على إثر المقال الذي نشرته “أخبار اليوم” سابقا، والذي كشفت فيه عن وثائق تظهر استفادة نورالدين بنسودة، المدير الحالي للخزينة بوزارة المالية، من تفويت أرض للدولة بمراكش، لإنجاز مشروع عقاري كبير يُدرّ الملايير، سارعت جمعية حماية المال العام بوضع شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تطالبه ب”فتح بحث معمق بخصوص وجود شبهة تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والغدر وتضارب المصالح والاستماع إلى نورالدين بنسودة، مدير الخزينة العامة، وإلى المدير الجهوي للأملاك المخزنية بمراكش، نور الدين زين الدين”. كما طالبت حماية المال العام بالاستماع، أيضا، إلى أعضاء اللجنة الإقليمية التي حددت ثمن تفويت العقار أعلاه، وإلى حسين زفاض بصفته الممثل القانوني لشركة “سليم سكن”، والاستماع لكل شخص قد يفيد في تحقيق العدالة، مطالبة بمتابعة كل من تبث تورطه في موضوع وقائع هذه القضية. والتمست جمعية الغلوسي، من الوكيل العام للملك بمراكش إصدار تعليماته للشرطة المختصة قصد القيام بكافة الأبحاث والتحريات الضرورية والخبرات المفيدة، وحجز كافة الوثائق ذات الصلة بموضوع القضية. وفي السياق ذاته، كشف الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام لجهة مراكشآسفي، في الشكاية التي وضعها بين يدي الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بمراكش، وقوفه على “عملية تفويت عقار مخزني يقع بمنطقة تاركة بمراكش مساحتها 20280 مترا مربعا ذي الرسم العقاري 7331 / م لإنجاز مشروع عقاري كبير، عبارة عن مركب سياحي بالمنطقة لفائدة شركة ذات المسؤولية المحدودة تسمى “سليم سكن” بثمن 300.00 درهم للمتر المربع، أي 6 ملايين و84 آلاف درهم، وذلك سنة 2007″. وأوضحت شكاية حماية المال العام أن عملية التفويت هاته “تمت بين الشركة المذكورة في شخص ممثلها القانوني المسمى الحسين زفاض وبين المدير الجهوي للأملاك المخزنية بمراكش السيد نورالدين زين الدين، ويستنتج من الوثائق المتوفرة أن الشركة موضوع هذه الشكاية يملك أسهمها مناصفة السيد حسين زفاض والسيد نور الدين بنسودة، المدير الحالي للخزينة العامة، باعتباره وصيا على حصتي ابنيه القاصرين البالغين من العمر خلال تاريخ التفويت على التوالي 7 و9 سنوات”. وكشفت المعطيات المثيرة لجمعية حماية المال العام “أن عملية التفويت تمت تحت غطاء إنجاز مشروع استثماري في المجال السياحي”، وهو الأمر الذي قالت الجمعية في شكايتها “نتخوف من أن تكو ن الغاية من ذلك، هو التغطية على الثمن الزهيد الذي فوت به العقار المذكور من أجل تحقيق أهداف شخصية وأرباح عقارية بعد التخلي عن إنجاز المشروع المذكور”. وأكدت الجمعية في شكايتها “أن عملية التفويت لم تخضع لمساطر واضحة ولم تحترم قواعد المنافسة والشفافية ومساواة الجميع أمام القانون وتكافؤ الفرص”، مشددة على أن “امتلاك قاصرين لا يصل عمرهما عشر سنوات تحت ذريعة أن والدهما السيد بنسودة هو الوصي عليهما، لا يهدف إلا إلى التحايل على القانون وتحقيق مصالح شخصية واستغلال مركزه الوظيفي، الذي يبدو أنه هو الذي سهل تفويت عقار في موقع استراتيجي بمدينة مراكش بثمن زهيد، الشيء الذي يتعارض مع الدستور الذي يؤكد على مبدأ الحكامة والشفافية والتنافس الحر”. وكشفت جمعية حماية المال أن “الوثائق المتوفرة والظروف التي مرت فيها عملية التفويت والأطراف المتدخلة والمستفيدة من العملية، تبين أن وجود مدير الخزينة العامة السيد نور الدين بنسودة وراء الشركة التي استفادت من عملية التفويت يدل على أن هناك تضارب المصالح، خاصة وأن مدير الخزينة كان إبان التفويت، مديرا للضرائب وهو الشيء الذي يتناقض والفصل 36 من دستور 2011”. كما أكدت شكاية الغلوسي “أن عدم إتمام المشروع، حسب دفتر التحملات في الزمن المحدد وفق قانون الاستثمار، يبين بأن هناك تحايلا على القانون لتفويت العقار تحت غطاء الاستثمار السياحي، خاصة وأن مدينة مراكش تعرف ارتفاعا في العقار بالمناطق الاستراتيجية كمنطقة (تاركة)”. وقالت جمعية حماية المال العام، “إن حقيقة ثمن تلك الأرض التي تقع في القلب النابض لمدينة مراكش، والتي يقطنها أثرياء المدينة، والتي هي أرض مجهزة وتقع بمنطقة (تاركة) لا يقل ثمنها عن 20.000.00 درهم للمتر المربع، وذلك حسب الأثمان العقارية الرائجة والمسجلة في عقود البيع بالمحافظة العقارية بمراكش، هو ما جعل الفرق بين ثمن التفويت والثمن الحقيقي للعقار هو 400 مليون درهم، وهو مبلغ فُوت على خزينة الدولة.