ليلة سوداء تلك التي عاشها عشرات المكفوفين المعطلين، أمس الأحد، بعد أن أخذت المنية أحد زملائهم (عبد الغفور صابر) الذي سقط أرضا من على سطح مبنى عمارة وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، حيث فقد توازنه وهو واقف على حافة المبنى وسط الظلام، بينما كان يكلم أفراد أسرته من أجل إرسال بعض المال إليه صباح اليوم الاثنين لاقتناء ما يسد به رمقه. وقبل وفاة صابر بأيام قليلة، حاول أحد المعتصمين إحراق نفسه، لولا تدخل باقي زملائه لثنيه عن هذه الخطوة. لأكثر من عشرة أيام، ظلت حناجر 45 مكفوفا معطلا معتصما فوق المبنى، تصرخ للمطالبة بالتوظيف المباشر بالنظر إلى أوضاعهم الصحية، ولم تحرك التهديدات المتواصلة للمكفوفين أعضاء التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين حاملي الشهادات، أيا من الجهات المعنية بهذا الملف، من أجل تجديد الحوار للوصول إلى حل مناسب لجميع الأطراف. ولا يزال قرابة 30 مكفوفا معطلا يعتلون سطح وزارة الحقاوي، فيما يرابض عشرات آخرون أمام الوزارة، احتجاجا على ما آلت إليه أوضاعهم، رافعين شعار “الموت…ولا المذلة”. إصرار على الاعتصام..تعزية محتشمة وفاة الفقيد “صابر” سقوطا من على سطح وزارة الحقاوي، يذكرنا بحالة أخرى وقعت سنة 2011، حين لقي أحد المكفوفين المعتصمين بسطح الوزارة حتفه، ذات يوم خميس (29 دجنبر 2011)، إثر سقوطه بمدخل المصعد، حيث أصيب بجروح بليغة في الرأس لفظ بسببها أنفاسه الأخيرة بمستشفى ابن سينا بالرباط. وفيما أكد عبد الله التونسي، أحد المعطلين المعتصمين فوق سطح البناية، في اتصال مع”اليوم 24″، إصرار باقي المجموعة (30 معطلا) على الاستمرار في الاعتصام فوق سطح بناية الوزارة إلى حين تحقيق مطالبهم، خرجت الوزارة المعنية ببلاغ تعبر من خلاله عن “حزنها وأسفها على هذا الحادث الأليم”، موضحة أنه “تم نقل الفقيد، تغمده الله برحمته، مباشرة بعد سقوطه من الجهة الخلفية للبناية عبر سيارة الإسعاف التي كانت مرابطة جنب الوزارة طيلة مدة الاعتصام، وقد وافته المنية في طريقه إلى مستشفى ابن سينا”. وزادت أنه “تم فتح تحقيق في الحادث من طرف السلطات المعنية تحت إشراف النيابة العامة”. هذا في الوقت الذي أكد فيه “التونسي” على أن أيا من الجهات الرسمية لم تقترب من سطح البناية لمحاورتهم، حتى بعد هذا الحادث المؤلم. وشدد المتحدث ذاته على أن هذا الحادث المفجع، لن يثنيهم عن مواصلة نضالهم من أجل المطالبة بالإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية، وتوفير العيش الكريم، ورد الاعتبار لهذه الفئة، “مهما كان الثمن”. إصرار بطعم الموت تأسست التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين حاملي الشهادات منذ سنة 2011، وتضم ثلاث مجموعات، “النجاح المستقلة”، “مجموعة الوحدة المستقلة”، و”مجموعة الفتح”، وذلك بهدف المطالبة بالتوظيف المباشر، وضمان العيش الكريم لهذه الفئة من المجتمع، وسبق أن فتح أعضاء المجموعة حوارات متعددة منذ حكومة بنكيران، إلا أن “الوهم” ظل سيد الموقف يقول “التونسي” ل”اليوم 24″. وفي وقت حسمت فيه الحكومة مع التوظيف المباشر، ظلت هذه الفئة مصرة على تحقيق مطلب التوظيف المباشر من خلال العديد من الأشكال النضالية، منها الاعتصام فوق مبنى وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، والوقفات الاحتجاجية، واقتحام بيت عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، ووضع السلاسل والتهديد بالانتحار أمام البرلمان.