في تصعيد جديد لأزمة العطش التي أشعلت، مع دخول فصل الصيف، احتجاجات بمدينة تالسينت بإقليم فجيج، نفذ سكان المدينة، يوم الجمعة الأخير، إضرابا عاما تسبب في شلها بشكل كامل، فيما شهدت شوارعها مسيرات صاخبة شارك فيها النساء والرجال والأطفال والشباب من الجنسين، وهم يقرعون على قارورات بلاستيكية فارغة وأونٍ منزلية. هذا، وأغلقت جميع المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم والأسواق أبوابها بسبب الإضراب العام، الذي وصفه المحتجون ب«الإنذاري» للفت انتباه المسؤولين إلى أزمة الماء، مؤكدين، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، تنظيم أشكال احتجاجية قد تعقد من حالة الاحتقان التي تعرفها المنطقة منذ دخول فصل الصيف. وحسب الأخبار الآتية من تالسينت، فان رقعة الغليان الشعبي بالمدينة بدأت تتسع بشكل لافت بسبب الانخراط الكبير للسكان المتضررين في الاحتجاجات المتواصلة بالمدينة، حيث باتت شوارعها لا تخلو بشكل يومي من مظاهر الاحتجاج، بعدما لجأ السكان، مع استمرار حالة الاحتقان بالمدينة، إلى ابتكار أشكال احتجاجية جديدة لممارسة مزيد من الضغط على السلطات والجهات الحكومية لمعالجة أزمة العطش التي تعرفها المنطقة منذ دخول فصل الصيف الجاري. وواجهت السلطات المحلية ومصالح عمالة بوعرفة صعوبات في إيجاد معالجة فورية لأزمة مياه الشرب، في انتظار أشغال حفر آبار حكومية جديدة بدأت منذ أسابيع قليلة من الآن، ومقابل ذلك استعانت بالنيابة العامة لتحريك المتابعة القضائية ضد كل من ثبت تزعمه الاحتجاجات التي تفجرت بالمدينة بسبب ندرة مياه الشرب. وفي هذا السياق، كشف مصدر قريب من الموضوع ل«اليوم24» أن العشرات من المحتجين توصلوا، أول أمس السبت، باستدعاء من المركز القضائي للدرك الملكي ببوعرفة، يطلب حضورهم بشكل عاجل للاستماع إليهم قبل إحالة ملفاتهم على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالمدينة، وهو ما أشعل الاحتجاجات من جديد بمدينة تالسينت، بعدما أعلن سكان المدينة رفضهم ما وصفوه ب«أساليب التهديد»، التي اختارتها السلطات للرد على الاحتجاجات وتحريك المتابعات ضد المطالبين بقطرة ماء، حيث أعلنوا تشبثهم بمواصلة الاحتجاج إلى حين عودة مياه الشرب إلى صنابيرهم، فيما لجأ المكتب الوطني للماء والكهرباء، في سابقة قد تثير مزيدا من الاحتقان، إلى إرسال فواتير بمبالغ خيالية إلى السكان، والحال أنهم، كما يقولون، لا يحصلون إلا على قطرات في أقل من ساعة في اليوم للتزود بالماء. يذكر أن «انتفاضة العطش» التي تسببت في إخراج السكان المتضررين من ندرة المياه مع بداية هذا الصيف، إلى الاحتجاج في الشارع بمناطق وزان وتاونات وزاكورة وصفرو وتازة وفكيك، تأتي وسط مؤشرات على أن الحكومة تواجه صعوبات حقيقية في معالجة ملف مياه الشرب، والتي قفزت إلى الواجهة مع الصيف الماضي، حيث تدخل رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الذي قدم في جلسته الشهرية لشهر يوليوز 2017 بمجلس النواب، خطة حكومته لمعالجة ظاهرة ندرة مياه الشرب، حيث وعد السكان المتضررين بالقضاء على العجز الحاصل في ماء الشرب قبل صيف 2018، وذلك عبر معالجة استعجالية للمشاكل التي يعانيها 37 مركزا للتزود بالماء بمختلف الأقاليم النائية، لكن تعثر إنجاز هذه المشاريع واستمرار الاحتجاجات تطلب تدخلا ملكيا في خطاب العرش الأخير، وقبله في اجتماع بالقصر حضره الوزراء المكلفون بالماء بداية يونيو الماضي، حيث أعطى تعليماته من أجل الإسراع بتزويد المملكة ببنيات تحتية مائية، من شأنها الاستجابة لحاجيات المواطنين في المناطق التي تُعاني خصاصا في مياه الشرب.