عقدت الجمعية المغربية لحماية المال العام، لقاء مع رئاسة النيابة العامة بالرباط، حول قضايا الفساد المعروضة على القضاء، والمقدمة من طرف الجمعية إلى النيابات العامة المختصة، والتي عرفت تأخرا كبيرا في الحسم فيها. وهو اللقاء الذي كشف فيه محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في اتصال مع “أخبار اليوم”، أنه تناول كل الصعوبات والمشاكل التي تعترض سير قضايا الفساد ونهب المال العام، سواء أثناء البحث أو التحقيق أو المحاكمة، لتؤكد جمعيته على دور القضاء في التصدي للفساد والرشوة ونهب المال العام، وأنه من الضروري أن يساهم في تخليق الحياة العامة ومواجهة الإفلات من العقاب في الجرائم المالية والاقتصادية. لقاء الجمعية المغربية لحماية المال العام مع رئاسة النيابة العامة، استعرض الملفات الشائكة والعالقة لقضايا الفساد، التي طال أمدها، مثل اختلالات البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي لم ينته البحث فيه، خاصة أن هذا البرنامج خصصت له أموال هامة، كما تناول اللقاء ذاته ملف بنسودة، والذي اعتبرته النيابة العامة من الملفات التي تحتاج إلى وقت للبحث فيه والتأكد من المعطيات المرتبطة به، وأكدت رئاسة النيابة العامة أن ملفات الفساد المالي الضخمة بطبيعتها تتطلب الوقت، ودراسة الصفقات والوثائق، والاستماع لعدد من الأطراف، ولا يمكن تحديد الأمد الزمني على حسب طبيعة كل ملف والتعقيدات المرتبطة به. وتناول اللقاء مع عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، بعض الأحكام القضائية التي صدرت بشكل يتعارض مع القانون، وتشكل مؤشرا سلبيا في محاربة الفساد ونهب وهدر الأموال العمومية. وقال الغلوسي إن جمعيته أكدت في اللقاء، أن القضاء من الناحية الدستورية والقوانين التنظيمية المؤطرة للسلطة القضائية، يحمل النيابة العامة مسؤولية تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد من أجل القيام بدوره في التصدي لملفات الفساد، خاصة أن الدستور جعل من رئاسة النيابة العامة مستقلة عن وزارة العدل وعن السلطة التنفيذية، وبالتالي لم يعد أي مبرر لعدم محاسبة المفسدين وناهبي المال العام، خاصة وأن الدستور يؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة. وعبرت جمعية حماية المال العام، عن قلقها من تعامل القضاء مع قضايا الفساد. ففي الوقت الذي يراهن فيه المجتمع على دور القضاء في محاربة الفساد، فإن هذا الأخير أثبتت الوقائع والمؤشرات المتوفرة اليوم أنه ليست هناك إرادة للتصدي للفساد والرشوة ونهب المال العام، رغم أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، مافتئ يؤكدان أن القضاء سيقوم بواجبه في تخليق الحياة العامة، إلا أن هناك مؤشرات تؤكد عكس ذلك، وفي مقدمتها تعثر الشكايات في البحث التمهيدي، واستغراقها لمدة طويلة في البحث والتحقيق والمحاكمة. ونبهت الجمعية في لقائها مع النيابة العامة، أن الإجراءات التي تتخذها هذه الأخيرة إجراءات بسيطة وعادية، حيث إن المتابعات في قضايا الفساد جلها في حالة سراح، مشددة على غياب الضمانات القانونية في استرجاع الأموال المنهوبة أو المبددة، لأن النيابة العامة لا تتخذ إجراءات بحجز أموال المتهمين في قضايا الفساد المالي، أضف إلى ذلك الأحكام القضائية التي تصدر في هذا المجال، هي إما أنها أحكام مخففة، أو أحكام بالبراءة، وبالتالي أكد اللقاء أننا أمام مفارقة عجيبة، هو أن قضايا الفساد والرشوة لا حديث فيها عن عقوبات حبسية رادعة، ولا استرجاع الأموال المبددة، مما ضاعت معه جزاءات العقوبات الحبسية الرادعة، في مواجهة المتهمين، لأن من شأن هذه العقوبات الحبسية أن تحقق الردع الخاص بالمتهمين، والردع العام بالنسبة للمجتمع، الشيء الذي يفيد أن هذه العملية فيها طمأنة للمفسدين وناهبي المال العام، والإفلات من العقاب.