قررت السلطات الصينية أول أمس السبت، إرجاء هدم مسجد في ويجو في شمال البلاد، بعد أيام عدة من التظاهرات الاحتجاجية، حسب ما نقل سكان في المدينة لوكالة فرانس برس. وتلا مسؤول محلي السبت بيانا أمام المعتصمين المسلمين قبالة المسجد، أعلن فيه أن الحكومة قررت إرجاء هدمه، حسب ما أفاد متظاهرون. وإثر هذا التطور غادر أغلبية المتظاهرين المكان. وبدأ المتظاهرون التجمع يوم الخميس الفائت، قبل المهلة النهائية لهدم المسجد الكبير في بلدة ويجو في منطقة نينغشيا الشمالية، كما أفاد مالك احد المطاعم الذي عر ف عن نفسه باسم "ما" لوكالة فرانس برس. وتظهر تسجيلات فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين مئات المحتجين متجمعين أمام المسجد، بينما يقف عناصر شرطة مكافحة الشغب متأهبين وهم يحملون الدروع. وبحسب الفيديوهات التي يتعذر التحقق من صحتها، جلس المحتجون بهدوء على سلم مؤد إلى المسجد وهم يحملون الأعلام الصينية وطافوا في فنائه قبل التوجه إلى صلاة العشاء يوم الجمعة. وقال ما إن "الحكومة تقول إن البناء غير شرعي، لكن الأمر ليس كذلك. هذا المسجد تاريخه يعود لمئات السنين". وبالاستناد إلى وثائق الحكومة أعيد بناء المسجد خلال السنتين الماضيتين. لكن عملية إصدار التراخيص اللازمة لم تتم إدارتها بعناية، وتلقى عدة مسؤولين "تحذيرات جدية" من لجنة انضباط محلية. فقد تم تغيير واجهة المسجد أثناء عملية إعادة البناء من الطراز الصيني كما كان عليه بالأسقف القرميدية التي تشبه معبدا بوذيا، إلى ما يوصف أحيانا في الصين بالتصميم "العربي" الذي يضم القباب والأهل ة. وتنامى القلق مع تداول سكان ويجو أمرا حكوميا الأسبوع الماضي يطالبهم بهدم المسجد بسبب إعادة بنائه بدون مراعاة استصدار التراخيص المناسبة. وأوردت الوثيقة التي لم يكن بالإمكان التحقق من صحتها أنه في حال لم يتم هدم المسجد بحلول الجمعة 10 غشت، فإن الحكومة سوف "تهدمه بالقوة وستتحملون مسؤولية النتائج". ولم تلق النداءات التي وجهت إلى الحكومة المحلية في المقاطعة والرابطة الإسلامية الإقليمية السبت أي رد. وبدا أن كلمة "مسجد ويجو" قد خضعت للرقابة على موقع "ويبو" الصيني المشابه لتويتر عندما حاولت فرانس برس إجراء بحث باستخدام هاتين الكلمتين. يعد الإسلام واحدا من الأديان الخمسة المعترف بها رسميا في الصين، ويبلغ عدد المسلمين فيها نحو 23 مليون. وازداد الضغط على المسلمين في الأشهر الأخيرة مع توجه الحزب الشيوعي لكبح الحريات الدينية.
ودعا قادة الصين الكبار مؤخرا إلى إضفاء الطابع الصيني على الممارسات الدينية، لتكون متوافقة مع القيم والتقاليد الصينية. ودخلت القوانين الجديدة المتعلقة بالشؤون الدينية حيز التنفيذ في شباط/فبراير الماضي، ما أثار مخاوف جماعات حقوق الإنسان. وعززت القوانين الجديدة إشراف الدولة على الأديان في محاولة ل"منع التطرف"، وفي المناطق التي تضم كثافة سكانية إسلامية أزالت الحكومة الرموز الإسلامية مثل الهلال من الأماكن العامة. وذهبت الأمور أبعد من ذلك في مقاطعة شينجيانغ الغربية عبر فرض عقوبات مشددة على المسلمين لخرقهم القوانين. ومنعت اللحى وارتداء البرقع وحتى امتلاك مصاحف غير مرخصة. وبدا أن المواجهة حول مسجد ويجو قد بدأت تتوسع السبت مع إعلان مسلمين في مناطق أخرى تضامنهم مع المتظاهرين في ويجو. ونشر مسجد في مقاطعة شانجي رسالة مفتوحة على موقع ويبو قال فيها "نحن ننتظر بهدوء لنرى أن المشكلة قد حلت بطريقة مرضية". وأضاف أنه إذا لم يحدث ذلك "نحتفظ بحقنا القانوني في الذهاب إلى (مقاطعة) نينغشيا أو تقديم التماس إلى الحكومة المركزية".