على خلفية الحملة، التي أطلقها المغرب لترحيل المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من مدن الشمال نحو مدن الجنوب، منذ بداية شهر غشت الماضي، وجهت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” انتقادات لاذعة إلى الحكومة المغربية، معتبرة أن “الحملة الصارمة المتواصلة ضد آلاف المهاجرين، واللاجئين من جنوب الصحراء غير قانونية”. وقالت هبة مرايف، مديرة برنامج الشرق الأوسط شمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، في التقرير ذاته، إن “هذه الحملة المروعة على المهاجرين، واللاجئين في المغرب قاسية، وغير قانونية على حد سواء. إنها تمثل انتكاسا يثير القلق من قبل حكومة قدمت في عام 2013 التزامات جديدة بشأن سياسة اللجوء والهجرة لجعل المغرب بلداً يمتثل للمعايير الدولية”. ونقلت أمنيستي عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن “المداهمات الأمنية اجتاحت، منذ شهر يونيو، ما يقدر بخمسة آلاف شخص، كُدّسوا في الحافلات، وتركوا في مناطق نائية قريبة من الحدود الجزائرية، أو في جنوب البلاد. وقامت الجمعية بمراقبة عدد الحافلات، التي غادرت من طنجة، وتطوان، والناظور، وحسبت تقديرات لعدد الأشخاص، الذين تم ضبطهم”. وأضافت مرايف: “يجب على السلطات المغربية أن توقف على الفور هذه المداهمات التمييزية، وأن تفي بالالتزامات الإيجابية، التي تم التعهد بها خلال السنوات الخمس الماضية لاحترام الحقوق الإنسانية للمهاجرين. وللمضي قدماً، يجب أن تعتمد قانونا للجوء يحدد الإجراءات والحماية الصحيحة بما يتماشى مع القانون الدولي”. وقالت “أمنيستي” في تقريرها إن الأجهزة الأمنية المغربية داهمت، واعتقلت بشكل تعسفي، ما يقدر بنحو 150 شخصاً منحدرين من جنوب الصحراء في طنجة قبل نقلهم إلى المدن الجنوبية حيث تركوا هناك. وأبلغ الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان منظمة العفو الدولية أن المهاجرين اعتقلوا بعد أن بدؤوا احتجاجاً صغيراً أمام القنصلية الإسبانية، مطالبين بالحرية للمهاجرين من جنوب الصحراء في المغرب. وأوضحت أمنيستي أنها حصلت على معلومات بشأن حملة المداهمات الجارية، تفيد أن السلطات اعتقلت المهاجرين، وطالبي اللجوء، واللاجئين دون التحقق من وثائقهم القانونية، واحتجزتهم لساعات قليلة، وأخذت بصماتهم، ثم أرغمتهم على ركوب الحافلات؛ وكانوا مكبلين بالأصفاد، أو في بعض الحالات كانت أيديهم مقيدة بالحبل؛ وهُجّروا قسراً إلى مناطق نائية قريبة من الحدود الجزائرية، أو في المناطق النائية الجنوبية القريبة من تزنيت، والرشيدية، وبن جرير، وبني ملال، ومراكش. وفي العديد من الحالات، كان على المهاجرين السير لعدة كيلومترات، قبل الوصول إلى أول مركز حضري، يمكنهم من خلاله العودة إلى أوطانهم. ووفقاً لوكالة الأممالمتحدة للاجئين في الرباط، فقد نقل، خلال الأحداث الأخيرة، ما لا يقل عن 14 طالب لجوء، وأربعة لاجئين مسجلين في المغرب قسراً إلى جنوب البلاد، مستدلة بحالة إحدى اللاجئات في طنجة، التي اعتقلت، في 7 من شهر غشت الماضي، في طنجة، مع ابنها البالغ من العمر سنة واحدة، وأُرغما على ركوب حافلة، ثم أطلق سراحهما فيما بعد في القنيطرة على بعد 200 كيلومتر، وهي الواقعة، التي علقت عليها المسؤولة في “أمنيستي” بالقول: “إنه لمن المروع أن نرى الأطفال الصغار من بين أولئك، الذين تعرضوا لهذه العقوبات الوحشية، وكذلك طالبي اللجوء، واللاجئين المعترف بهم من الأممالمتحدة، بالإضافة إلى المهاجرين المسجلين، الذين يحملون بطاقات إقامة”. يذكر أن موضوع ترحيل المهاجرين من الشمال إلى الجنوب لا يزال محط اهتمام حكومي، إذ خصص مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أمس الخميس، حيزا مهما من ندوته الصحافية لعرض مبررات الحكومة لخوض عملية واضحة لترحيل المهاجرين. وقال الخلفي إن المستهدفين من العملية هم المهاجرون، الذين لم يتجاوبوا مع عملية تسوية الوضعية القانونية، التي أطلقها المغرب على مرحلتين، ولا مع عملية الإعادة الطوعية لبلدان المنشأ، التي ينظمها المغرب بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية. وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إلى الحكومة المغربية بسبب استعمال العنف المفرط تجاه المهاجرين لإجبارهم على الترحيل من الشمال إلى الجنوب، إلا أن الخلفي، أمس، تشبث بأن العملية، التي ترعاها الحكومة، تحترم المقتضيات القانونية المعمول بها.