يبدو أن التحضيرات التي باشرتها السلطات عشية انطلاق العد العكسي لحلول عيد الأضحى، والتعليمات الصارمة التي أصدرها والي جهة البيضاء – سطات، عبد الكبير زاهود، وضمنها في مراسلة إلى كافة عمال المقاطعات، تطالب بضرورة إقامة أسواق نموذجية لبيع الأغنام، لم تمنع من حماية المستهلكين البيضاويين من سطوة المضاربين، "الشناقة"، الذين ألهبوا الأسعار في جل أسواق العاصمة الاقتصادية. حسب تصريحات شهود عيان استقيناها من مرتادي بعض أسواق الغنم بالدارالبيضاء، أكدوا ل"أخبار اليوم"، تزايد الطلب على شراء الأضاحي، وسط اختفاء العرض من الأسواق. مصادرنا تحدثت عن عمليات "احتيالية" يتعرض لها البيضاويون داخل هذه الأسواق، أبطالها مضاربون يستغلون حلول هذه المناسبة الدينية، عند انطلاق عمليات البيع والشراء في الأسواق المخصصة، فيبدؤون بتبادل المعلومات فيما بينهم حول حركية الطلب وثمن الأسعار بواسطة هواتفهم النقالة، بعدما عمدوا إلى شراء كميات كبيرة من الأغنام من الكسابة والفلاحين مباشرة في محاولة ليعيدوا بيعها للمواطنين بأثمنة مرتفعة. وحسب تصريحات بعض الكسابة الذين التقتهم الجريدة، فإن "الشناقة" يقومون بإخفاء الكميات التي اشتروها من الأغنام من السوق، متحينين الفرصة المناسبة لبيعها مرة ثانية، بعد أن يتناهى إلى علمهم الطلب المتزايد على شراء الأضحية، في جل الأسواق، ليقوموا بعمليات تنقيل جماعية وواسعة لهذه لأغنام من سوق إلى آخر، طامحين في أرباح خيالية، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار الذي يلفح لهيبها جيوب البيضاويين الذين باتوا يكتوون بنار "الشناقة" في صمت السلطات، وفي غياب مراقبة تتبع عمليات البيع والشراء من طرف مديرية التجارة الداخلية. من جانبه، دعا بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك السلطات، إلى الضرب على أيدي "الشناقة" والوسطاء، الذين يضرون بمصالح المستهلكين والكسابة على حد سواء، داعيا إلى فرض احترام القانون وإلزام بائعي الأغنام بضرورة الإدلاء بشهادة تتبع المعاملات التي خصصتها وزارة الفلاحة والصيد البحري لهذا الغرض، والالتزام بتفعيل المرسوم الوزاري الذي يعود تاريخ إصداره إلى 1933، والذي ما زال معمولا به إلى يومنا هذا، ويلزم السلطات المحلية بمحاربة ومنع الوسطاء والشناقة من ولوج أسواق الأغنام. وشدد الخراطي على ضرورة إقامة الأسواق النموذجية لتنظيم بيع الأغنام، بعيدا عن سطوة "الشناقة"، قال إن الأسواق الحالية غير مجهزة ولا تلتزم بوسائل صحية وقانونية تضمن صحة الحيوان، وتمنح المستهلك خدمات جيدة ومنتوجا في متناول قدرته الشرائية. وطالب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، كتابة الدولة المكلفة بالتجارة الداخلية، بالتدخل العاجل لحماية أسواق الأغنام من المضاربين، مؤكدا استمرار غياب دورها في تنظيم الأسواق المغربية، وقال الخراطي: "حان الوقت لتنظيم الأسواق للخروج من الفوضى العارمة". إلى ذلك كانت وزارة الداخلية قد أصدرت تعليمات إلى مختلف مصالحها بالعمالات والأقاليم للتعامل بصرامة مع مسألة كراء المحلات لبيع الأضاحي وسط الأحياء، بعد تلقيها شكايات عدة تتعلق بارتفاع الأسعار بسبب الانتشار اللافت لظاهرة الشناقة في أسواق العاصمة الاقتصادية. وفي سياق متصل، أوضحت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أنها اعتمدت فيما يخص تقييم العرض والطلب في أسواق الأغنام على معطيين اثنين، أولهما الإحصائيات المحينة من طرفها حول رؤوس قطيع الأغنام والماعز، وذبائح الأغنام والماعز (الإناث والذكور) المسجلة في مجازر المراقبة، ثم المعايير التقنية (نسبة الولادات، نسبة الوفيات)، التي تم تسجيلها في مختلف المناطق. وقالت إن العرض المرتقب من الأغنام والماعز لعيد الأضحى 2018 بلغ ما يقارب 8.1 مليون رأس، بما يفوق نسبة 48 في المائة من الطلب المتوقع في 5.45 مليون رأس. موضحة أن هذا العدد البالغ 8.1 مليون رأس موزعة إلى العرض المرتقب ب 4.6 مليون رأس من ذكور الأغنام، و1.38 مليون رأس من إناث الأغنام، و2.1 مليون رأس من الماعز..