الخطوط الملكية المغربية والموريتانية للطيران تبرمان اتفاقية شراكة استراتيجية    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع انتشار الوسطاء والشناقة داخل الأسواق    "عار عليك"... موظفة تقاطع مسؤولا بمايكروسوفت احتجاجا على دعم الإبادة بغزة    اوكرانيا في حداد على 18 شخصا قتلوا بضربة صاروخية روسية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    لجنة دعم المهرجانات والتظاهرات السينمائية تدعم 29 مهرجانا وتظاهرة بمبلغ 6 ملايين و770 ألف درهم    شركة "رايان إير" تُسلّط الضوء على جوهرة الصحراء المغربية: الداخلة تتألق في خريطة السياحة العالمية    وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية: النظام التجاري العالمي يدخل مرحلة حرجة مع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة    'مجموعة أكديطال': أداء قوي خلال سنة 2024 وآفاق طموحة    تحت الرئاسة المغربية: مجلس السلم والأمن الإفريقي يعتمد بالاجماع الموقف المشترك بشأن هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام    ماذا بعد استقبال مجلس الشيوخ الفرنسي لحكومة جمهورية القبائل؟    النظام التجاري العالمي يدخل مرحلة حرجة مع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة (أونكتاد)    اتحاد طنجة يحذر جماهير فارس البوغاز من "الأخبار الزائفة"    الركاني: من يدعم فلسطين توجه له تهم جاهزة وعواقب وخيمة ستلاحق كل من تواطئ لجعل غزة مسرحا للجريمة    حصيلة الزلزال في بورما تتجاوز 3300 قتيل    حالة انتحار أخرى والضحية أربعيني من بني صالح بشفشاون    تعزيز السياحة الثقافية بمنصة رقمية لاقتناء تذاكر المآثر التاريخية    الدرهم ينخفض بنسبة 0,2 في المائة مقابل الدولار    في قلب باريس.. ساحة سان ميشيل الشهيرة تعيش على إيقاع فعاليات "الأيام الثقافية المغربية"    "نفس الله" عمل روائي لعبد السلام بوطيب، رحلة عميقة في متاهات الذاكرة والنسيان    مغاربة يطالبون بإلغاء الساعة الإضافية (فيديو)    إسبانيا.. العلاقات مع المغرب من بين "الأقوى عالميا" ولا تقارن إلا بالعلاقات الأمريكية البريطانية    بيل غيتس: 3 مهن ستصمد في وجه الذكاء الاصطناعي    معاناة مهاجرين مغاربة في مليلية.. شتات على الأرصفة وحقوق تنتهك بصمت    المغرب يعزز جاهزيته الأمنية لتنظيم كأس العالم 2030 وكأس إفريقيا 2025    عاملة نظافة ضحية "استغلال بشع" بأجر 250 درهم شهريا    سفير السلفادور .. المغرب أفضل بوابة لولوج إفريقيا    بحضور عائلتها.. دنيا بطمة تعانق جمهورها في سهرة "العودة" بالدار البيضاء    بوابة إعلامية بريطانية: أشرف حكيمي.. أيقونة كرة القدم والثقافة    الرباط تحتضن إقصائيات العصبة الإفريقية لكرة السلة "البال"    كأس العرش.. ثلاثة أندية من البطولة الاحترافية مهددة بالخروج مبكرا    مولر يعلن الرحيل عن بايرن ميونيخ    الرئيس الإيراني يقيل نائبا له بسبب "رحلة ترفيهية في القطب الجنوبي"    كيوسك السبت | الحكومة معبأة لتنزيل القانون المتعلق بالعقوبات البديلة خلال غشت المقبل    الوزيرة السغروشني تسلط الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز مكانة إفريقيا في العالم الرقمي (صور)    فشل محاولة ''حريك'' 3 لاعبين من المنتخب الأوغندي للفتيان خلال إقامتهم بكأس إفريقيا بالجديدة    جانح يهشم زجاج 06 سيارات بحي القلعة بالجديدة .    مشاركة مغربية بصالون الفرانكفونية    شراكة ترتقي بتعليم سجناء المحمدية    بورصة وول ستريت تهوي ب6 بالمائة    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    أسود القاعة ضمن الستة الأوائل في تصنيف الفيفا الجديد    ترامب يبقي سياسته الجمركية رغم الإجراءات الانتقامية من الصين    تعادل أمام زامبيا في ثاني مبارياته بالبطولة .. منتخب للفتيان يقترب من المونديال ونبيل باها يعد بمسار جيد في كأس إفريقيا    المغرب فرنسا.. 3    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن 28 شيخ أشياخ مراكش    أمين الراضي يقدم عرضه الكوميدي بالدار البيضاء    النيابة العامة تقرر متابعة صاحب أغنية "نضرب الطاسة"    تكريم المغرب في المؤتمر الأوروبي لطب الأشعة.. فخر لأفريقيا والعالم العربي    دراسة: الفن الجماعي يعالج الاكتئاب والقلق لدى كبار السن    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانقلاب التركي المشؤوم
