بعدما أصبح مشكل ندرة المياه أمرا واقعا، الشيء الذي أثر سلبا على عدد من المدن بالمغرب، دعا الملك محمد السادس، الثلاثاء الماضي، الحكومة إلى تشييد سدود جديدة بعدد من المناطق، لمحاولة وضع حد لهذا المشكل. وجاءت هذه التعليمات الملكية، الموجهة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، على ضوء الخلاصات الأولية للجنة متابعة إشكالية الماء، التي تم تشكيلها في وقت سابق، بحيث تقرر تشييد عدة سدود كبيرة ومتوسطة وصغيرة في أقرب الآجال وبمناطق مختلفة من المملكة، حسب بلاغ للديوان الملكي. كما أن هناك احتمال إقامة محطات لتحلية المياه، مع السهر على مواصلة برنامج اقتصاد الماء في المجال الفلاحي، إلى جانب إطلاق حملة تحسيسية بشراكة مع منظمات غير حكومية معنية بإشكالية الماء، بهدف تحسيس المواطنين بأهمية ترشيد استعماله. وفي الوقت الذي لم يعلن فيه بعد عن خلاصات "لجنة الماء"، سجّلت العديد من التقارير معطيات مقلقة بخصوص تراجع منسوب عدد من السدود بالمغرب، الشيء الذي أثّر على وفرة الماء. وسبق لمعهد الموارد العالمية (WRI) أن كشف أن ثاني أكبر خزان مائي بالمملكة، تراجع منسوبه ب60 في المائة خلال الثلاث سنوات الأخيرة بفعل الجفاف المتكرر وتوسيع أنشطة الري، وتزايد العطش ببعض المدن المجاورة، وعلى رأسها الدارالبيضاء. وتوقع أن يتسبب تراجع منسوب السدود في المغرب في أزمة مياه حادة أطلق عليها "اليوم صفر". الحكومة أعلنت، لمواجهة هذا الخطر، عن اعتماد مخطط وطني للماء، إذ سيتم تشييد 25 سدّا بمعدل 5 سدود في السنة خلال الفترة الممتدة بين 2017 و2021. وإنجاز 10 سدود صغرى سنويا لتلبية الحاجات إلى الماء الشروب بالعالم القروي والري وتغذية الفرشات المائية. إلى جانب اللجوء بشكل أكبر إلى تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة وإعادة استعمالها، وتدبير الطلب على الماء بالرفع من مردودية شبكات توزيع الماء الصالح للشرب ومواصلة تحويل نظم السقي التقليدي إلى نظم الموضعي ل 51 ألف هكتار سنويا. بلاغ الديوان الملكي سجّل أن ال18 سنة الماضية شهدت تشييد 30 سدا من مختلف الأحجام، و"بالرغم من ذلك، وبفعل التقلبات المناخية وازدياد الطلب على الماء، فإن مخاطر نقص الماء قد ارتفعت بشكل ملموس". الحسين كافوني، رئيس جمعية الماء والطاقة للجميع، يرى أن هناك تكتما حكوميا حول أزمة المياه التي يعيشها المغرب، مضيفا أن هناك عدم انسجام وارتباك حكومي على هذا المستوى، بحيث يظهر ذلك جليا، حسبه، من خلال الصراع بين كاتبة الدولة المكلفة بالماء، شرفات أفيلال، ووزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، عزيز الرباح، حول مراسيم حكومية. ويرى كافوني أن تشييد السدود سياسة متوسطة المدى، نظرا إلى التعقيدات التي تلفها، بحيث أعلنت الحكومة عن إنشاء 5 سدود سنويا انطلاقا من سنة 2017، دون أن يتحقّق ذلك. وأضاف قائلا: "حاليا، لدينا مشكل عاجل، بحيث وصلنا إلى معدل 600 متر مكعب من الماء لكل مواطن، فيما يصل المعدل الدولي إلى 100 متر مكعب، أي نحن في مرحلة خطر". بل تشير التقديرات إلى أن سنة 2030 سينزل فيها هذا المعدل بالمغرب إلى 300 متر مكعب فقط. لهذا السبب يعتقد المتحدث ذاته، أن الاستثمار في تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة يبقى حلا جيدا لتطويق المشكل على المدى القريب. ويتوفر المغرب على 4 ملايير متر مكعب من المياه العادمة، أي ما يعادل 4 سدود كبيرة ممتلئة، بالإضافة إلى أن عددا من الدول نجحت في تحلية مياه البحر بكلفة مقدرة ب6 دراهم للمتر مكعب.