في جديد قضية الجزائريين المتهمين في ملف الشواهد الطبية المزورة، والتي شهدتها مدينة صفرو نهاية شهر يناير الماضي، عقب اعتقال طبيب وحارس عام للمستشفى الإقليمي محمد الخامس، وناشط حقوقي ووسيط في بيع السيارات المستعملة، عرفت جلسة محاكمة هؤلاء المتهمين مواجهة حامية بين المتهمين في الوقت الذي دخل فيه محاموهم في نقاش قانوني مع وكيل الملك، بخصوص متابعتهم بتهم ثقيلة صادرة عن الفاعلين الأصليين، وهم ثلاثة جزائريين يوجدون حتى الآن في حالة فرار، بسب مرافعات الدفاع. وفي هذا السياق، قال عدنان الراشدي، محامي الطبيب “ع-م”، المتابع في حالة سراح بكفالة 5 آلاف درهم بتهمة “تقديم شهادة طبية لشخص لا حق له فيها بقصد المحاباة، تتضمن معطيات غير صحيحة”، (قال) مخاطبا المحكمة، “إن وجود جزائريين في هذه القضية حولها إلى ملف سياسي ثقيل، حيث لم يجد المحققون بعد فرار الأجانب ونجاحهم في مغادرة المغرب، من وسيلة للتغطية على ذلك، سوى توقيف موكله الطبيب وبقية المتهمين الثلاثة، ومتابعتهم في قضية اختلطت فيها المخدرات بالشواهد الطبية”، قبل أن يضيف في مرافعته، بأن “الطبيب أصدر شهادة تثبت الكفاءة الجسدية للجزائريين، وذلك ضمن الإجراءات الإدارية التي يعتمدها مستشفى محمد الخامس بصفرو، بأوامر من مدير المستشفى، والذي كلف الحارس العام المعتقل بتحرير الشواهد وتسليمها للطبيب بغرض توقيعها، لكن المحققين غضوا الطرف عن الاستماع لتصريحات مدير المستشفى، كما أن المحكمة هي الأخرى لم تستدعه لاستفساره عن طريقة إصدار الشواهد الطبية”، يقول محامي الطبيب في محاولة منه لدفع التهمة عن الطبيب، والذي بات مهددا بعقوبة بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات في حال إدانته بالمنسوب إليه طبقا للمادة 364 من القانون الجنائي. من جهته، رد المحامي علي حدروني، مؤازرا الحارس العام للمستشفى المتابع في حالة اعتقال، بأن المتهمين الأربعة الماثلين أمام المحكمة توبعوا جميعهم بتهمة “المشاركة في تسليم وثائق تصدرها الإدارات العامة، والإدلاء ببيانات كاذبة وتقديم شهادة غير صحيحة لمن لا حق له فيها”، ما يفرض وجود الفاعل الأصلي لكل هذه الأفعال، والذي ظل بحسب المحامي الحلقة المفقودة في هذه القضية، حيث طلب من المحكمة القول بإلغاء المتابعة ورفع حالة الاعتقال عن المتهمين، فيما دافع عن موكله الحارس العام للمستشفى، والذي كان يشغل نهاية سنة 2015، عند إصدار الطبيب للشواهد الطبية للجزائريين، مهمة ممرض، حيث قام بتحرير الشواهد وتضمينها معلومات طالبيها، قبل تسليمها للطبيب لتوقيعها، حيث يكون الممرض قد أدى مهمته تحت إشراف الطبيب، لكنه فوجئ بمتابعته من قبل النيابة العامة بالمشاركة في الجريمة المنسوبة للطبيب طبقا للفصل 129 من القانون الجنائي، وبتهمة “تسليم وثائق إدارية تتضمن بيانات غير صحيحة، لشخص يعلم بأنه لا حق له فيها، “بناء على الفصلين 360 و361 من القانون نفسه”. وكيل الملك وفي رده على مرافعات دفاع المتهمين، دافع عن متابعة النيابة العامة لهم، مؤكدا بأن الملف عاد ولا خلفية سياسية له بسبب الجزائريين، وحجته على ذلك كما قال في مرافعته، التهم الثابتة في حقهم، والتي تستند إلى محاضر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس، والذين تمكنوا، بحسب وكيل الملك، خلال تتبعهم لخيوط هذه القضية لأزيد من سنتين من اعتقال ابن منطقة كتامة المقيم بمدينة صفرو، والذي سهل عملية حصول ثلاثة جزائريين على وثائق إدارية مغربية للإقامة ومزاولة نشاطهم في الاتجار الدولي بالمخدرات، حيث كشفت عملية تفتيش لمنزل المتهم بصفرو، عن وجود شواهد تورط فيها الطبيب والحارس العام للمستشفى وناشط حقوقي. والمثير في هذه القضية، أن المتهمين الأربعة المتابعين فيها، دخلوا في مواجهة فيما بينهم أمام المحكمة متبادلين الاتهامات، مما سهل عمل المحكمة لفك لغز هذه القضية، حيث اعترف الحارس العام لمستشفى صفرو “ع-ب”، بأن الناشط الحقوقي المعتقل معه “ي-ب”، المعروف بتدخله لفائدة المرضى بالمستشفى، زاره بالمستشفى وطلب منه تمكين أشخاص يعرفهم من شواهد طبية وقدم له معلوماتهم الشخصية، وهو ما استجاب له الممرض كما قال، في غياب المعنيين بالأمر، وسلم الشواهد للطبيب لتوقيعها قبل تسليمها للناشط الحقوقي، والكلام نفسه ردده الطبيب حين اعترف بأنه لم يقم بفحص طالبي شواهد الكفاءة الجسدية، واكتفى بما قدمه له الممرض من معطيات بالمطبوع الذي حرره، مشددا على أن الأطباء بقسم المستعجلات دأبوا على هذه الطريقة التي فرضتها إدارة المستشفى، قبل أن يفاجأ بعد اعتقاله ومتابعته في حالة سراح، بمواجهته من قبل المحققين بحقيقة الشواهد الطبية التي وقعها، بأنها تخص 3 جزائريين قدموا للناشط الحقوقي معلومات على أنهم مغاربة وأخفوا عنه جنسيتهم. وبعد الانتهاء من مناقشة ملف هذه القضية في جلسة ماراطونية امتدت لأزيد من ساعتين، قرر قاضي الحكم حجزها للتأمل، حيث حدد الاثنين المقبل 11 فبراير الجاري، موعدا لجلسة النطق بأحكامه في حق المتهمين الأربعة، الطبيب والحارس العام لمستشفى صفرو والناشط الحقوقي المتابعين بتهمة “المشاركة في تسليم وثائق تصدرها الإدارات العمومية تتضمن بيانات غير صحيحة، وتقديم شهادة لشخص يعلم بأنه لا حق له فيها”، فيما توبع المتهم الرابع والذي كان على علاقة مباشرة بالجزائريين، بتهمة المشاركة في التهم المنسوبة للمتهمين الثلاثة، إضافة إلى تهمة ثقيلة أضافها في حقه وكيل الملك، تخص “المشاركة في الاتجار في المخدرات”.