مات هنري ميشيل، فأذرفت الكرة المغربية الدموع.. رحل عنا رجل فرنسي بدم وروح كروية مغربية، فأُقفِل سجل ذهبي من تاريخ الكرة المغربية، وعاد المغاربة لذكريات حقبة نهاية التسعينيات، عندما عاصر الجميع، جيلا كوريا جديدا، قاده نور الدين النيبت، صلاح الدين بصير، مصطفى حجي، عبد الجليل هدا (كماتشو)، الحضريوي، صابير، وغيرهم من النجوم، وصنعه رجل فرنسي رود "أسود الاطلس"، قادما من منتخب "الأسود غير المرودة" (الكاميون). رحل عنا هنري ميشيل، صاحب آخر إنجاز مونديالي للأسود، هو آخر مدرب قاد المغرب إلى نهائيات كأس العالم، وبالضبط في نسخة فرنسا 1998، إنجاز جاء على أنقاذ فشل سابق، لكنه بني بحنكة مدرب، وثقته في مواهب مغربية، ستنطلق من المنتخب صوب أكبر الدوريات والفرق الأروبية. ونحن ننتظر المونديال، على مسافة أقل من شهرين من روسيا، جاء الخبر الفاجعة، ليقول لنا… إن صناع ملاحم المونديال الأربعة، قد رحلوا جميعا، اليويغوزلافي فلاغوي فيدينيتش ( 1934 -2006)، صاحب أول تأهل مغربي للمونديال سنة 1970، البرازيلي المغربي، المهدي فاريا (1933 – 2013)، صحاب الإنجاز التاريخي "ميكسيكو 86″، الراحل عبد الله بليندة ( 1951 – 2010)، الذي قاد الأسود في مونديال 1994، ثم الفرنسي هنري ميشيل الذي غادرنا اليوم عن عمر يناهز 70 سنة. رحيل هنري ميشيل، أحزن كبار المدربين المغاربة والأجانب، أبرزهم الناخب الوطني الحالي، هيرفي رونار، الذي قال عنه صباح اليوم الثلاثاء، إنه أعظم مدرب في تاريخ المنتخب المغربي، هذه الشهادة لم تأتي من فراغ، بل جاءت من رجل يعرف قيمة ميشيل، وفضله الكبير على الكرة المغربية. بحنكته الكبيرة، وخبرته لتضاريس الكرة الإفريقية، بعد التجارب الكبيرة التي خاضها في الأدغال السمراء، وكذا بشخصية الفولاذية، التي اكتسبها من تجربته في عدد من الأندية الفرنسية، ثم تدريبه للمنتخب الفرنسي، وقيادته "الديكة" لنصف نهائي مونديال "مكسيكو 86″، والذي كان يضم حينها كبار اللاعبين، أبرزهم ميشيال بلاتيني، آلان جيريس، فيرنانديز، نيغانا، وغينانا، وغيرهم من عمالقة الكرة الفرنسية حينها. بهدوءه الكبير، في دكة الاحتياط، وصراحته وعفويته في حديثه مع وسائل الإعلام، استطاع هنري ميشيل أن يكسب ثقة واحترام اللاعبين والرياضيين، وحب وعطف الملايين من عشاق المستديرة، ليس فقط في المغرب، بل في كل المحطات التي مر منها، انطلاقا بفرنسا، مرورا باليونان، الكاميرون، المغرب، تونس، الخليج، ووقوفا في محطة منتخي غينيا الإستوائية وكينيا. أثر "الداهية" الفرنسي، لم تترك فقط في المنتخب الوطني، بل امتدت أيضا للأندية المغربية، وبالضبط رفقة فريق الرجاء البيضاوي، الذي قاده للتتويج بلقب كاس الكونفدرالية الإفريقية، سنة 2003، ليؤكد للجميع على أنه أحد أعظم الأسماء التي مرت في تاريخ الكرة المغربية. الرجل بدأ مسيرته بهدوء، لا يعرف سوى العمل والمتابرة، وترك الانتقاد، الثناء، والتشجيع للآخرين… ميشيل رحل عنا بهدوء أيضا، ظل يتألم ويصارع لوحده، المرض اللعين، الذي أصابه منذ فترة طويلة، دون ضجيج، لكن إرادة الخالق، قررت أن يغادر إلى دار البقاء، صباح اليوم الثلاثاء، عن عمر يناهز 70 سنة…#وداعا هنري ميشيل