نشر في اليوم 24 يوم 20 - 07 - 2018

مع اقتراب مرور قرن كامل على الاحتضان الغربي لتحركات «الوطنيين» العرب الساعين للتخلّص من السيطرة العثمانية (التركية)، واحتضان باريس لأحد أشهر مؤتمراتهم عام 1913؛ تحوّل الانجذاب العربي التركي الذي أفرزته ثورات الربيع العربي، إلى مصدر لهواجس جديدة للعالم الغربي، جعلته يسحب رداء الرضا الذي ظلّ يلفّ به الدولة العلمانية في تركيا منذ تأسيسها من طرف أتاتورك. والسبب الرئيس، تجاوز تركيا أردوغان لحدود الدائرة المرسومة لها منذ قرن، وشروعها في تصدير نموذجها القائم على ثنائية القومية والانتماء الإسلامي، إلى شعوب المنطقة العربية التي خرجت عام 2011 بحثا عن الخلاص من قيود ما بعد «سايكس بيكو» ومعها أنظمة الاستبداد والقمع. تركيا أردوغان القوي واسطنبول البهية والجيش المسلّح ذاتيا (تقريبا) والدبلوماسية المتمردة على الوصاية الغربية والطامحة إلى دور إقليمي يستند إلى الشرعيتين التاريخية والدينية؛ لم تعد هي تركيا ما قبل الربيع العربي، أي تلك الدولة التي تعانق الغرب مجرّدة من ردائها الثقافي (الديني). والرجل الذي يحكم تركيا منذ أزيد من 15 عاما، بدوره لم يعد ذلك الشاب المتمرّد على شيخه (أربكان)، والساعي إلى الجمع بين العلمانية والتنمية والإشعاع الدولي. رجب طيّب أردوغان، شق لنفسه طريقا نقلته من مجرّد رئيس حكومة يمشي في ظلّ الدولة العميقة (الجيش والقضاء)، إلى سلطان جديد يحرّر الشعور الديني من جديد داخل نفوس الأتراك، ويغيّر الدساتير ليصبح رئيسا للجمهورية على النمط الأمريكي، دون أن يخلو سجلّه من آلاف الاعتقالات في صفوف الخصوم السياسيين والصحافيين والمعارضين، بدعوى التواطؤ مع الأعداء والانقلابيين. «أخبار اليوم» التي كانت قد خصصت في صيف العام 2011 حلقات مطوّلة لرسم صورة كاملة عن مسار تركيا منذ عهد أتاتورك إلى مرحلة هذا الرجل المعجزة؛ تعود بعد سبع سنوات لتنحت هذا البورتريه، مع ما حملته هذه السنوات من منعرجات وتحولات. تركيا القوية اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا باتت اليوم درسا إلزاميا لجميع شعوب المنطقة العربية، لا مناص من قراءته، دون إغفال أن صانع هذه التجربة الاستثنائية، أردوغان، إنسان راكم الخطايا كما «الحسنات».
يلخص الدكتور جلال عبد الله معوض، أهمية عقد السبعينات في مسار الحركة الإسلامية التركية، في عاملين اثنين هما؛ أولا عودة "أربكان" إلى العمل السياسي والحزبي كزعيم لحزب السلامة الوطني، ومشاركته عبر هذا الحزب في ثلاث حكومات ائتلافية ما بين 1974 و1978؛ وثانيا الانقلاب العسكري الذي وضع نهاية لتطور وبروز الحركة الإسلامية كمكون من مكونات الطيف السياسي التركي. بينما كانت لهذا الانقلاب عواقب وخيمة وأكثر سلبية على الحياة السياسية في تركيا من سابقيه. وشهدت مرحلة ما قبل انقلاب 1980، حسب جلال عبد الله معوض، تطورات سياسية مهمة، سواء بالنسبة لتركيا أو لإسلامييها، بالإضافة إلى تزايد عدم الاستقرار الحكومي والخلافات السياسية بين زعماء الأحزاب، وزيادة حدة الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية ابتداء من مارس 1978. كما تفاقمت في أواخر السبعينيات حدة أعمال العنف والصراعات والاضطرابات الداخلية بين المنظمات اليمينية القومية المتطرفة ونظيرتها اليسارية. واتخذ ذلك شكل حرب أهلية مصغرة، أودت بحياة نحو 5000 شخص. وتكرّرت بفعل ذلك تحذيرات رئيس الأركان العامة للجيش التركي، من تدخل القوات العسكرية لوقف الانقسام والعنف وتهديد إرث كمال أتاتورك.
