كشفت السلطات الجزائرية عن وفاة شخص وإصابة 41 شخصا بوباء الكوليرا، في أربع ولايات، بينها العاصمة الجزائر، وأعلنت عن تدابير حازمة لمحاصرة انتشار الوباء. وقال مدير الوقاية في وزارة الصحة الجزائرية، جمال فورار، في مؤتمر صحافي أمس الخميس، إن "شخصا يبلغ من العمر 46 سنة توفي في ولاية البليدة قرب العاصمة، بعد إصابته بوباء الكوليرا، مما تسبب في إصابته بسكتة قلبية. السلطات الصحية سجلت، حتى الآن، إصابة 41 شخصا بالوباء، بعد فحص 88 حالة تم نقلها إلى المستشفيات". وكشف فورار أن "خريطة الوباء تشمل 4 حالات في العاصمة الجزائر، و20 حالة في ولاية البليدة، إضافة إلى 6 حالات في ولاية البويرة، و11 حالة في ولاية تيبازة. بين المرضى 26 طفلا موجودين تحت العناية الطبية في المستشفيات". بدورها، أعلنت وزارة الصحة الجزائرية وضع المستشفيات في حالة طوارئ، تحسبا لاستقبال حالات إضافية من المصابين. وأكد فورار أن "الحالات الأولى لوباء الكوليرا ظهرت في حي خزرونة وسط مدينة البليدة، بسبب استهلاك مياه غير صالحة للشرب، قبل أن تنتشر في أماكن أخرى، بسبب انتقال المصابين لزيارة أقاربهم بمناسبة عيد الأضحى". ووضعت السلطات المرضى في الحجر الصحي، في مستشفى "بوفاريك" قرب العاصمة الجزائر، وحظرت أي اتصال بينهم وبين أهاليهم، لكن عائلاتهم تجمعت قبالة المستشفى، واتهمت السلطات بالإهمال. وأعلنت الشركة الجزائرية للمياه، عن إجراء تحاليل عاجلة على عينات من المياه لمعرفة الأسباب التي أدت إلى ظهور الوباء. ودعت وزارة الصحة المواطنين إلى التزام التدابير الوقائية لمنع انتشاره، خاصة ما يتعلق بمعالجة المياه واحترام شروط الصحة والنظافة. وذكر مدير الوقاية في وزارة الصحة أن "هذه المرة الأولى التي تسجل فيها الجزائر ظهور وباء الكوليرا منذ عام 1996"، مشيراً إلى أن عودة الكوليرا مرتبطة بغياب النظافة ومشاكل اختلاط المياه الصالحة للشرب بمياه غير معالجة. من جهته قال الزبير حراث، مدير معهد باستور أن الأبحاث متواصلة لمعرفة مصدر هذه الاصابات، مستبعدا أن يكون الماء الشروب هو المصدر، بعد أن استبعدت التحاليل التي أجريت على 20 نقطة تلوث المياه، مرجحا أن يكون المصدر أغذية في انتظار ما ستكشف عنه التحاليل المخبرية. وأثار الإعلان الرسمي عن انتشار وباء الكوليرا في الجزائر، موجة سخط عارمة لدى الرأي العام، وسط اتهامات لتعاطي الحكومة الجزائرية مع الشأن العام بالشكل الذي تسبب في عودة "أمراض الفقر" في القرن الواحد والعشرين. وتواجه حكومة رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى انتقادات لاذعة؛ بسبب فشلها في محاصرة أمراض أعلنت عدة بلدان القضاء عليها والتخلص منها بصفة نهائية، في وقت لا تزال تجد طريقًا لها في الجزائر. ورأى ناشطون أن الإعلان عن إصابة أشخاص بأوبئة يفترض أنها اندثرت منذ عقود، مثل: الحصبة والتفوئيد والتهاب السحايا، فضلًا عن الحمى القلاعية والكوليرا، ينم عن "عجز" حكومي في رسم استراتيجية صحية سليمة. وانتقد هؤلاء تعاطي الحكومة مع انتشار داء الكوليرا وعدم إلقاء رئيس الوزراء أحمد أويحيى، لخطاب يطمئن من خلاله الجزائريين الذين يعيشون تحت وقع الصدمة. ودعا رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، البروفيسور محمد بقاط بركاني، وزارة الصحة الجزائرية لتفادي تقزيم الكارثة الصحية، والاكتفاء بتوصية المواطنين باتخاذ التدابير الوقائية كغسل اليدين والخضر والفواكه وتفادي شرب مياه الحنفيات وكأن الأمر هين. وأكد البروفيسور بركاني، أن الحكومة الجزائرية مطالبة بمحاصرة الوباء؛ لتفادي انتشاره تجنبًا لكارثة حقيقية، خصوصًا في ظل تكتم تام عن ذكر الأسباب التي تقف وراء عودة الكوليرا.