عاد من جديد إلى الواجهة موضوع "بطش" بعض رجال السلطة، واستغلال نفوذهم لاحتقار، وابتزاز المواطنين؛ آخرها قضية الشاب إبراهيم بن منصور في مدينة طنجة. ابراهيم بن منصور تعرض لاعتداء بدني من طرف رئيس الملحقة الإدارية رقم 12 في طنجة، الذي أعطى تعليماته، وفقا للضحية، لثلاثة من أعوان القوات المساعدة من أجل احتجازه تعسفيا، إذ اقتيد من أمام المحل التجاري، حيث يعمل على متن سيارة الخدمة، واعتدي عليه بالضرب على مستوى رأسه، لمدة زمنية تقارب ثلاث ساعات، وهدد بهتك عرضه. وبعد الاعتداء على الشاب تفاقمت حالته الصحية، وأصيب بشلل شبه كامل على مستوى جميع أطراف جسده، كما استمع إليه من طرف الضابطة القضائية، وهو في حالة صحية متدهورة، لا تسمح له بالإدلاء بتصريحاته. وعلى إثر ذلك، أعلنت ولاية "جهة طنجةتطوانالحسيمة" توقيف القائد المتهم بالاعتداء على الشاب "إبراهيم بن منصور"، وكشف بلاغ صادر عن الولاية "أنه على إثر التحقيق، الذي أمرت النيابة العامة في طنجة بفتحه في موضوع الاتهامات، التي وجهها الشاب (أ.ب) لقائد الملحقة الإدارية 12 بمغوغة، وبعض عناصر القوات المساعدة، بتعنيفه في أحد أحياء مدينة طنجة، يوم 21 أبريل الماضي، تم في خطوة احترازية توقيف القائد عن مزاولة مهامه، وإلحاقه بمصالح عمالة طنجةأصيلة من دون مهمة في انتظار ما ستسفر عنه الأبحاث القضائية قصد اتخاذ الإجراءات المناسبة في ضوء ذلك". "مي فتحية" وبطش رجل السلطة قبل سنتين، انتشر فيديو على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، لسيدة تسمى "مي فتيحة" بائعة حلوى في حي "أولاد مبارك" في مدينة القنيطرة، يوثق لمشهد مؤلم، ومخيف، جسد تلتهمه النيران، ورجل قريب من الموقع يراقب موتها في صمت.. ووفقا لشهود عيان، فإن الراحلة، التي كانت بائعة متجولة، احتجت على حجز بضاعتها، لكن "قائدا" في المنطقة رفض أن يعيدها إليها، ولم يتردد في إهانتها، إذ رافقته إلى مقرّ الإدارة حيث يعمل، وانتظرت هناك طويلا مطالبة بإعادة حلوياتها، إلا أنها في لحظة غضب اتجهت إلى محل عقاقير، وابتاعت مادة مشتعلة، سكبتها على جسدها، وأضرمت فيه النار. قائد الدروة الشهير قائد الدروة الشهير، أو المعروف بقائد غرفة النوم، إذ اشتهر في فضيحة فيديو غرفة النوم، الذي كان بطله بعد ابتزازه لسيدة متزوجة، التي فجرت القضية، بعدما اتهمته بمقايضتها، بين تمكينها من اعتراف زوجها بتسليم رشوة لعون سلطة، وقبولها بمضاجعته، إذ اتفقت مع زوجها على استدراجه إلى غرفة نومها. وتسرب فيديو الفضيحة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهر القائد محتجزا بملابس داخلية في منزل السيدة المتزوجة، وانتشر بسرعة، ما دفع وزارة الداخلية إلى شطب القائد من الداخلية. رجل سلطة يحلق شعر زوجته سيدة تشتكي لوكيل الملك بابتدائية مدينة ابن احمد، إقليمسطات قائلة أنها تعرضت للتعنيف من طرف زوجها، الذي أشبعها ضربا على مستوى كل أنحاء جسدها، ووجهها، قبل أن يعمد الى حلق رأسها بواسطة شفرة حلاقة،لا لشيء سوى لأنها مارست حقا من حقوقها، التي منحتها لها مدونة الأسرة، بعدما رفضت طلب زوجها الرامي إلى عقد قرانه من امرأة ثانية. وتعلق الأمر بعون سلطة في عقده الخامس برتبة "شيخ"، في مدينة ابن احمد، إقليمسطات، إذ أعطى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية في المدينة ذاتها أوامره لعناصر الدرك الملكي من أجل إيقافه. احتقار المواطنين له جذور تاريخية يقول عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، ضمن حديثه مع "اليوم 24″: لا يمر يوم دون أن نسمع باعتداء جسدي أو لفظي لرجل سلطة، أوعون سلطة على مواطن، أو مواطنة، حيث يعمد بعض رجال السلطة إلى إعطاء أوامر إلى عناصر القوات المساعدة لجر، وإهانة مواطن، وقد يتطور الأمر إلى اعتداء إذا لم يذعن لأوامره". وأكد الخضري أنه "في مختلف فروع المركز المغربي لحقوق الإنسان يتسلمون يوميا طلبات مؤازرة في الموضوع". وأضاف أن "هذا السلوك له جذور في التاريخ، وعلى الرغم من ارتفاع منسوب الوعي، إلا أن النزعة الاحتقارية لا تزال تتربص ببعض الأشخاص". أما من بين أسباب العنف، الذي يمارسه بعض رجال السلطة، الضغط الذي يعانونه لتنفيذ تعليمات، غالبا يرفضها المواطن لأنها تنطوي على حرمانه من حقوقه، سواء في البحث عن الرزق، أو في ضمان حق السكن، أو حقوقه الإدارية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن العديد من المقتضيات القانونية يتعذر تطبيقها على أرض الواقع، ما يخلق بونا شاسعا بين القانون، والواقع، ويدفع إلى ممارسة العنف في حق المواطنين لتنفيذ القانون، بدل اللجوء إلى القضاء، أو يوفر الفرصة لممارسة الابتزاز، والرشوة". وللحد من بطش رجال السلطة ضد المواطنين يقول رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان أنه "يجب إشاعة ثقافة الاحترام بين ممثلي السلطات العمومية، والمواطنين، وينبغي تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وكل مظاهر إهانة المواطن، أو تعنيفه لن تمر دون محاسبة، وعقاب".