بعد قرابة عام واحد منذ إطلاق البنوك التشاركية في المغرب، تبدو هذه المنظومة المصرفية الجديدة مستعدة لتلبية الطلبات المتوافدة عليها حاليا، لكن في المستقبل المتوسط، ربما، لن يكون هذا الأمر هينا عليها، خاصة أن هذا الصنف من البنوك التي انتظر ولادتها طويلا عدد ليس بالهين من المواطنين المغاربة. ويرتبط عدم قدرة البنوك التشاركية المغربية، على تلبية الطلبات مستقبلا بشكل أساسي، بالنقص في التمويل الكافي لديها، فرأس مالها اليوم، كاف، إلا أن محدوديته لن يجعل مهام تمويل شراء العقارات والسيارات التي تستهلك حجما ضخما من السيولة، والتي تتوفر عليها الأبناك التشاركية. عمليا، تقوم المؤسسات البنكية بمهام توفير التمويل للزبناء على أساس ما لديها فعليا من احتياطي الموارد المالية، والتي يتم جمعها من مجموع زبناء البنك، وهو أمر تقوم به، أيضا، المؤسسة البنكية التشاركية على غرار نظيراتها من البنوك التقليدية، لكن البنوك الإسلامية في المغرب اليوم، تتطور الودائع المالية في محافظها بسرعة تقل عن السرعة التي يعطى بها التمويل، وهو من الناحية الحسابية والنظرية ليس في مصلحة هذه البنوك، ويحيل على أن وضعها ليس على ما يرام، ما يدعو الفاعلين في هذه الخدمات إلى الجدية في التعبير عن قلقهم إزاء المستقبل القريب والمتوسط. ويعود السبب الرئيس في هذا التباين بين الودائع والتمويل لدى هذه البنوك الجديدة، إلى ضعف التنوع في المنتجات البنكية المعروضة، كما أن شبكة الوكالات البنكية التشاركية ما يزال محدودا، وهو ما لا يتيح إمكانية الحصول على موارد كافية من شرائح واسعة من الزبناء. وعلى عكس ذلك، لدى البنوك الكلاسيكية شبكة واسعة توفر لها كمّا محترما من الموارد والاحتياطي المالي، الذي تحتاجه إلى توفير تمويلات للزبناء، كما أن هذه البنوك التقليدية تعمل على قدم وساق لاستيعاب جيل جديد من الزبناء عن طريق التطوير الرقمي، الذي توفره في مختلف خدماتها المصرفية. إضافة إلى كل ما سبق، بخصوص البنوك الإسلامية في المغرب، ما يزال عدم إطلاق الصكوك السيادية الخاصة بالمصارف التشاركية معطى ينضاف إلى مسببات محدودية هذه الأبناك في المملكة، فالبنوك التشاركية اليوم، لا تستطيع إعادة تمويل نفسها في السوق المالية، والسبب في ذلك يعود، أساسا، إلى النقص في أدوات الاستثمار المحترمة لقواعد الشريعة الإسلامية، وهذه معطيات تحاصر تحركات هذه البنوك إلى جانب نمو الودائع البطيء لديها. مدير عام BTI Bank، محمد معروف، قال في تصريح لموقع "لوبورسيي"، إنه من الضروري اليوم، أن تقوم المصارف التشاركية بتوليد ما يكفي من الودائع حتى تكون قادرة على أخذ حيز لها في السوق الذي يشهد منافسة حادة، ونيل حيز من السوق عن طريق الخدمات التشاركية، وتحقيق هذه الأهداف موازاةً مع إيجاد أدوات إعادة التمويل الكافية للفاعلين الجدد في السوق. تحقيق هذه الأهداف، يُجبر المصارف التشاركية على أن تعزز نشاطاتها التمويلية، عن طريق تطوير أفضل لشبكاتها وحساباتها المصرفية، بخلق ما يكفي من الودائع وإيجاد أدوات لإعادة التمويل الكافية، حتى يتأتى لها فرض مكان خاص لها في المنظومة البنكية المغربية التي تعيش تنافسا حادا.