في الوقت الذي نمت فيه ثروات أصحاب المليارات بمعدل 2.5 مليار دولار يوميا خلال العام الماضي، ازداد الفقراء فقرا، هذا ما أكدته المنظمة غير الحكومية “أوكسفام” البريطانية في تقريرها السنوي الذي يأتي تزامنا مع انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية يومه الثلاثاء. ونعثر في تفاصيل التقرير أن ثروات أصحاب المليارات ازدادت بنسبة 12 في المائة عام 2018، في حين انخفضت ثروات الفقراء بنسبة 11 في المائة، والذين يشكلون 3.8 مليار شخص، أي نصف تعداد البشرية الأكثر فقرا. وورد في بيان صحافي لمنظمة أوكسفام نقلا عن عبد الجليل العروسي، المسؤول عن المرافعة والحملات في المنظمة في المغرب، قوله إن الأخير اعتمد منذ الاستقلال “على نماذج للنمو لكي لا نقول على برامج للتنمية، والتي سمحت بتحسين البنيات التحتية الأساسية على الرغم من أوجه القصور التي لا تزال قائمة في العديد من المناطق”. وأردف المتحدث أن هذه النماذج بلغت حدودها وخلقت مجموعة من الفجوات من عدم المساواة والإقصاء، ما تسبب في هشاشة عدد كبير من السكان، إذ “يصبح الولوج إلى فرص الشغل والخدمات الاجتماعية الأساسية نوعا من الترف”. واعتبر العروسي أنه على المسؤولين إعادة النظر في أسس هذه النماذج، لكي تلبي الاحتياجات والتوقعات الحقيقية لكل المواطنين وليس فقط جزءا صغيرا منها. التقرير الذي صدر بعنوان “الصالح العام أو الثروات الفردية؟”، سلط الضوء على الفجوة التي تزداد اتساعا بين الأغنياء والفقراء، ما يقوض عمليات محاربة الفقر ويضر باقتصاد عدد من الدول ويؤلب الرأي العام فيها. مبرزا الدور الذي تلعبه الحكومات في تفاقم انعدام المساواة من خلال إنقاص تمويل الخدمات العامة كالرعاية الصحية والتعليم من جهة، وعدم فرض ما يكفي من الضرائب اللازمة على الشركات الكبرى والأثرياء، والإخفاق في فرض القيود الصارمة على المتهربين ضريبيا من جهة أخرى. كما خلص التقرير إلى أن النساء والفتيات هن الأكثر تضررا اقتصاديا من تزايد انعدام المساواة. ويكشف التقرير أن عدد أصحاب المليارات قد تضاعف منذ حدوث الأزمة المالية العالمية، “فقد شهدت هذه الفترة ولادة ملياردير جديد كل يومين، في الوقت الذي يدفع فيه الأفراد الأثرياء والشركات معدلات ضرائب أدنى مما كانت عليه في العقود الماضية”. وفي الوقت ذاته، تعاني الخدمات العامة من النقص المزمن في التمويل أو يجري الاستعانة بشركات خاصة لتنفيذها، والتي تستثني بدورها من هم أكثر فقرا. وورد في بيان المنظمة أن الأممالمتحدة قدرت أن التعليم والرعاية الصحية في الدول النامية، يعانيان من نقص في التمويل يبلغ 418 مليار دولار. وفي العديد من الدول غدا التعليم اللائق والرعاية الصحية الجيدة شكلا من أشكال الترف الذي لا يقدر على تحمله سوى الأغنياء. ونطالع في التقرير أنه يموت 10 آلاف شخص كل يوم بسبب غياب الرعاية الصحية بتكلفة معقولة، في الدول النامية هنالك احتمال وفاة طفل من أسرة فقيرة قبل بلوغه سن الخامسة، وهو ضعف احتمال موت طفل متحدر من أسرة غنية. وجاء في ذات المصدر أنه لو دفع 1 في المائة فقط من أثرياء العالم ضريبة إضافية على ثرواتهم بنسبة 0.5 في المائة لساهم ذلك في جمع مبلغ كاف وتوفير فرص تعليم ل 262 مليون طفل غير ملتحفين بالمدارس، كما سيساهم ذلك في تأمين الرعاية الصحية اللازمة لإنقاذ 3.3 مليون شخص من الموت. كما أن أربعة سنتيمات فقط من أصل كل دولار من مداخيل الضرائب التي تحصل حول العالم، أتت من الضرائب على الثروات كالميراث أو الملكية في عام 2015 ،”ولقد خفض هذا النوع من الضرائب أو جرى إلغاؤه في كثير من الدول الغنية، وقلما طبق في الدول النامية”. وأبرز التقرير أنه جرى تخفيض معدلات الضريبة على الأفراد الأثرياء والشركات بشكل كبير، إذ انخفضت نسبة الضريبة المفروضة على الشريحة الأعلى للدخل الفردي في الدول الغنية من 62 في المائة في عام 1970 إلى 38 في المائة عام 2013، ولا يبلغ المعدل المتوسط لهذه الضريبة في الدول الفقيرة سوى 28% فقط. يذكر أن منظمة أوكسفام، هي منظمة بريطانية خيرية غير حكومية تتركز أنشطتها على محاربة الفقر والمجاعة عبر العالم ورأت النور عام 1942.