قال مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن من مداخل تجديد النموذج التنموي في بلادنا أن ننظر إلى المجتمع المدني بصفته رافعة من رافعات هذا التجديد، باعتباره قوة مشغلة، وفضاء لتحسين القدرة على التشغيل. وذكر الخلفي، خلال مداخلته في الجلسة الافتتاحية لجامعة التنمية الاجتماعية – دورة شتاء 2018″، التي ينظمها مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية بشراكة مع وزارته، اليوم الجمعة، في مراكش، ثلاثة تحديات، تقلص من آفاق المجتمع المدني الواعدة، ويتعلق الأمر بعدم التناسب بين الكم والكيف، وتعبئة الموارد البشرية، وهشاشة الشغل الجمعوي. وفيما يتعلق بالتحدي الأول، أبرز المتحدث ذاته أن الأمر يرتبط بعدم التناسب بين الكم والكيف في مجال المجتمع المدني، حيث “نجد عددا كبيرا من الجمعيات، يتجاوز 160 ألف جمعية، لكن في الوقت ذاته النسبة الفاعلة في الميدان، والقادرة على الترافع لفائدة المجتمع لا تتحاوز 15 في المائة من هذه الجمعيات، مشددا على أن هذا المؤشر يكشف مدى أهمية قدرة الموارد البشرية على تملك أدوات الاشتغال بالشكل الذي يضمن الاستمرارية. وفي حديثه عن التحدي الثاني، أوضح الخلفي أنه يرتبط بمدى قدرة المجتمع المدني على تعبئة الموارد المالية، وضمان استدامتها، وكشف أنه “بالعودة إلى الحسابات الوطنية، التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط، نجد مجموع الإمكانات المعبأة للمجتمع المدني من تمويلات عمومية، وذاتية، ودولية لا يتجاوز 10 ملايير درهم في السنة، أي أقل من 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بينما نجد في دول أخرى كفرنسا مجموع الموارد المعبأة تفوق 130 مليار أورو”. وفي السياق ذاته، أشار الخلفي إلى أن الموارد المالية المعبأة من قبل التمويل العمومي في بلادنا تفوق 5 ملايير درهم، لكن عدد الجمعيات المستفيدة القادرة على إنجاز، وتوقيع شراكات مع الدولة، والجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية محدود (14 ألف جمعية في 10 سنوات، مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغلاف مالي 4 ملايير درهم، أي 10 جمعيات لكل جماعة ترابية). وفيما يتعلق بالتحدي الثالث، أبرز الوزير أنه يرتبط بهشاشة الشغل الجمعوي، والأجور المقدمة في إطاره ضعيفة، مشيرا إلى أنه بينما يشتغل حوالي 100 ألف شخص من أصل 500 ألف متطوع بكتلة أجور في حدود 2 مليار درهم، فإن 53 في المائة من هؤلاء الأجراء معفيون من الضرائب، فقط لأن أجورهم لا تتجاوز الحدود الدنيا.ذ وأبرز الخلفي أنه تم في قانون مالية 2018 إقرار منظومة تحفيزية ضريبية بالنسبة إلى الجمعيات تتمثل في تحمل الدولة أداء الضريبة على الدخل في حدود 10 آلاف درهم و10 أجراء جدد بالنسبة إلى الجمعيات، التي تأسست بعد عام 2015، لكن الحصيلة كانت ضعيفة حيث لم يبلغ عدد المستفيدين من الجمعيات مع المقاولات والتعاونيات 2500 مستفيد. وخلص الخلفي إلى أن الاختيار المركزي للدولة اليوم، هو مزيد من الرهان على الجمعيات من أجل مواجهة تحديات التنمية، خصوصا في مجالات حساسة، ومركزية، كمحاربة الأمية، التي لا يمكن للمغرب تقليصها بنقطتين في السنة، إلا بمحاربة أمية 800 ألف شخص سنويا بشراكة مع الجمعيات؛ وكذا في التعليم الأولي، حيث يوجد حوالي 700 ألف طفل بين 4 و6 سنوات خارج المدرسة، حيث أعدت الدولة برنامجا على مدى 10 سنوات من أجل توفير تعليم أولي للجميع، تم البدء ب100 ألف خلال 2019 بغلاف مالي قدر ب3 ملايير درهم، وذلك بشراكة مع الجمعيات. وعرفت الدورة مشاركة خبراء، ومختصين مغاربة، وأجانب، لمناقشة مواضيع ترتبط بالاقتصاد الاجتماعي، والتضامني، والاندماج الاجتماعي، ومسألة التشغيل، والقابلية للتشغيل من منظور المجتمع المدني، وكذا التجارب، والممارسات المغربية المرتبطة بالتشغيل الجمعوي.