لازالت قضية اكتشاف تسريب وقائع جلسة الاستماع إلى رئيس الحكومة، عبدالإله بنكيران، من طرف لجنة تقصي الحقائق حول صندوق التقاعد التي جرت في 21 دجنبر 2016، إلى الشرطة والنيابة العامة، تثير مزيدا من التفاعلات داخل مجلس المستشارين، فخلال اجتماع رؤساء الفرق البرلمانية، صباح أول أمس، برئيس المجلس حكيم بنشماش وُجه إليه سؤال من طرف بعض الفرق والمجموعات عن ملابسات هذا التسريب، الذي تم دون احترام المساطر. وخلال جلسة الأسئلة الشفوية التي تلت اجتماع رؤساء الفرق (ندوة الرؤساء)، طرحت رجاء قصاب، البرلمانية عن ال Cdt، سؤالا على وزير العدل عن الواقعة، لكن هذا الأخير تحفظ عن الجواب لأن السلطة القضائية لم تعد تابعة لوزارة العدل. قصاب قالت لوزير العدل محمد أوجار، إن مجموعة الCdt، طرحت سؤالا في الأصل عن استقلالية النيابة العامة، لكن الوزارة ردت بأنها لا يمكن أن تجيب، نظرا إلى “عدم الاختصاص”، واعتبرت قصاب أن “هذا هو جوهر المشكل”، متسائلة “منْ سنسائل إذا حاذت النيابة العامة عن مهامها؟ وأين هو مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟”، معتبرة أن استقلالية النيابة العامة “كان مطلبا للحركة الحقوقية المغربية، وكان إحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة”، وأن الجميع متفقون على ذلك، لكن “الاستقلالية لا تعني غياب المحاسبة والتغوّل”. وذكرت البرلمانية أنه وقع تسريب قرصين مدمجين لجلسة استماع لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد لرئيس الحكومة السابق، متسائلة “كيف وصل القرصان إلى النيابة العامة؟ وكيف سمحت الأخيرة لنفسها أن تتسلمهما وتستمع لمضامينهما وتحويلهما للمحكمة، وكلا القرصين يوجدان اليوم عند كتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية بالرباط دون احترام المساطر والقانون”. وسجلت قصاب أن هذا الأمر يعتبر خرقا للدستور، وخاصة للمواد 67، و68، و110 منه التي تلزم النيابة العامة بتطبيق القانون وليس خرقه. كما أنه خرق القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير لجن تقصي الحقائق، بل إن البرلمانية اعتبرت أن هذا القانون أصلا غير مطابق للدستور لأن المادة 11 منه، تسمح بمتابعة البرلمانيين عند إدلائهم بتصريحات حول عمل اللجن، في حين أن الدستور ينص على أن متابعة البرلماني لا تكون إلا في الحالات التي يجادل فيها في النظام الملكي أو المساس بالدِّين الإسلامي، أو بشخص الملك. وتساءلت عن سر تجميد الحكومة لمشروع قانون الدفع بعدم دستورية القوانين. وزير العدل، محمد أوجار، رد بأن السؤال الذي وجه له لا علاقة له بما عرضته البرلمانية قصاب، وقال إنه لم يسبق أن اعتذر عن الجواب عن سؤال في البرلمان، وعندما توصل بالسؤال قال إنه فكر في “مفاتحة مكتب مجلس المستشارين حول موضوع يجب الحسم فيه كمؤسسات دستورية”، وهو كيف يمكن للبرلمان أن يسائل السلطة القضائية، واعتبر أن مشهد العدالة عرف تحولا جوهريا منذ 2017، بتكريس الاستقلال المؤسسي للسلطة القضائية من خلال المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالتالي، “فكل القضايا والمساءلات للسادة القضاة، تخضع للسلطة القضائية”، والبرلمان “يسائل الحكومة حول ما يدخل في اختصاصها”، مضيفا أنه “في إطار النقاش بين المؤسسات الدستورية لا بد أن نجد صيغة تسمح للبرلمان القيام بأدواره الدستورية”. البرلمانية قصاب ردت بالقول بأنها تؤيد دعوة وزير العدل إلى إيجاد صيغ تسمح للمؤسسة البرلمانية بمساءلة النيابة العامة “حتى لا تنفلت السلطة القضائية وتتوغل، بدعوى أنها مستقلة”. وتأتي هذه التطورات في سياق محاكمة الصحافيين الأربعة محمد أحداد من “المساء”، وعبدالحق بلشكر من “أخبار اليوم”، وعبدالإله سخير وكوثر زكي من موقع “الجريدة 24″، والتي انطلقت منذ سنة، بحيث تبين خلال جلسة المحاكمة التي جرت في 23 يناير 2019، أن المحكمة تتوفر على قرصين يسجلان بالصوت والصورة وقائع جلسة الاستماع لبنكيران ومداخلات أعضاء اللجنة، وتبين أن عزيز بنعزوز، الرئيس السابق للجنة تقصي الحقائق من البام، هو الذي سلمهما للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كدليل على أن ما نشره الصحافيون المتابعون، هو نفسه الذي جرى التداول فيه، أي أن الهدف كان هو توفير دليل إدانة ضد الصحافيين، دون أن يحترم إجراءات تسليم هذه الأشرطة المحاطة بالسرية، فتحولت القضية إلى فضيحة لبنعزوز وزميله في الحزب بنشماش، الذي قدم الشكاية ضد الصحافيين.