لم تلتئم بعد جراح مئات العائلات التي كان أحد ذويها على متن قطار الخليع الذي جر كارثة حقيقية، صباح أمس الثلاثاء، خلفت ضحايا في الأرواح، ومصابين بجروح متفاوتة الخطورة، وشلت المقطع السككي الوحيد العابر لمحور القنيطرةالرباط…ففي ثانية تحول كل شيء إلى دمار وأشلاء. ولم يتوان المواطنون عن تقديم كل أنواع التضامن بين من توجه مباشرة إلى مراكز تحاقن الدم، لمساعدة من يحتاج إليه من المصابين، ومن وضع سيارته رهن إشارة من لم يستطع اللحاق بعمله بعد الحادث، كما تم وضع حافلات رهن إشارة المسافرين لاستكمال سفرهم بين سلاوالقنيطرة. وبين هؤلاء وأولئك، عاشت عائلات الضحايا أحلك أيامها، سيما الأسر التي لم تعلم ولحدود قرابة الساعة الخامسة من مساء أمس الثلاثاء مصير أزواجها أو أبنائها الذين كانوا على متن “قطار الموت”. “قطار الموت” “قطار الموت” الذي كان يربط بين البيضاءوالقنيطرة، والذي خلف سبعة قتلى بين نساء ورجال وأطفال، و125 مصابا بجروح متفاوتة، ضمنهم سائق القطار، انحرف عن سكته على مستوى منطقة بوقنادل وسيدي الطيبي، حسب الرواية الرسمية. وبعد التعزية الملكية والتكفل بالقتلى، عجلت تعليمات ملكية بحلول وفد حكومي مكون من وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزير التجهيز والنقل واللوجستيك، عبد القادر عمارة، ورئيس جهة الرباطسلاوالقنيطرة عبد الصمد السكال، بالإضافة إلى تعبئة أمنية كبيرة، وعشرات سيارات الإسعاف التي ظلت تنقل الأموات والمصابين إلى عدد من المستشفيات للعلاج. وفيما أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط عن فتح بحث قضائي من أجل استجلاء ظروف وأسباب الحادثة التي أدت إلى انحراف القطار المكوكي رقم 9 الرابط بين مدينتي الرباطوالقنيطرة في منطقة بوقنادل، شرعت السلطات المحلية بسلا، ومسؤولي مستودع الأموات بمقاطعة تابريكت، قرابة الساعة التاسعة في تسليم جثث بعض ضحايا حادثة القطار. ووسط أجواء من الحزن والألم، وبحضور العشرات من أقارب الضحايا، خرجت من مستودع الأموات أول جثة للشاب الممرض الحديث التخرج، والذي يبلغ من العمر 21 سنة، ويتحدر من مدينة سيدي سليمان، وستقام له اليوم صلاة الجنازة.فيما اختارت أسرة الشرطي الضابط التي تقطن بسلا أن تؤجل تسلم الجثة إلى يومه الأربعاء حتى يتسنى وصول والده المقيم بآسفي. 10 إصابات حرجة بالمستشفى العسكري بعد الأوامر الملكية، استقبل المستشفى العسكري الحالات الحرجة، إلا أن التكتم كان السمة الغالبة على جميع الأطر الطبية التي كانت تعمل في سرية لإنقاذ الأرواح، وعلاج الحالات الخطيرة التي وصلتهم. وعبرت عائلات الضحايا الذين كانوا على متن القطار، في تصريح ل”اليوم 24″، عن تذمرها من “صمت” مسؤولي المستشفى العسكري حول مصير أفراد أسرهم، فيما لم تستطع أسر أخرى معرفة مكان تواجد ذويها بعد رحلة بحث طويلة بين مستشفيات الرباطوسلا. وفي حديث مع الموقع، أكد بعض الشباب الذين يدرسون بالقنيطرة أنهم كانوا على متن الرحلة التي سبقت “قطار الموت” وأنهم شعروا ببعض الهزات حين وصولهم إلى مكان حدوث الكارثة. الشباب الذين حضروا للاطمئنان على زميل لهم، والذين تم إبلاغهم بوفاة زميلتين لهم في الدراسة كانتا على متن نفس القطار عبروا أيضا عن امتعاضهم من قطارات الخليع، متأسفين لهذا الحادث الذي سيخلف أثرا سيئا ورعبا كلما انتقلوا إلى مكان دراستهم عبر هذه القطارات. وكشف بليمني لحسن، أستاذ الإنعاش والتخدير ورئيس مصلحة المستعجلات بالمستشفى العسكري الدراسي محمد الخامس بالرباط، أنه تم استقبال 12 حالة من جرحى حادث انحراف قطار يربط بين الرباطوالقنيطرة، حيث تم الاحتفاظ بعشر حالات إصاباتهم حرجة، فيما تم إجلاء حالتين نظرا لعدم خطورتهما. وأضاف المصدر ذاته، في تصريح للقناة الثانية، أن 6 حالات من جرحى الحادث، الذي وقع صباح أمس الثلاثاء توجد حاليا في الإنعاش، فيما 4 حالات أخرى تستدعي التدخل الجراحي. وتابع بليمني أن الطاقم الطبي بالمستشفى العسكري يستعد لاستقبال حالتين جديدتين من ضحايا الحادث قادمتين من مدينة سلا. تبرع بالدم..ومطالب باستقالة المسؤولين تضامنا مع ضحايا فاجعة قطار بوقنادل، أطلق نخبة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، دعوة من أجل التبرع بالدم، وهي الحملة التي لقيت ترحيبا كبيرا من طرف المواطنين، حيث استقبل مركز التبرع بالدم بمدينة العرفان بالرباط، وكذا حافلة التبرع بالدم المتواجدة بباب الحد، مئات المتبرعين لتقديم المساعدة للمصابين في هاته الفاجعة. وبعيدا عن نداء الاستغاثة الذي ضمته صفحات الفايس بوك، توجه عدد من المواطنين إلى أماكن التبرع بالدم من أجل منح بعض الأمل لمن يحتاجه من جرحى. من جهة أخرى، أطلق النشطاء الفايسبوكيون حملة لمحاسبة المتورطين في هذه الكارثة، كما طالب البعض باستقالة وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، عبد القادر عمارة، ومحمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، فيما دعا آخرون إلى مقاطعة قطارات لخليع، بسبب المشاكل العديدة التي تعرفها، سواء تعلق الأمر بالتأخر عن المواعيد، أو بسبب الخدمات المتدنية.