أثار اقتناء المغرب، أخيرا، عددا من الأسلحة المتطور، من بينها مروحيات أباتشي، ودبابات "أبرامز"، تساؤلات حول دلالات استمرار الرباط في تحديث ترسانتها العسكرية على نحو واسع في هذا التوقيت. وقال ثلاثة خبراء مغاربة في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول للأنباء إن اقتناء تلك الأسلحة تمليه التحديات الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية، التي تواجه المغرب، لاسيما المتعلقة بتأمين الحدود في ظل استمرار غياب الاستقرار في دول مجاورة، فضلا عن مواجهة الإرهاب، والتصدي للمحاولات الانفصالية، التي تقودها جبهة "البوليساريو" في الصحراء. وبحسب تقارير إعلامية محلية، فإن المغرب اقتنى، أخيرا، عددا من الأسلحة المتطورة، ويتعلق الأمر بمدرعات من نوع "فاب" (VAB) فرنسية الصنع، ويتفاوض للحصول على مروحيات متطورة من نوع "أباتشي" أمريكية الصنع، بالإضافة إلى حصوله على الدبابات "أبرامز" أمريكية، في انتظار وصول صواريخ متقدمة يتم تركيبها على مقاتلات "إف 16". سباق تسلح لا يمكن النظر إلى تطوير المغرب أسلحته، دون الأخذ في الحسبان سباق التسلح مع الجزائر، أكبر مستورد للسلاح في إفريقيا، وهو السباق، الذي يغذيه استمرار التوتر بشأن إقليم الصحراء بين الجارتين، وفقا لما قاله خالد الشيات، المحلل السياسي المغربي. وأكد الشيات أن المغرب يهدف إلى الحفاظ على توازن القوى مع الجزائر، ويسعى البلدان إلى اقتناء أسلحة متطورة، وذلك في إطار استمرار قضية الصحراء، مضيفا أن الجزائر تدعم جبهة "البوليساريو" ولا يمكن للمغرب أن ينظر إلى الأمر بشكل عادٍ. ودعا المحلل السياسي المغربي البلدين إلى الإنفاق على التنمية في عدد من المجالات، بدلا من الاستمرار في التسلح، إلا أنه شكك في إمكانية حدوث ذلك في الأفق القريب. وغير بعيد عما قاله الشيات، يقف الخبير المغربي في الشؤون العسكرية، والإستراتيجية، عبد الرحمن المكاوي، مؤكدا أن ما وصفه بمحاربة الانفصال في إشارة إلى جبهة "البوليساريو"، تقف على رأس المساعي المغربية لتطوير ترسانة الأسلحة. الإرهاب وتأمين الحدود ويؤكد مكاوي أن لتأمين الحدود، ومكافحة الإرهاب نصيب كبير في دفع الرباط إلى تحديث ترسانتها العسكرية، لتكون على أعلى درجات الاستعداد، خصوصا مع استمرار الاضطرابات الأمنية في الدول المجاورة. وأوضح مكاوي أن بلاده مهددة من أكثر من جهة، خصوصا أن "السلطات مستمرة في تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية، التي لها علاقة بداعش". وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، صرح في 26 من يونيو الماضي، أن" عدد الاعتداءات الإرهابية في إفريقيا تفوق نظيرتها في أوربا ب22 مرة"، لافتا الانتباه إلى أن القارة السمراء "شهدت نحو 343 اعتداء إرهابيا عام 2017، خلفت 2600 ضحية". وأضاف الوزير ذاته أن "القارة الإفريقية تضم 6000 مقاتل إرهابي ينتمون إلى تنظيم ‘القاعدة' الإرهابي، 3500 مقاتل منهم يوجدون في غرب إفريقيا". وأشار بوريطة إلى أن "عدد الأشخاص المرتبطين بتنظيم داعش الإرهابي كبير في شمال إفريقيا"، دون تقديم رقم