سجل ارتفاع كبير في أعداد القاصرين المغاربة الهاربين من بيوت أسرهم وشوارع المملكة، بحثا عن الفردوس الأوروبي عبر “مقبرة المتوسط”، بسبب عودة التجنيد الإجباري في صفوف الشباب والبطالة وتواطؤ العائلات مع الهجرة السرية التي تحولت إلى “مشروع أسري”؛ كل هذا دفع الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (فرونتيكس)، إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من استغلالهم من قبل المافيا. إذ كشف تقرير فرونتيكس أن 3000 مهاجر غير نظامي من بين آلاف المغاربة الواصلين السنة الماضية إلى إسبانيا قدموا أنفسهم على أنهم قاصرون. التقرير السنوي ل”فرونتيكس” الذي قدمته صحيفة “إلباييس” أهم تفاصيله، أشار إلى أن ظاهرة الهجرة السرية للقاصرين غير المصحوبين “لازالت مقلقة”، منبها إلى “خطر إمكانية استغلال هذه المجموعة من قبل الشبكات الإجرامية”. وأضاف أن المقابلات التي أنجزت مع عينة من القاصرين الواصلين إلى إسبانيا تبرز أن الأسر تدفع أو، على الأقل، تساعد أطفالها على الهجرة السرية. التفاصيل التي بسطتها “إلباييس” تفيد أن 64 ألف مهاجر من مختلف الجنسيات من بينهم 3000 قاصر مغربي وصلوا إلى إسبانيا سنة 2018، علما أن القاصرين المغاربة يمثلون أكثر من 50 في المائة من مجموع القاصرين الأجانب ال5500 الواصلين إلى إسبانيا السنة الماضية، وفق آخر أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. إلى جانب ذلك، تبين أرقام الحكومة الإسبانية أن القاصرين المغاربة يمثلون 70 في المائة من أصل 12000 قاصر أجنبي غير المصحوبين تقريبا المقيمين بإسبانيا إلى حدود الساعة. في نفس السياق، أكد تقرير فرونتيكس، بناء على أرقام المفوضية الأوروبية والأمم المتحدة والحكومة الإسبانية، أن المغرب تحول منذ شهر يونيو الماضي إلى البوابة “الرئيسية” للهجرة إلى أوروبا، في إطار “ضغط الهجرة القوي والمستمر”، الذي تتعرض له البوابة الغربية للمتوسط. وأشار، كذلك، إلى أن جزءا كبيرا من هذا الضغط يرتبط بجحافل المهاجرين السريين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، غير أنه أقرَّ بارتفاع عدد المهاجرين السريين المغاربة في الشهور الأخيرة، حيث إن أرقام الحكومة الإسبانية سبق وأكدت أن المغاربة يتربعون على عرش الواصلين إليها بحرا في السنة الماضية، إذ أن عدد المغاربة يفوق 7400 مهاجر سري. وعن أسباب تفاقم ظاهرة هجرة القصر والشباب المغاربة ابتداء من يونيو الماضي، أورد التقرير أن عودة السلطات المغربية إلى اعتماد التجنيد الإجباري في صفوف الرجال والنساء ما بين 19 و25 عاما، تعتبر أحد العوامل التي تحفز المغاربة على الهجرة. كما استشهد، أيضا، بما ورد في وثيقة أنجزتها المفوضية الأوروبية تقول إن “معدل البطالة في المغرب بلغ 10 في المائة، كما أن معدل الشغل لا يتجاوز 45 في المائة”. وأردفت الوثيقة الأوروبية أن أكثر المشاكل إلحاحًا في المغرب هي البطالة بين الخريجين الشباب في المدن، الذين هم أكثر عرضة للهجرة؛ فضلاً عن اللامساواة الاجتماعية والإقليمية. إلى جانب “التراجع النسبي في حقوق الإنسان في بعض المناطق، مثل حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والحق في الاحتجاج”، باعتبارها أسبابا تدفع الشباب نحو الهجرة. وعرج التقرير، كذلك، على التنسيق بين الاتحاد الأوروبي وإسبانيا والمغرب لمحاربة أكبر أزمة للهجرة السرية في غرب المتوسط في القرن الحالي، إذ أوضح أن هناك نوعا من الارتباط بين الدعم الأوروبي وحرص المغرب على حماية حدوده. وتابع أنه يلاحظ بشكل دوري ومتكرر ارتفاع دوريات الأمن لمحاربة الهجرة السرية، عندما تكون نتائج المفاوضات بين الرباط وبروكسيل أو بين الرباط ومدريد إيجابية.