لقي شخص مصرعه وأصيب ثلاثة آخرون على الأقل بجروح متفاوتة، إثر مواجهة بين مجموعتين من الأفراد، بأحد المداشر القوية في إقليمشفشاون، عشية الثلاثاء، انتهت بإطلاق ذخائر حية من بنادق صيد، مما خلف حالة من الهلع والرعب وسط أهالي القرية، فيما عمت حالة استنفار قصوى وسط السلطات المحلية والمسؤولين الترابيين، بحثا عن الجناة الذين فروا إلى الغابات المجاورة، ولا يزالون إلى غاية منتصف نهار أمس مختفين عن الأنظار. وقالت مصادر محلية في اتصال هاتفي مع "أخبار اليوم"، إن دوار "تلا عطية" في جماعة "بني سلمان" بإقليمشفشاون، عاش نهار الثلاثاء حالة رعب وجزع حقيقيين، بعدما تطور خلاف بين عائلتين بينهما عداوة قديمة، إلى مواجهة عنيفة استعمل فيها أربعة أشخاص أسلحة نارية لتصفية خصومهم، حيث تسببوا في مقتل شخص، وأصابوا أربعة آخرين بجروح بليغة. وفور وقوع الحادث المأساوي، هرعت السلطات المحلية لعين المكان مرفوقة عناصر الدرك الملكي، حيث تم نقل المصابين الثلاثة على متن سيارات الإسعاف إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بشفشاون، في حين تم نقل جثة الهالك إلى مستودع الأموات لتشريح جثته، إذ أظهرت المعاينة الأولية أنه أصيب بثلاث طلقات نارية، إحداها في رأسه بجهة الأذن، والثانية في بطنه، والثالثة في رجله تسببت في فصلها عن جسده. وأفادت مصادرنا أن الهالك كان يسمى قيد حياته الطيب أمطور، في الثلاثينات من عمره متزوج وأب لطفل، أما الجرحى الذين يرقدون بقسم الإنعاش بعد تلقيهم العلاجات الأولية في قسم المستعجلات، فيتعلق الأمر بثلاث شباب في العشرينيات من عمرهم، هم على التوالي إدريس أشكور، وعبد العظيم المصدق، ومحمد أجلاب، بينما ينتمي المشتبه فيهم إلى أسرة واحدة. فيديو يوثق الجريمة وقائع هذا الحادث الذي وقع فوق حقل زراعي بقرية "تلاعطية"، جرت أمام كاميرا هاتف نقال كان في يد أحد المشاركين في الشجار، حيث يظهر الإرهاصات الأولى قبل إطلاق النار، ويبدأ الفيديو الذي تلقت "أخبار اليوم" نسخة منه، ويتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بظهور ثلاث أشخاص يمسكون ببنادق صيد، في مواجهة مجموعة من الأفراد لا يسمح موقع المصور من التقاطهم. خلال الفيديو الذي تصل مدته إلى دقيقتين، يدور نقاش متوتر بين الطرفين، المسلحون يهددون بإفراغ النار على خصومهم، والطرف الثاني الذي سقط عن جهته الضحايا، يصب الزيت على النار بعبارات مثيرة للاستفزاز، من قبيل "غير ضرب تيري في ما عجبك"، غير أن المهاجمين بدوا مترددين في وقفتهم وبدؤوا في التراجع قليلا إلى الوراء، وسط ضجيج الشجار الشفوي بين الطرفين. وما هي إلا ثوان معدودة حتى سمع دوي إطلاق نار كثيف، وصراخ هستيري وعويل من شدة الفاجعة، كان أحد الضحايا سقط على الأرض مضرجا في دمائه، قبل أن تحتجب الرؤية في الفيديو لعدة ثوان، وتبقى أصوات المصابين تطلب النجدة، ومن بينهم صاحب الهاتف الذي التقط مشاهد الهجوم يسمع أنينه بصوت خفيض يطالب المساعدة. نزاع حول قطعة أرضية تعود وقائع الخلاف بين الضحايا والمعتدين في هذه الحادثة، حسب المعطيات التي استقتها الجريدة من مصادر مقربة من الموضوع، إلى سنوات ماضية حول قطعة أرضية فلاحية، لم يحسم فيها القضاء كلمته بين الأطراف المتخاصمة، على الرغم من وجود الدعوى في ردهات المحاكم المختصة، منذ أكثر من 20 سنة. وبحسب نفس المصادر، فإن أطراف النزاع يتهمون بعضهم البعض، بالاستيلاء على مساحات من أراضي فلاحية، توجد في دوار "تلاعطية" بجماعة بني سلمان، مشيرة إلى أن الصراع بين العائلتين المتنازعتين كان يتصاعد تارة ويخفت في أحايين أخرى، قبل أن يصل إلى ذروته في حادث دموي لم تشهده المنطقة من قبل في تاريخها الحديث. استنفار وترقب خلف حادث إطلاق النار استنفارا واسعا في صفوف المسؤولين الترابيين بإقليمشفشاون، حيث حل بمركز "خميس المضيق"، عامل إقليمشفشاون عبد الخالق المرزوقي، وقبطان الدرك الملكي، وقياد المناطق المجاورة، معززين بإنزال أمني مكثف وكلاب بوليسية، حيث تتواصل عمليات تمشيط الدواوير المجاورة، بحثا عن منفذي الهجوم قصد اعتقالهم.وقامت وحدات الدرك الملكي حسب مصادرنا، بفرض طوق أمني على الغابات المتاخمة لجماعة "بني سلمان"، لمنع الجناة من الهروب خارج المنطقة، كما حلت بمسرح الجريمة فرقة أمنية تقنية وعلمية لأخذ عينات البصمات، ورفع كل الأشياء التي من شأنها أن تفيد في البحث الجنائي، والذي يجري تحت إشراف النيابة العامة لمحكمة الاستئناف بتطوان. في غضون ذلك، شوهد عامل الإقليم في حالة متوترة وهو يتواصل مع مرؤوسيه، للتوصل بالمعطيات أولا بأول بشأن ملابسات الحادث، ومتابعة مصير الجرحى الذين يرقدون في المستشفى. يشار إلى أن انتشار استعمال بنادق الصيد في إقليمشفشاون، خاصة لدى أشخاص يعتبرون بارونات الاتجار في المخدرات، يشكل مصدر قلق للساكنة القروية، وذلك بسبب ما ينتج عن استعمال هذا الأسلحة النارية من ترهيب للمواطنين وابتزازهم والانتقام منهم، إذ سبق لفعاليات جمعوية بالإقليم أن وجهت مراسلات في الموضوع، إلى مصالح وزارة الداخلية والدرك الملكي، تطالبها بتحيين لوائح حاملي السلاح الناري، والتدقيق في سيرتهم العدلية، من أجل إعادة الاطمئنان للسكان المحليين والحد من مظاهر الرعب والهلع في صفوف الناس.