بعد تسترها لمدة على انتشار "الكوليرا" في البلاد، سارعت الحكومة الجزائرية إلى تطويق انتقاد الجزائريين لتعاملها مع الوباء، مقرة، أمس السبت بوفاة الضحية الثانية لوباء الكوليرا، وارتفاع حالات الإصابة به إلى 127 حالة، بينها 97 حالة لاتزال تخضع للعلاج في المستشفيات. ويسود في المغرب خوف من وصول الداء إلى أراضيه، لتزامنه مع فصل الصيف، وتدفق سياح، ومسافرين من الجارة الشرقية نحو المملكة. وزارة الصحة في الجارة الشرقية أقرت بانتشار الوباء في ولايات، منها الجزائر العاصمة، والبويرة، وسط غضب شعبي عارم من التعامل الرسمي مع الوباء، الذي وصف ب"اللامسؤول"، بعدما تعمدت الحكومة التستر عليه، وعلى مصدره، وأعلنته متأخرا، على الرغم من ظهور أعراضه على عشرات الأشخاص، قبل أيام. وكانت قد ظهرت الإصابات في الجزائر، قبل أكثر من أسبوع، من الإعلان الرسمي عن الوباء، فيما لم تكشف وزارة الصحة المغربية، ومديرية علم الأوبئة، ومحاربة الأمراض أي إجراءات استثنائية لمنع دخول المرض إلى الأراضي المغربية. ونقلت وكالات دولية أن عددا من القضايا طبعت ملف انتشار "الكوليرا" في الجزائر، وهي معالجة هذه الأخيرة لملف المهاجرين الأفارقة، التي تلقت عليها انتقادات دولية، وهو ما تستطيع الحكومة الجزائرية استغلاله، بربط الوباء بالأفارقة. وكان مدير الوقاية في وزارة الصحة الجزائرية، قد صرح خلال الأسبوع الجاري بأن مصدر الوباء منبع مائي بري، تأتي مياهه من الجبال، ويتزود منه السكان العابرون للمكان، قرب العاصمة الجزائرية، في المقابل قال مدير معهد "باستور" الجزائري، إن التحاليل البكتيرية التي أجراها المعهد على عينات المصابين، أثبتت أن وباء الكوليرا انتقل "بسبب غياب شروط النظافة في بعض المواد المستهلكة"، مستبعدا أن يكون الأمر له علاقة بالمياه. ورأى مراقبون في انتشار "الكوليرا" مجددا بعد 20 سنة من الغياب عن الجزائر، له دلائل عن انكشاف الأمن الصحي، وضعف المنظومة الصحية، وعدم فعالية مصالح الرقابة والوقاية المحلية، وضعف الصحة العمومية للمواطن، مدللا بأن ظهور الكوليرا جاء بعد أشهر قليلة من انتشار وباء آخر، لا يقل خطورة وهو "الحصبة" الذي أودى بحياة العددين بصحراء الجزائر.