تلقى كل من رئيس الحكومة سعد الدين والعثماني، ووزير الصناعة والتجارة مولاي حفيظ العلمي، انتقادات علنية من الملك محمد السادس، بخصوص كل من مخطط السريع الصناعي في سوس، وبرنامج التكوين المهني. فخلال جلسة عمل ترأسها الملك، مساء أول أمس، بحضور العثماني، والعلمي، والمستشارين الملكيين عمر عزيمان وفؤاد عالي الهمة، وعبدالوافي لفتيت، وزير الداخلية، وعدد من الوزراء، تم الوقوف على “تعثر” مخطط التسريع الصناعي، بل إن هذا المخطط “لم يعرف أي تقدم منذ إطلاقه”، حسب بلاغ الديوان الملكي، “داعيا القطاع المعني، إلى تظافر الجهود، وتحمل مسؤولياته، قصد الإسراع بتنزيله داخل الآجال المحددة”. ويتعلق الأمر بمخطط مر على إعطاء الملك انطلاقه حوالي 11 شهرا (أطلق في 28 يناير 2018 بأكادير)، باعتباره يشكل المنطلق للتنزيل الجهوي للاستراتيجية الصناعية الوطنية. وشمل هذا المخطط عدة مشاريع أبرزها، مشروع ترحيل الخدمات “الأوفشورينغ”، وتنزيل النظم الصناعية الخاصة بالسيارات والجلد، والسفن والكيمياء وصناعة البلاستيك ومواد البناء، ومشروع مواكبة الاحتياجات في مجال تكوين الموارد البشرية الخاصة باستراتيجية التنمية الصناعية لجهة سوس ماسة في أفق 2020، ومشروع إنشاء مدينة الابتكار بالجهة، ومشروع لتهيئة المنطقة الحرة سوس ماسة وتطويرها والتعريف بها وتسويقها وتدبيرها، وكذا اتفاقية لتنزيل استراتيجية تنمية الصناعة الغذائية على مستوى جهة سوس ماسة، إضافة إلى اتفاقية لتمويل برنامج تنمية الصناعة الغذائية. كل هذه المشاريع سجل بلاغ الديوان الملكي أنها لم تتحقق لحد الآن، ما يشكل تقاعسا من الحكومة ووزير الصناعة والتجارة. أما بخصوص مشروع برنامج تأهيل عرض التكوين المهني، الذي أشرف على إعداده رئيس الحكومة، فإن بلاغ الديوان الملكي أشار إلى تضمنه “بعض النواقص” تتمثل في “مسألة ضبط مصادر وآليات تمويله”، مشددا على أن “النهوض بهذا القطاع يجب أن يتم في المستقبل، ضمن منظور متكامل لإصلاح منظومة التكوين المهني، مع الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، وخاصة اعتماد التناوب بين التكوين النظري والتدريب داخل المقاولات”. وكان الملك قد طلب من رئيس الحكومة، في فاتح أكتوبر تقديم برنامج للتكوين المهني، ومنحه ثلاثة أسابيع لإعداده، لكن العثماني طلب مهلة إضافية، تمت الاستجابة لها، قبل أن يقدم البرنامج في جلسة العمل أول أمس. ويحمل بلاغ الديوان الملكي المنتقد لكل من العلمي والعثماني عدة دلالات، حسب مصطفى السحيمي، أستاذ العلوم السياسية، أولا، يظهر البلاغ أن الملك “أخضع رئيس الحكومة لعملية مراقبة أظهرت اختلالات في العمل”، فرغم المهلة الإضافية التي مُنحت لرئيس الحكومة، إلا أن البرنامج الذي قدمه شابته “نقائص”، ما يعني أن الملك، حسب السحيمي، “أعاد مشروع البرنامج لرئيس الحكومة دون أن يحدد له أجلا جديدا”، وهي صيغة تظهر “أن الملك غير مرتاح لعمل الحكومة”. ثانيا، وبخصوص مولاي حفيظ العلمي، فإنه منذ استوزاره كان يُقدّم على أنه “صاحب الخبرة والكفاءة ومبدع استراتيجية التسريع الصناعي”، لكن بلاغ الديوان الملكي أظهر أن مشروع التسريع الصناعي في سوس لم يتحقق منه شيء، ودعا بلاغ الديوان الملكي “القطاع المعني إلى تحمل مسؤولياته”، في إشارة إلى وزارة الصناعة والتجارة. وحسب السحيمي دائما، فإن هذا النقد الحاد الموجه لمولاي حفيظ العلمي، يعني “ربط المسؤولية بالمحاسب”، أي إن العلمي بات مهددا بمصير مشابه لكل من وزير المالية المقال محمد بوسعيد، وغيرهم من الوزراء الذين تم إعفاؤهم بسبب التقصير. ثالثا، النقد الموجه للعلمي، حسب السحيمي، “أسقط أسطورة وزراء الأحرار الأكفاء”، فبعد إعفاء بوسعيد، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، جاء دور العلمي الذي أصبح، أيضا، مهددا بسبب التقصير.