دقيق في ذلك، متوقّعا ارتفاع هذا العدد "بسبب عودة المقاتلين الإرهابيين من العراق وسوريا". وتراهن السلطات المغربية على الحفاظ على سلامة البيت الداخلي، حيث تعلن وزارة الداخلية من وقت لآخر عن تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية. وفي أبريل، الماضي قال عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربة، خلال لقاء في مدينة مراكش، إن "المغرب عمل، من خلال سياسته الأمنية الاستباقية، منذ مارس 2015 على تفكيك 53 خلية إرهابية، منها 48 خلية مرتبطة مباشرة بتنظيم "داعش". ولفت الخيام الانتباه إلى أن "الأراضي الليبية أصبحت مركزا لاستقطاب الارهابيين، المنحدرين من المنطقة المغاربية، وهو ما يشكل تهديدا صريحا للمغرب، والمنطقة المتوسطية عموما". وتابع المتحدث نفسه "أن انهيار النظام الليبي كان سببا رئيسيا في تقوية مجموعة من الجماعات الارهابية وخلق حالة من الفوضى، التي أرخت بظلالها على منطقة المغرب العربي"، لافتا الانتباه إلى أن المغرب "كثف من جهوده الأمنية من أجل مكافحة تنظيم الدولة (داعش) في ظل بروز منطقة المغرب العربي، والساحل كأهم بديل جغرافي لأتباع التنظيم من أجل استمرار أنشطتهم الإرهابية". وفي هذا الصدد، أكد الخبير الأمني المغربي "محمد أكضيض" للأناضول أنه "لا يمكن محاربة الإرهاب، إلا عبر تملك تكنولوجية عسكرية متطورة لرصد أي تحرك محتمل للتنظيمات الإرهابية". المخدرات والإتجار بالبشر يقول أكضيض إن تحديث الترسانة العسكرية للمغرب يهدف، أيضا، إلى مواجهة شبكات تهريب المخدرات بفاعلية أكبر، وكذلك التصدي لشبكات تهريب البشر، خصوصا مع زيادة نشاط هذه الشبكات، حيث تعمل البحرية المغربية على رصد السفن على واجهاتها البحرية. وتجري البحريتان المغربية، والإسبانية سلسلة من الاتصالات الثنائية، لتحديد أماكن المهاجرين غير الشرعيين لإنقاذهم، أو توقيفهم، وقد سمح التعاون بينهما بدخول مياه البلدين دون حواجز، بغية الوصول إلى المهاجرين، الذين يتدفقون من نقاط مختلفة لعبور مضيق جبل طارق الفاصل بين البلدين. ولقي قرابة 539 مهاجرًا غير شرعي مصرعهم غرقًا، خلال عام 2017، أثناء محاولاتهم التسلل إلى السواحل الإسبانية، عبر مضيق جبل طارق، وفق منظمة (AETSAS) الإسبانية المعنية بالهجرة غير الشرعية. وقال وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في نونبر الماضي، إن أجهزة الأمن أوقفت، خلال عام 2017، أكثر من 50 ألف مهاجر غير شرعي، وفككت 73 شبكة إجرامية تنشط في تهريب البشر. الحاجة للتحديث لكن الخبير الأمني "أكضيض"، أكد للأناضول أن المغرب يهدف أيضا إلى تحديث ترسانته العسكرية من خلال اقتناء أسلحة جديدة، كحاجة يفرضها واقع تقادم الكثير من الأسلحة، وذلك بغض النظر عن محاربة الإرهاب، وشبكات تهريب المخدرات، وغيرها من التحديات الأمنية. ويؤيده في الرأي عبد الرحمن مكاوي بقوله إن "الهدف من اقتناء أسلحة متطورة من طرف المغرب، هو تجديد ترسانته العسكرية، خصوصا أنه بعد مرور سنوات تكون الآليات العسكرية في حاجة إلى التجديد والتطوير، خصوصا الموجودة في المناطق الصحراوية".