تميزت ليلة انتخاب كاتب عام المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خلفا للزعيم المؤسس محمد نوبير الأموي، باختلاط الألوان والنوايا، ونشوب صراعات ظاهرة وخفية تعمل بمنطق كسر العظام بين التنظيمات اليسارية الممثلة داخل المركزية النقابية لقلب الطاولة على المرشح الأوفر للفوز بالمنصب، عبد القادر الزاير، وذلك بالتوجه نحو إلغاء انتخاب المنصب الأعلى في الكونفدرالية أثناء أشغال المؤتمر السادس، وتحويله إلى حين انعقاد المجلس الوطني الجديد، وهو ما كان يعول عليه تيار علال بلعربي لكسب الرهان والسيطرة على منصب الكاتب العام. وحسب مصادر “أخبار اليوم”، فإن انتخاب الكاتب العام استحوذ على القسط الأوفر أثناء أشغال المؤتمر السادس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، المنعقد ببوزنيقة منذ الجمعة المنصرم إلى حدود أول أمس الأحد، حيث اشتد الصراع بين تيار علال بلعربي، الذي كان مسنودا بالأحزاب اليسارية الممثلة في الكونفدرالية كالنهج والطليعة وفيدرالية اليسار، حيث اشتغل التيار كثيرا في اتجاه الإطاحة بالزاير وإفشال حصوله على منصب الكاتب العام، باعتبار أنه المرشح الأول والأكثر حظا، بالنظر للتوجه العام للقواعد، مشيرة إلى أن أعضاء المجلس تم انتخابهم بالفروع، وخارج المؤتمر، وأن من أعد هاته الخطة كان هدفه إخراج نقطة انتخاب الكاتب العام من المؤتمر وتحويلها إلى المجلس الوطني، وهو ما كان سيصب حتما في مصلحة بالعربي، لأنه سيضمن التفوق آنذاك باعتبار أن له أنصارا كثيرين ضمن أعضاء المجلس الوطني. وأفادت المصادر ذاتها أن المجلس الوطني تم انتخابه في الفروع، خارج أشغال المؤتمر، على أساس كل 100 منخرط تفرز ممثلا واحدا، وبالتالي فقد كان التوجه العام من الخطوة هو تهريب انتخاب الكاتب العام خارج المؤتمر ليتم فتح المجال لبلعربي للتنافس بشراسة مع الزاير، غير أن أشغال الجلسة العامة للمؤتمر التي انعقدت مساء السبت الماضي، كادت تعصف بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل بأكملها، بعد مناوشات ومشادات كلامية، واعتصام وانسحاب، قبل أن تتمخض في النهاية عن انتخاب عبد القادر الزاير كاتبا عاما جديدا للكونفدرالية. وأثناء الجلسة العامة للمؤتمرين، تضيف المصادر ذاتها، طالب تيار علال بلعربي عدم إدراج انتخاب الكاتب العام أثناء أشغال المؤتمر، وتحويله إلى المجلس الوطني، وهو ما دفع غالبية المؤتمرين المناصرين لعبد القادر الزاير إلى التصعيد، حيث بلغ الاحتقان درجته حين قرر أنصار الزاير الاعتصام داخل القاعة إلى حين التصويت على الكاتب العام، معتبرين أن المؤتمر سيد نفسه، وهو من يقرر كل شيء. وواصل تيار بلعربي الدفاع عن فكرته، مبررا ذلك أنه تم الاتفاق في المكتب التنفيذي على أن نقطة الكاتب العام سيتم تأجيلها إلى المجلس الوطني، وهو ما تصدى له أنصار الزاير، الذين أصروا على الانتخاب داخل المؤتمر، وأن أعضاء المكتب التنفيذي قد انتهت ولايتهم ولم تعد لهم سيطرة على أشغال المؤتمر. وأضافت المصادر عينها، أن الزاير تمكن من الانتصار في المؤتمر السادس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والحصول على منصب الكاتب العام لاشتغاله كثيرا داخل المؤتمر، لأنه أعلى سلطة تقريرية، وحصوله على ثقة أغلب المؤتمرين الجدد، بخلاف منافسه بلعربي الذي اشتغل على الفروع. وواصل المصدر سرده لتفاصيل الليلة الطويلة، مشيرا إلى تدخل عدد من أعضاء رئاسة المؤتمر التي تضم القادة، والتي انقسمت بدورها إلى اتجاهين مناصرين للطرفين المتنازعين حول طريقة الانتخاب، وهو ما جعل بلعربي يقوم بمحاولة الحصول على كلمة توضيحية، والتي بالكاد حاول التأكيد من خلالها على فكرته في الموضوع، غير أن أغلب المؤتمرين رفضوا كلمته ليعلن عن الانسحاب من أشغال المؤتمر، قبل أن يعلنوا فيما بعد في بلاغ أصدروه بالمناسبة، عن استمرارهم في العمل بالكونفدرالية وأنه ليس لديهم مشكل مع الزاير.