ملف بيدوفيليا جديد أحيل، مؤخرا، على غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، المتهم فيه إمام مسجد بجماعة “سيتي فاضمة”، بإقليم الحوز، ويتولى تحفيظ القرآن الكريم للأطفال بكتّاب ملحق بالمسجد نفسه، متابع، في حالة اعتقال، بجناية “استدراج قاصرات يقل عمرهن عن 18 سنة، وهتك أعراضهن باستعمال العنف، واغتصابهن نتج عنه افتضاض إحداهن”، أما الضحايا المفترضات فيصل عددهن إلى 6 قاصرات، تتراوح أعمارهن بين 8 و 16 سنة، يتهمن الفقيه بأنه كان يستدرجهن إلى غرفة كان يقيم بها بجوار الكتاب، ويمارس عليهن الجنس بالقوة. وخلال الأبحاث الأمنية التي أجراها مركز الدرك الملكي بالجماعة المذكورة، ظهرت شهادة لطفلة قاصر أوضحت فيها بأنها كانت بدورها ضحية مفترضة أخرى لاعتداء جنسي، قالت بأنها تعرضت من طرف قريب زوجة والدها بمدينة طنجة، قبل أن يتم الاستماع إليها ويُحال المحضر على ولاية أمن طنجة، من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة. الجلسة الثالثة من المحاكمة ستنعقد، بتاريخ 15 يناير المقبل، ومن المقرّر أن يتقدم خلالها المحامون الذين ينوبون عن عائلات الضحايا المفترضات بمذكرات لمطالبهم المدنية، فيما كانت الجلسة السابقة، المنعقدة بتاريخ 13 نونبر المنصرم، شهدت تنصيب الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان لنفسها طرفا مدنيا في الملف، حيث أعلن المحامون عادل علواش، محمد الفقير، يوسف الأخوين، من هيئة مراكش، عز الدين الشرقاوي، من هيئة آسفي، وعبد الغفور شوراق، من هيئة الجديدة، نيابتهم عن هذه الجمعية الحقوقية، التي نصّبت نفسها طرفا مدنيا في هذا الملف، الذي فجّره طلب عادي لدى الدرك الملكي لإجراء بحث لفائدة العائلة يتعلق باختفاء فتاة قاصر من منزل عائلتها، بتاريخ 23 ماي المنصرم. هروب “اضطراري” الساعة السادسة من صباح يوم 23 ماي الماضي. ترتدي “سمية.ب” جلبابها الأزرق الفاتح، تغادر منزل عائلتها بدوار “اغبالو”، بجماعة “سيتي فاضمة”، تركت الباب مواربا ولم تغلقه كي لا تثير أي ضجيج قد يوقظ باقي أفراد عائلتها، الذين لم يمض وقت طويل على تناولهم للسحور وخلودهم للنوم. استقلت هذه الفتاة، التي أقفلت قبل يومين من ذلك اليوم سنتها ال16، حافلة من مركز جماعتها الجبلية باتجاه مراكش، ومنها ركبت حافلة أخرى إلى مدينة الدارالبيضاء. في الطريق إلى العاصمة الاقتصادية طلبت من شخص يجاورها في الحافلة أن يمكّنها من هاتفه المحمول، لتجري اتصالا بابن عمّتها “سفيان” (23 سنة)، الذي طلبت منه أن يقدم لها يد المساعدة بأن يمنحها مبلغا قدره 1500 درهم قالت بأنها في حاجة ماسة إليه لتغطية مصاريف سفرها إلى الدارالبيضاء، لتقطع المكالمة الهاتفية بعد أن رفض الاستجابة لطلبها، كما اتصلت من الهاتف نفسه بعائلتها، غير أنها رفضت أن تفصح لهم عن مكان تواجدها، وعن أسباب مغادرتها منزل الأسرة، قبل أن تقطع عليهم الخط وترفض الرد على اتصالاتهم الهاتفية. رحلة الهروب “الاضطراري” بدأ الإعداد النهائي لها مبكرا، في الليلة السابقة للمغامرة، فقد سرقت سمية، التي لا تتوفر على البطاقة الوطنية، دفتر الحالة المدنية الخاصة بالعائلة، في غفلة من والديها و دون أن تثير شكوكهما، وأخذته معها كوثيقة ثبوتية في سفرها، كما أخفت مفتاح سيارة أبيها في مكان متوارٍ عن الأنظار بالمنزل لمنع أي