تراجع زخم احتجاجات “السترات الصفراء” في فرنسا في السبت السادس من بدء تحركهم مع توجه لعرقلة الحركة على المعابر الحدودية في حين ارتفع عدد الوفيات المتصلة بهذا التحرك إلى عشر خلال أكثر من شهر. وبحلول المساء، قالت وزارة الداخلية إنها أحصت 38600 متظاهر في مختلف أرجاء فرنسا، مقابل 66 ألفا في الوقت نفسه السبت الماضي. وفي باريس التي شهدت أعمال شغب ومواجهات عنيفة مع الشرطة في الاسابيع الماضية، أحصت الشرطة نحو ألفي متظاهر، مقابل أربعة آلاف السبت الماضي. واندلعت مواجهات عنيفة في المساء على جادة الشانزليزيه حيث بقي العديد من المتاجر مفتوحا خلال عطلة نهاية الأسبوع التي تعج عادة بالمشترين قبل عيد الميلاد. وسار المتظاهرون بمحاذاة المطاعم والمحلات التجارية التي فتحت أبوابها بشكل اعتيادي. ووفق صحافية في فرانس برس، فقد هتف بعض المحتجين بعبارة “باريس إلى الشارع!”. وقالت شرطة باريس أنها أوقفت 142 شخصا وضع 19 منهم قيد الاحتجاز بينهم أحد قادة التحرك إريك درويه. وقالت نائبة وزير الاقتصاد انييس بانيه-روناشيه إن متاجر باريس سجلت تراجعا بنسبة 25% في مبيعاتها مقارنة مع السنة الماضية. وحذرت من أن التحرك يهدد آلاف الوظائف وأن الكثير من صغار المتاجر تواجه مشكلات في السيولة النقدية. وفي فرساي حيث دعا المتظاهرون إلى التوجه إلى قصر فرساي الذي شهد إسقاط الملكية في ثورة عام 1789، تجم ع السبت حوالى 60 شخصا ، وفق مراسل فرانس برس. وظل القصر مغلقا أمام السياح. وتشير هذه الأرقام إلى تراجع زخم الحركة التي بدأت في 17 تشرين الثاني/نوفمبر حين حشدت 282 ألف شخص طيلة اليوم، ثم تراجع العدد إلى 166 ألفا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، ومن ثم إلى 136 ألفا في 8 كانون الأول/ديسمبر و66 ألفا في الأسبوع الماضي، وفق الأرقام الرسمية، علما بأن ناشطي “السترات الصفراء” لا ينشرون أرقاما . ودعا الأكثر تصميما بين المحتجين إلى التحرك رغم إقرار البرلمان الليلة السابقة إجراءات طارئة تنص على ضخ 10 مليارات يورو للتخفيف من الضغط الضريبي وتنمية القدرة الشرائية، تنفيذا لمطالب المحتجين. لكن بعضا من ناشطي الحركة لا يبدون جاهزين لفض النزاع مع الحكومة، في أسوأ أزمة يشهدها عهد الرئيس إيمانويل ماكرون، تترافق مع تراجع شعبيته بحسب استطلاعات الرأي. وقال فريدريك (46 عاما) الذي تظاهر في جادة الشانزليزيه “أرى أن المشاركة جيدة قبل يومين من عيد الميلاد”. وحافظ المتظاهرون في الإجمال على الهدوء ولم تسجل أعمال شغب أو عنف خلافا لما حدث في بداية الشهر. وبين المحتجين، جان فيليب وجينيفر البليجكيان المقيمان في شمال فرنسا، جاءا للتظاهر حتى “يسقط ماكرون”. وقالا إن ما “أعجبنا هو أن الاحتجاج بدأ ضد ضريبة الوقود وانتهى بتأكيد ضرورة تحقيق المساواة”. وتفرق المتظاهرون إلى مجموعات صغيرة في شوارع باريس حيث فرقت قوات الشرطة بعضها مستخدمة الغاز المسيل للدموع. ونظمت عدة تحركات خارج العاصمة وككل يوم تم التركيز على المراكز الحدودية حيث تجمع المئات من “السترات الصفراء” عند بولو، نقطة العبور الأخيرة قبل الحدود الإسبانية شرق البيرينه، لكن الشرطة فرقتهم بالغاز المسيل للدموع بعد أن أعاقوا مرور الشاحنات لساعات. وحمل هؤلاء لافتات كتب عليها “الملك ماكرون يرمي الفتات للجائعين” و”كفى احتقارا “. وقال صحافيان من مكتب مونبلييه في القناة العامة فرانس 2 السبت لفرانس برس ان متظاهرين من “السترات الصفراء” هاجموهما “بشكل عنيف” بينما كانا يغطيان مسيرة في بولو. وقد أزالت قوى حفظ الأمن عددا من النقاط التي كان يتمركز فيها “السترات الصفراء” على الطرقات السريعة، مع مطالبة الحكومة بوقف هذا النوع من التحركات التي تسببت على الأرجح بمقتل 10 أشخاص، خصوصا في حوادث سير. ولقي سائق حتفه ليل الجمعة-السبت بعدما صدم شاحنة متوقفة عند حاجز أقامه محتجو “السترات الصفراء” قرب بيربينيان (جنوب). ولوحظت كذلك صعوبة في حركة المرور على الحدود مع بلجيكا، فيما أقام نحو مائتي متظاهر حاجزا تسبب في عرقلة السير على الطريق السريع على معبر فينتيميلي الحدودي مع إيطاليا. وفي ستراسبورغ، أغلق نحو مئة من المحتجين وهم يرتدون سترات صفراء الطريق المؤدي إلى جسر أوروبا الحدودي مع ألمانيا، قبل أن تفرقهم الشرطة. وفي بوردو، في جنوب غرب فرنسا، شارك أكثر من الفي شخص في التظاهرات مقابل 4500 السبت الماضي. وفي ليل نزل نحو ألف إلى الشارع. وأحصي المئات في ليون ومرسيليا وروان وتولوز. وفي انغوليم، في جنوب غرب فرنسا، قطع رأس دمية تمثل ماكرون الجمعة خلال تظاهرة للسترات الصفراء. وقرب منزل ماكرون في بلدة لوتوكيه الساحلية، فرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع نحو ثمانين محتجا . وتظاهر نحو مئة من “السترات الصفراء” في بروكسل بهدوء مقابل 400 إلى 500 الأسبوع الماضي وفق المتحدثة باسم شرطة المدينة إيلسي فان دو كير.