وظيفي يعطي لأعمالها صفة إلزامية. هذا زيادة على ما يُمكن أن يطرحه وجودها من إشكاليات قانونية في حالة التعرض لأي اعتداءات.
ولذلك، فإنه من المهم جدا إدماج مقتضيات تهم هذه «الشرطة» في أي تعديلات محتملة لقوانين التعمير، حتى يتم التوفر على آلية قانونية، مستقلة، يكون لمحاضرها قوة إثباتية. وأعتقد أن الخطوة الجوهرية في هذا الصدد، تتمثل في إبعاد المنتخَبين عن التحكم في أشغال هذه الشرطة، وإسناد ذلك لجهة لا تعمل تحت الضغط الانتخابي، من قبيل الوكالات الحضرية.
بن يونس المرزوقي أستاذ باحث بكلية الحقوق بوجدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.