محاولة من طرفه لتعقبها، أو تأخيرها على الأقل حتى تبلغ وجهتها. في حدود الساعة ال 11 صباحا وصلت الفتاة “الجبلية”، التي توقف مسارها الدراسي، السنة الماضية، بعد أن كرّرت مستوى السنة الثالثة إعدادي، إلى محطة الحافلات “أولاد زيان”، وبقيت تنتظر بإحدى المقاهي وصول صديقتها “عبلة” من طنجة، التي كانت ضربت معها موعدا في هذا اليوم، الذي تصادف مع السابع من شهر رمضان الفائت، بعد أن تعرفت عليها على مواقع التواصل الاجتماعي، وظلت تنتظرها هناك حتى وصلت، حوالي الساعة الثالثة زوالا، لينتقل التعارف بينهما من العالم الافتراضي إلى الواقع، وظلتا تتجاذبان أطراف الحديث حتى باغتهما بالمكان نفسه والدها، الذي كان برفقة خالها، بعد أن اتصل بأفراد من عائلته الذين يقطنون بالدارالبيضاء، والذين تمكنوا من العثور عليها في المحطة وأخبروا والدها الذي أرغمها على الرجوع إلى منزل العائلة برفقة صديقتها “الطنجاوية”. بحث عن متغيبة بعد أن استنفذت العائلة كل محاولات الاتصال بالفتاة القاصر، استقل والدها سيارته لتعقبها بعد أن استغرق وقتا غير يسير في البحث عن مفاتيحها، متوجها نحو الدارالبيضاء، خاصة بعد أن أخبره ابن شقيقته، “سفيان”، بمضمون مكالمته الهاتفية مع سمية، تزامنا مع ذلك انتقلت الأم، صباح اليوم نفسه، إلى مقر المركز الترابي للدرك الملكي بالجماعة، من أجل التبليغ عن اختفائها وطلب إنجاز البحث لفائدة العائلة، موضحة بأن ابنتها دخلت، مؤخرا، في مرحلة صعبة من سن المراهقة، خاصة بعد أن انقطعت عن الدراسة وأصبحت حبيسة المنزل، لافتة إلى أنها أصبحت تقضي وقتا طويلا في استعمال هاتفها المحمول والتواصل به عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع أشخاص قالت بأنها شخصيا تجهل هوياتهم، كاشفة للدرك عن الرقم الهاتفي الذي اتصلت به معهم. لم ينتظر الدرك الملكي طويلا، فقد تم ربط الاتصال توّا بالنيابة العامة بابتدائية مراكش، التي أمرت بإنجاز برقية بحث في حق الفتاة المتغيبة، وتعميق البحث في شأن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى العثور عليها، كما تم الاستماع، زوال اليوم ذاته، إلى ابن عمّة سمية، وهو متزوج وأب لطفل واحد، والذي نفى علمه بأنها كانت تخطط للهروب من منزل عائتها، كما أكد بأن العلاقة التي تجمعه بها لا تتجاوز الإطار العائلي. مفاجأة ثقيلة صباح اليوم الموالي لوضع طلب البحث، تقدم الوالدان، برفقة ابنتهما وصديقتها، لدى الدرك الملكي، للتبليغ عن العثور عليهما بمحطة “أولاد زيان”، ليجري الدرك معاينة أولية، اتضح من خلالها بأن الفتاة لا تظهر عليها أي علامات على الخوف أو آثار للعنف ولا تحمل أية جروح، إذ تبدو في حالة صحية جيدة، ليتم الشروع في الاستماع إليها، وتفجر مفاجأة من عيار ثقيل، حين عزت أسباب مغادرتها لمنزلها العائلي إلى معاناتها من الاغتصاب، الذي قالت بأنها تعرضت له، حين كانت في التاسعة من العمر، من طرف إمام مسجد الدوار. وأوضحت بأنها حين كانت تتابع دراستها في السنة الثالثة من التعليم الابتدائي بمدرسة “خميس اغبالو”، في سنة 2011، كانت تتابع بالموازاة مع تعليمها النظامي تعليما دينيا، خاصة في العطل وأوقات الفراغ، تتلقى خلاله دروسا في تحفيظ القرآن الكريم والتربية الدينية من طرف الفقيه “العربي.