أما ما يتعلق بالإسلاميين المجسدين في حزب السلامة الوطني، فتميّز هذا العقد بمزاوجتهم بين الخطاب الديني الإسلامي، والخطاب الوطني الداعي إلى تحصين الجبهة الداخلية وتقوية الذات الوطنية لمواجهة التهديدات الخارجية. في مسعى لتقليل من حدة الضغوط التي كان خصومهم يمارسونها عليهم، سواء منهم اليساريون أو العلمانيون. قبل أن يشرع الحزب ابتداء من 1977، في التعبير عن معارضته الصريحة للأتاتوركية، وأخذ أربكان في التصريح بمواقف إسلامية، من قبيل رفع حظر الحجاب وحظر المشروبات الكحولية. ورغم وجود تيارات متباينة داخل الحزب،
من بينها من كان يدعو إلى "عصرنته" ونزع صفة الإسلامية عنه، إلا أن كتلة أربكان كانت تبسط سيطرتها على هياكل الحزب وقواعده، فتدعّمت صورته كحزب إسلامي، وارتفعت شعبيته نتيجة لذلك، مما دفع الأوساط المعادية له داخل التيارات العلمانية والعسكرية، إلى استهدافه بشكل مباشر بالانتقادات والتحذيرات، مع تحميله جزءا من المسؤولية عن الاضطرابات التي شهدتها تركيا في تلك السنوات. وكان رئيس الوزراء أجاويد، يحذّر من انتقال العدوى الإيرانية إلى تركيا.
وفي صيف العام 1980، احتج الجنرال "أفرين" على عدم حضور أربكان احتفالات يوم النصر، والذي يوافق ذكرى انتصار القوات التركية بقيادة أتاتورك على اليونانيين عام 1922، وتلا ذلك فتح تحقيق بشأن تجمع جماهيري لحزب السلامة الوطني في مدينة "قونيا"، تحت شعار "تحرير القدس"، بعد قيام المشاركين فيه، والذين تجاوز عددهم المائة ألف، برفع شعارات مناهضة للعلمانية. وكان ذلك من الأحداث التي عجّلت بحدوث انقلاب 1980.
خلاصة تجربة إسلاميي تركيا إلى حدود السبعينيات، يوجزها التونسي جلال ورغي في كتابه "الحركة الإسلامية التركية.. معالم التجربة وحدود المنوال في العالم العربي"، بالقول إنه وبعدما كان هذا التيار قبيل مرحلة السبعينيات من القرن الماضي مجرد تعبير من عدد من التعبيرات السياسية ضمن ما يعرف بأحزاب وسط اليمين، إلا أنه مع بداية السبعينيات ظهر كحركة سياسية مستقلة بزعامة نجم الدين أربكان.
"وعرضت الأحزاب الإسلامية لاختبارات صارمة من طرف النظام العلماني، أفضت إلى حلّ الحزب الذي كان يعبر عنها في كل مرة. ومع ذلك كان الإسلاميون ينجحون في كل مرة في إعادة التعبير عن أنفسهم في حزب جديد بشكل مغاير وجديد، مصرين على حقهم في الوجود والعمل السياسي، لاسيما مع ما أبدوه من مقدرة على كسب ثقة قطاعات مهمة من الناخبين الأتراك".
تطوّر قد يكون سبب تغيّر سلوك العسكريين تجاه الإسلاميين، فرغم قيامهم بانقلاب 1980، وحظرهم لحزب السلامة الوطني الذي يقوده أربكان، فإن قادة الجيش اتخذوا موقفا يقوم على غض الطرف إن لم يكن تشجيع الإسلاميين طيلة السنوات الثلاث للحكم العسكري. ولم يكن ذلك تعاطفا ولا تأييدا، بقدر ما كان رغبة في تحجيم التيارات اليسارية واليمينية المتطرفة التي أدخلت تركيا في اضطرابات متواصلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.