بدأت القضايا الأمنية تأخذ بعدا كبيرا يوميا وعلى مدار الساعة في المغرب، منذ الاعتداء الإرهابي الشنيع بالمنطقة السياحية إمليل، والذي أودى بحياة سائحتين أجنبيتين، لاسيما مع قرب سقوط بلدة الباغوز، آخر معقل لداعش على الأرض في سوريا، ونقل (داعش) معاركها إلى العالم الرقمي مع ترك حرية التصرف لعناصرها أو المتعاطفين معها. هذا ما تؤكده الأعداد الكبيرة للموقوفين المشتبه فيهم بتهم مرتبطة بالإرهاب منذ 17 دجنبر الماضي. ويلاحظ أن كل المعتقلين ينتمون إلى داعش، من بينهم معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب، كما أن أعمارهم تتراوح ما بين 18 و44 عاما. مجموع الأرقام التي تتوفر عليها “أخبار اليوم” يكشف أنه منذ يوم الاثنين 17 دجنبر 2018، تاريخ اعتداء إمليل، إلى حدود يوم أول أمس الخميس، قامت الأجهزة الأمنية المغربية بمختلف تكويناتها بتوقيف 42 عنصرا متطرفا مشتبها فيهم في العديد من مدن جنوب ووسط وشمال المملكة، بما في ذلك مناطق محسوبة على العالم القروي؛ ونشط هؤلاء بكل من قلعة السراغنة وسلا والدار البيضاءوالمحمدية، وسيدي بنور والجديدة ومراكش، والناظور والدرويش؛ وذلك في إطار التصدي للتهديدات الإرهابي؛ ويلاحظ ظهور مدينة المحمدية في عمليتي تفكيك خليتين يوم 23 يناير 2019 ويوم أول أمس الخميس. وعلى غرار العناصر ال20 المتطرفة الموقوفة على خلفية اعتداء إمليل، كان المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تمكن من تفكيك خلية إرهابية، يوم الثلاثاء 8 يناير الماضي، مكونة من ثلاثة أفراد تتراوح أعمارهم ما بين 18 و31 سنة، ينشطون بمدينتي الناظور والدريوش. وأسفرت العملية عن حجز أجهزة إلكترونية وأسلحة بيضاء عبارة عن سيوف وساطور وشاقور ورمح وبندقيتي صيد وخراطيش وبذلات عسكرية ورسوم لأسلحة نارية ومخطوطات تمجد الفكر المتطرف، إضافة إلى كمية من الكبريت وبطاريات وأسلاك كهربائية. كما أن أفراد هذه الخلية الموالين لداعش كانوا بصدد التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية بالمملكة، وذلك بعد اكتساب مهارات في مجال صنع المتفجرات والعبوات الناسفة والسموم. بعد أسبوعين، تمكن، كذلك، المكتب المركزي للأبحاث القضائية من تفكيك خلية إرهابية، تتكون من 13 عنصرا تتراوح أعمارهم بين 22 و44 سنة، من بينهم معتقلان سابقان بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب؛ كانوا ينشطون بكل من قلعة السراغنة وسلا والدار البيضاءوالمحمدية. وتم حجز لدى هذه الخلية أجهزة إلكترونية، وأسلحة بيضاء، وأقنعة، وكتبا تمجد الفكر المتطرف، بالإضافة إلى مخطوط مبايعة تنظيم داعش الإرهابي، وكذا رسالة خطية على شكل وصية تحرض على القتال، عند توقيف أفراد الخلية. علاوة على ذلك، أشارت التحقيقات الأولية إلى أن عناصر هذه الخلية الموالين ل”داعش”، انخرطوا في الدعاية والترويج لهذا التنظيم الإرهابي وخطاباته المتطرفة، وسعيهم لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف المساس بسلامة الأشخاص والنظام العام. فيما ثالث ضربة استباقية ضد داعش بالمغرب هذه السنة، تمت يوم أول أمس الخميس، بعدما تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية من تفكيك خلية إرهابية، بمدن سيدي بنور والجديدة والمحمدية ومراكش. هذه الخلية الإرهابية تتكون من ستة عناصر متطرفة تتراوح أعمارهم بين 27 و40 سنة، من بينهم معتقل سابق بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، كان على صلة بعناصر تنشط بفرع “داعش” بليبيا. خبير أمني رفض الكشف عن هويته، أوضح ل”أخبار اليوم” أن ارتفاع الاعتقالات منذ 17 دجنبر الماضي، يوضح أن “ما حدث في إمليل غير الكثير من الأرقام والمعطيات”، مبرزا أن “هناك أشياء متعددة في هذه الاعتقالات مرتبطة بملف إمليل ولو بشكل غير مباشر”. فيما يرى الخبير المغربي المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية، عبد الرحمان المكاوي، في اتصال مع “أخبار اليوم”، أن أعداد تفكيك الخلايا الإرهابية دوما ما تكون صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، مؤكدا أن “سرعة تفكيك هذه الخلايا والضربات الاستباقية وشل حركاتها، دليل على قدرات المخابرات الداخلية الخارجية على كل محاولات داعش للاستيطان في المغرب وتكوين عصابات مسلحة”. وأضاف أن هذه الاعتقالات تبرز أن “الأجهزة الأمنية في حرب على مدار الساعة على كل هذه الخلايا”. ورفض عبد الرحمان المكاوي بعض التأويلات الغربية المتطرفة التي تربط بين كثرة الاعتقالات و”انتشار” التطرف في المغرب، موضحا أن “المجتمع المغربي ليس حاضنا للإرهاب”، مبينا أن ” المجتمع المغربي هو السند الأول في محاربة الإرهاب وفي فضح واجتثاث هذه الخلايا”. الضربات الاستباقية الثلاث لداعش خلال هذه السنة، كشفت انخراط المشتبه فيهم، الذين أعلنوا ولاءهم ل”داعش”، في الأجندة التخريبية لهذا التنظيم الإرهابي، وذلك من خلال سعيهم للتخطيط لعمليات إرهابية بالمملكة. كما أن هذه العمليات تؤكد استمرار التهديدات الإرهابية، في ظل إصرار المتشبعين بالفكر المتطرف ل"داعش" على خدمة أجندة هذا التنظيم عبر ارتكاب أعمال إرهابية..