ب”، الذي كان لا يزال وقتها عازبا، والذي قالت بأنه طلب منها في أحد الأيام، بعد انتهاء حصة التحفيظ القرآني، أن تمكث إلى أن ينصرف باقي التلاميذ، من أجل أمر مهم، وهو ما استجابت له، وبقيت معه بمفردها بالكتّاب، قبل أن يمسكها من يدها بالقوة ويدخلها إلى غرفة مجاورة يقطن بها، وينزع عنها ثيابها ويولج قضيبه في عضوه التناسلي، غير عابئ بصراخها وبكائها، وهو ما قالت بأنه أدى إلى فضّ بكارتها. وأرجعت عدم الإفصاح لوالديها عمّا تعرضت له إلى أن الفقيه هددها بالتشهير بها والإساءة إلى سمعتها وسط سكان الدوار في حالة إفشائها للسر، مضيفة بأن مغتصبها المفترض مارس عليها الجنس ثلاث مرات أخرى في فترات متفرقة من السنة المذكورة، بعد أن يستدرجها إلى الغرفة التي قالت بأنها كانت تحوي حاسوبا أبيض و أفرشة عادية وبعض الكتب، ويوجد بمدخلها ساحة و مرحاض، لافتة إلى أنه حاول إعادة الكرّة، خلال السنة المنصرمة، إذ صادفته وهي عائدة من الإعدادية، فألّح عليها لمرافقته إلى كتاب المسجد ليمارس عليها الجنس، غير أنها رفضت الخضوع له، بل قالت بأنها شتمته وصفعته، مشيرة إلى أن العديد من الفتيات أكدن لها بأنه تعرضن بدورهن للاعتداء الجنسي من طرف الفقيه نفسه. فقيه يتهم طفلة بالإثارة الجنسية أكثر من 14 سنة قضاها الفقيه “العربي.ب” (40 سنة) إماما لمسجد دوار “بحلوان”، بجماعة “سيتي فاضمة”، دائرة تحناوت، كان يقوم خلالها هذا الفقيه، المنحدر من منطقة شيشاوة، بتحفيظ القرآن بإحدى الغرف المتواجدة بالمسجد، ويسكن بأخرى بالمسجد نفسه، قبل أن يتزوج في سنة 2014، وينتقل إلى مسكن آخر بالدوار، ولكن التصريحات التي أدلت بها سمية أثارت الشكوك حوله، ليتقل الدرك إلى منزله ويتم اقتياده إلى المركز من أجل التحقيق معه. أنكر الفقيه التهم الموجهة إليه من طرف القاصرة، موضحا بأنها كانت تلميذة سابقة له، لحوالي سنتين، وكانت تأتي في بعض الأحيان للكتّاب وهي ترتدي سروالا ضيقا من نوع “دجين” أو فستانا قصيرا يظهر أكثر مما يخفي من جسمها، وهو ما قال بأنه كان يثير غرائز الناظرين، مضيفا بأنها كانت، وبالرغم من كونها لازالت وقتئذ في سن مبكرة من طفولتها، (كانت) تتلفظ بكلمات بذيئة أثناء حفظها للقرآن الكريم ولا تحترم مشاعر الآخرين، وأقرّ الفقيه بأنه كان يضربها لإرغامها على الكف عن ذلك، غير أنه قال بأن تأديبه لها لم يُجد نفعا، وظلت تحضر إلى “المسيد” وهي متبرجة وترتدي ملابس تُظهر أعضاءها التناسلية وتثير الشهوة والغرائز الجنسية. ونفى الفقيه الاتهامات التي توجهها إليه بأن مارس عليها الجنس بالقوة في ثلاث مناسبات بالغرفة التي يقيم بها داخل المسجد، وأنه في إحدى المرات فضّ بكارتها، كما نفى اتهامها له بأنه التقاها صدفة، خلال السنة، و طلب منها مرافقته إلى الكتاب من أجل ممارسة الجنس عليها، قبل أن تقوم بصفعه. شهادات صادمة لم تأخذ ساكنة الدوار، في البداية، الاتهامات على محمل الجد، فقد كان الفقيه “سي العربي”، كما ينادوه، يتمتع بحظوة لديهم، إذ كان يؤمهم في الصلوات الخمس، لأكثر من عقد، منذ أن تولى هذه المهمة، وهو بعد في مقتبل شبابه، في إطار النظام التقليدي المعروف ب”الشرط”، غير أن صورة الفقيه الورع سرعان ما اهتزت أمامهم بسبب اتهامات أخرى لاحقته من فتيات أخريات بالدوار. يحكي “أحمد.