في بداية شهر يوليوز 2017، شرع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب في إجراء المقابلات مع المرشحين لمنصب مدير الإعلام والاتصال بالبيت الأبيض، والذي ظل شاغرا منذ استقالة مايك دوبك منه شهر ماي 2017. في تلك الفترة، كان أنثوني سكاراموتشي، أحد رجال الأعمال الذين دعموا ترامب خلال حملته الانتخابية، يبحث عن وظيفة داخل البيت الأبيض. وحرص سكاراموتشي على التملق بابنة ترامب إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر كي يحظى بالمنصب الشاغر، وتمكن من حيازة انتباههما بعد إقناعهما بأنهما في حاجة إلى تعيين شخص في المنصب يدافع عن مصالحهما. وحين علم المتحدث باسم الرئاسة شون سبايسر بدعم إيفانكا وزوجها لتوظيف سكاراموتشي في المنصب، توجه إليهما بالسؤال: "ما الذي يدفعكما لتعيين مدير استثمار سابق كمدير اتصالات بالبيت الأبيض؟" فأجابته إيفانكا قائلة: "إنه يظهر بشكل جيد على التلفزيون، ومن شأنه مساعدتنا". وبعد تدخل الزوجين إيفاننكا وجاريد، وافق الرئيس على تعيين سكاراموتشي في المنصب. وتملق سكاراموتشي من ترامب حين التقى به قائلا: "أنا أتمنى فقط أن أحصل على جزء صغير من عبقريّتك الفذّة كشخص يجيد التواصل مع الآخرين، فأنت قدوتي ومثلي الأعلى". ونجح سكاراموتشي من خلال هذا التملق بكسب رضى ترامب، إذ عينه رسميا يوم 21 يوليوز 2017 كمدير للإعلام بالبيت الأبيض، خلال اجتماع حضره إلى جانب سكاراموتشي كل من رئيس الخدم بالبيت الأبيض رينس بريبوس، والمتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر. وأعلن ترامب خلال الاجتماع أن سكاراموتشي سيقدم تقاريره مباشرة إلى الرئيس، فيما بدت وكأنها ترقية سكاراموتشي ليس فقط لموقع أعلى من منصب شون سبايسر، بل أيضا أعلى من رئيس الخدم بالبيت الأبيض، بريبوس. مباشرة بعد الاجتماع عاد سبايسر إلى مكتبه وطبع رسالة استقالته، ثم عاد إلى مكتب ترامب وقدمها إليه، احتجاجا على التعيين. ترامب الذي بدا مشوشا أخبر سبايسر أنه ما زال يحتاجه في الفريق، لكن سبايسر أصر على أن أيامه قد انتهت بالبيت الأبيض. أما سكاراموتشي، الذي كان منتشيا بالتعيين الذي عارضه كل من رئيس الخدم بالبيت الأبيض، بريبوس وكبير المخططين الاستراتيجيين لترامب، ستيف بانون، فقد اعتبر أنه حان وقت الانتقام. فبدأ بالاستهزاء علنا ببريوس في أروقة البيت الأبيض، وبكيل الشتائم لبانون، معتبرا نفسه في منصب أقوى منه وأنه لن يقبل تفاهاتهما. وبدا ترامب سعيدا بتصرفات سكاراموتشي، وكأنه يشجعه على التمادي في ذلك. أما إيفانكا وزوجها جاريد فاعتقدا أنهما فازا بامتنان سكاراموتشي وأنه سيدافع عنهما بشراسة ضد خصمهما ستيف بانون وحلفائه بالبيت الأبيض. وفي اليوم السادس لتولي سكاراموتشي منصبه الجديد، الذي صادف يوم الأربعاء 26 يوليوز 2017، علم أن أحد كشوفاته المالية قد تسربت. واعتبر أن هذا العمل يخرب صورة إدارة ترامب وأن وراءه عدوه بريبوس. فاتهمه بشكل مباشرة بارتكاب جناية، بينما في الواقع كانت تلك وثيقة عامة، ومتاحة للجميع. وفي ذلك المساء، نظم ترامب عشاء صغيرا بالبيت الأبيض حضره عدد من العاملين السابقين والحاليين بقناة فوكس نيوز، وجرى تسريب هذا الخبر لهم. وشعر سكاراموتشي بالغضب الشديد عقب ذلك، فاتصل بأحد الصحفيين في جريدة "النيويوركر"، وأفرغ كل ما في جوفه، في محاولة لاحتواء تفاصيل حياته الشخصية. وفي اليوم الموالي، الخميس، نُشر المقال على الصحيفة وجاءت فيها تصريحات مباشرة لسكاراموتشي يتهم فيها رئيس الخدم بالبيت الأبيض بريبوس بتسريب الأخبار عن البيت الأبيض، ويؤكد فيها أنه سيتم طلب استقالة بريبوس في أقرب وقت بعد هذه التسريبات. في اليوم الموالي، ناقش بريبوس والرئيس ترامب، حين كانا على مثن الطائرة الرئاسية في طريق العودة من نشاط رسمي بنيويورك، توقيت رحيله عن البيت الأبيض. وفور الوصول إلى واشنطن، نشر ترامب تغريدة يعلن فيها إقالة بريبوس وتعيين الجنرال جون كيلي، وزير الأمن الداخلي ، رئيسا جديدا للخدم بالبيت الأبيض، دون حتى استشارة كيلي. ذلك لأن ترامب لم يكن لديه متسع من الوقت، فأراد تعيين شخص يمكنه طرد سكاراموتشي في أقرب وقت ممكن. وفي يوم 31 يوليوز 2017، عُين كيلي رسميا في منصبه، وبعد ساعتين فقط من أدائه القسم، أعلن قرار فصل سكاراموتشي، الذي كان قد أمضى ذلك اليوم 10 أيام فقط في منصبه. وكانت هذه أحد أسرع الإقالات في تاريخ البيت الأبيض.