البرلمانيون يرغبون أن يشمل عمل لجان تقصي الحقائق المؤسسات العسكرية والأمنية والدبلوماسية لكنهم يشترطون لذلك موافقة رئيس الحكومة، الذي رموا الكرة في ملعبه . مديرو ومسؤولو المؤسسات العمومية مهددون بالسجن لخمس سنوات ودفع 5 ملايين سنتيم في حالة امتناعهم عن الإدلاء بشهادتهم أمام لجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي يمكن أن يشكلها أحد مجلسي البرلمان، وبنكيران صاحب الكلمة الفصل في التحقيق في المؤسسات والوقائع العسكرية والأمنية والدبلوماسية، هذا ما تضمنته المسودة الأخيرة لمقترح القانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق الذي وضعت لجينة برلمانية مصغرة منبثقة عن لجنة العدل والتشريع، لمساتها الأخيرة عليها قبل عرضها للمناقشة والتصويت. مسودة القانون التنظيمي التي تعد بمثابة زواج قصري بين مقترحين للأغلبية والمعارضة أحدهما لحزب العدالة والتنمية والآخر للتجمع الوطني للأحرار، أضفى على المؤسسات الأمنية والعسكرية والدبلوماسية طابعا استثنائيا وحصّن نجاح التحقيق بشأنها بضمانة رئيس الحكومة، حيث اشترطت المبادرة البرلمانية جمع لجنة التحقيق البرلمانية لأي معلومات حول وقائع تتعلق بالدفاع الوطني أو أمن الدولة الداخلي أو الخارجي أو علاقات المغرب مع دولة أجنبية، إخبار رئيس الحكومة بالموضوع، الذي خوّله مقترح القانون التنظيمي، حق الاعتراض على كشف أي معلومات لهذه المؤسسسات السيادية بسبب الطابع السري للوقائع المطلوب التقصي فيها، كما يمكن لرئيس الحكومة رفض تسليم الوثائق المطلوبة إلى اللجنة وهو ما يعد إنهاء لفرص نجاحها. سلطات رئيس الحكومة الملتحية لا تقف عند حد القرار النهائي في تقديم المعلومات الحساسة، بل يمكنه أن يتدخل لحماية أي مسؤول أمني أو عسكري أو دبلوماسي ومنعه من التوجه للمؤسسة التشريعية للإدلاء بالشهادة المطلوبة. وإذا لم يتم احترام رغبة رئيس الحكومة في هذا المجال، جاز للسلطة المعنية بوقائع التحقيق، الدفع بعدم قبول طلب اللجنة البرلمانية. في مقابل الحماية القوية التي وفّرها أول مقترح تنظيمي، يمكن أن يُصدَّق عليه، في حكومة عبد الإله بنكيران للمؤسسة العسكرية والأمنية والدبلوماسية، توعّد المقترح بجر مديري المقاولات والمؤسسات العمومية والوزراء وكبار رجالات الإدارة والمسؤولين العسكريين في حالة موافقة بنكيران بمعاقبتهم بالسجن قد تصل مدته إلى خمس سنوات، أو دفع 5 ملايين سنتيم؛ هذا، وتنسحب هذه العقوبات على كل شخص تم استدعاؤه بصورة قانونية من طرف رئيس لجنة تقصي الحقائق ولم يحضر أو امتنع عن الإدلاء بشهادته أو من أداء اليمين أمام لجنة تقصي الحقائق دون عذر مقبول، كما تطبق العقوبات نفسها على كل مسؤول امتنع عن تسليم الوثائق والمعلومات المتعلقة بالوقائع التي تحقق فيها اللجنة البرلمانية. هذه العقوبات القاسية يمكن أن تطال البرلمانيين ذاتهم، الذين يشكِّلون لجنة التحقيق حيث توعد المقترح كل شخص قام بالكشف عن المعلومات التي تولت اللجنة جمعها، ولا سيما ما يتعلق منها بمضمون الاستماع إلى الأشخاص المدعوين للإدلاء بشهادتهم، كيفما كانت الوسيلة التي يستعملها ب5 سنوات سجنا و5 ملايين سنتيم. المقترح أنهى الجدل السياسي الذي فجر داخل مجلس المستشارين على خلفية تقرير اللجنة التي ترأسها عبد الحكيم بنشماس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، في قضية المكتب التسويق والتصدير، خصوصا بعد وضع القضاء يده عليها؛ المقترح نص على أنه إذا تم فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية، يخبر رئيس الحكومة رئيس المجلس المعني بالأمر وتنهي اللجنة مهمتها فورا، ولتأكيد هذا المقتضى في أذهان البرلمانيين، فرض النص على رئيس لجنة تقصي الحقائق المشكلة، إيداع تقرير يثبت انتهاء مهام اللجنة في أقرب الآجال لدى مكتب المجلس.