أ” قصة تقدمه بشكاية ضد فقيه الدوار: “عندما بلغ إلى علمي مضمون أقوال المصرّحة الأولى، حاولت أن استقصي الأمر من ابنتي اللتين يدرسان بالكتّاب، لأصاب بالصدمة من هول المفاجأة، فقد أكدا لي بأنهما يتعرضان للاعتداء الجنسي من طرف الفقيه”، ويضيف أحمد في تصريح أدلى به ل”أخبار اليوم”، بأن عرض طفلتيه، اللتين تبلغ إحداهما 9 سنوات وتصغرها الأخرى بسنة واحدة، على طبيب بالمركز الصحي بأوريكا، أكد له بأنهما يعانيان من احمرار وآثار لاحتكاك في مناطق حساسة من جسديهما، قبل أن يتقدم بشكاية في الموضوع لدى الدرك الملكي ليحذو حذوه شقيقه، الذي قال بأنه اكتشف بدوره بأن ابنته، ذات العشر سنوات، تعرضت لاعتداء جنسي. ويتابع أحمد بأن ما أجّج الاتهامات ضد الفقيه هو أنه الاعتداءات الجنسية المفترضة تزايدت وتيرتها خلال شهر شعبان المنصرم، الذي قال بأنه تزامن مع وضع زوجة الفقيه لابنهما الثاني، لافتا إلى أن المشتكى به كان يستدرج الفتيات القاصرات إلى غرفة ملحقة بالمسجد مغريا إياهن بالإطلاع على حاسوبه الشخصي، كما قال بأنه كان يطلب من الفتيات تنظيف المسجد وغرفته الشخصية، ليقوم بعد ذلك بالاستفراد بهن وهتك أعراضهن. وقد تطابقت تصريحات ست من الضحايا المفترضات حول الطريقة التي كان يسلكها المتهم لتحقيق رغباته الجنسية، كتحسس مناطق حساسة من أجسادهن ومداعبة أعضائهن التناسلية ومؤخراتهن بأصبعه إلى أن ينزع ملابسهن ويمارس عليهن الجنس بالقوة. كما صرحت إحدى المشتكيات، وتسمى “خولة.أ” بأنه كان يستعمل قماشا مزركشا في مسح عضوه التناسلي، بعد الانتهاء من ممارسة الجنس عليها، قبل أن يحجز الدرك مجموعة من الأقمشة بغرفة المتهم تحمل آثار السائل المنوي، ومن ضمنها قماش تنطبق عليه الأوصاف التي أدلت بها المشتكية القاصر. شاهدتا نفي فيما توالت الشهادات برّأت اثنتان من المصرحات،خلال مرحلة البحث التمهيدي، الفقيه من تهمة التحرش بهما، فقد نفت كل من “هاجر.أ”، و”سارة.م” بأن يكون المشتبه فيه قد قام بأي محاولة لهتك أعراضهن، بل أكثر من ذلك أكدتا بأنه لم يسبق للفتيات اللائي كن يدرسن معهن بالمسجد أن أخبروهما عن أي تحرش أو اعتداء جنسي مفترض قد يكن تعرضن إليه. شهادة الصديقة تعرفت سمية على صديقتها المنحدرة من طنجة، “عبلة.ق” (17 سنة) في العالم الافتراضي، وتبادلا الحديث عن تجاربهما في الحياة،وأوضحت عبلة، خلال الاستماع إليها من طرف الضابطة القضائية، بأن سمية أخبرتها بأنها تعرضت لاعتداء جنسي،وهي في التاسعة من العمر، من طرف إمام مسجد دوارهم، كما أخبرتها بأنها ستغادر منزل عائلتها، مشيرة إلى أنها كانت تخشى على صديقتها “الافتراضية” من أن تتعرض لمكروه، ولذلك ضربت معها موعدا في الدارالبيضاء من أجل لقائها لإقناعها بضرورة التشبث بالحياة وعدم الاستسلام للضغوط النفسية التي تعاني منها. وصرحت عبلة بأنها تعاطفت مع صديقتها لأنها بدورها كانت ضحية لاعتداء جنسي،في سنة 2010، من طرف ابن خالة زوج والدتها، الذي أفصحت عن اسمه أمام المحققين، وقالت بأنها كانت تتلقى منه دروس دعم بمنزله، عندما كانت في التاسعة من عمرها،واتهمته بأنه كان يستغل فترة غياب زوجته، التي تعمل بإحدى الشركات، ويقوم بالاعتداء جنسيا عليها، وهو ما أدى في إحدى المرات، إلى فضّ بكارتها، ولم تعد تستطيع من جراء ذلك السير بشكل عادي بسبب الألم الذي تسبب لها فيه، وهي التصريحات التي تقرر تضمينها في محضر رسمي وإحالتها على السلطات القضائية والأمنية بطنجة.