تفاعلا مع مضامين التقرير السنوي الجديد لوزارة الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان في المغرب، وافق عدد من الحقوقيين والنشطاء المدنيين على ما ذهبت إليه الوثيقة من تشخيص رسم صورة قاتمة عن وضع حرية الصحافة والتعبير في المغرب، باعتبار أن "السلطات مازالت تشدد الخناق على من ينتقد الإسلام أو المؤسسة الملكية أو القضايا المتعلقة بالصحراء"، وأن "انتقاد هذه المواضيع يمكن أن يؤدي إلى متابعة الصحافي بموجب القانون الجنائي رغم أن حرية التعبير منصوص عليها في قانون الصحافة والنشر". أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربة لحقوق الإنسان، اعتبر أن ما تطرق إليه التقرير في هذا الباب صحيح، وقال إن "حرية الصحافة في المغرب خاضعة لقيود شديدة تمنع الصحافي من انتقاد سياسات الدولة والتعبير عن آرائهم بكل حرية، فيما يخص قضية الصحراء أو الدور الذي تلعبه المؤسسة الملكية في النسق السياسي وعلاقتها بمختلف السلط الأخرى"، مضيفا أن "الخطوط الحمراء لازالت موجودة بقوة، وتتمثل في المقدسات التي تسمى بالثوابت الجامعة، بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى تجريم أي انتقاد يطال مؤسسات بعينها، مثل المؤسستين الملكية والعسكرية، وكذا انتقاد سياسات الدولة في تدبيرها للمجال الديني. ما أشار إليه الهايج وافقه فيه الرأي محمد السكتاوي، المدير العام لمنظمة العفو الدولية بالمغرب، بتأكيده أن من نقط الالتقاء بين تقرير "أمنيستي" الأخير وتقرير الخارجية الأمريكية الصادر مساء الجمعة الماضي، أوضاع حرية التعبير والرأي في المغرب، إذ أكد أن التقرير الأخير للمنظمة سجل أن السلطات سجنت عشرات النشطاء الذين شاركوا في مظاهرات تتعلق بقضايا مجتمعية ملحة، ووجهت لهم تهما ملفقة خاصة فيما يتعلق بقضايا الإرهاب والأمن الدولي، ليخلص بعد ذلك إلى أن السلطات لا تتعامل مع المظاهرات بما يلزمها القانون. الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، قال إن التقرير يعتبر من الوثائق المرجعية التي يمكن الاعتماد عليها عند الضرورة والاقتضاء في تقرير المجلس السنوي، مؤكدا في حديثه ل"اليوم24″، أن ما سيتبين صوابه سيقَّر ويُعمل به ويُبنى عليه، وأما ما يرجح أنه مغلوط فسيرد عليه. مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، قال إن التقرير الجديد الآن محل دراسة من لدن الحكومة، موضحا أن رأيا رسميا حوله سيصدر قريبا. من جهة أخرى، وحول تعرض الوثيقة الأمريكية لمزاعم التعذيب في المغرب، من خلال ذكرها أنه "رغم حظر دستور البلاد والقوانين المنظمة جميع أشكال التعذيب، إلا أن مراقبين أشاروا في تقاريرهم إلى عدم احترام هذه النصوص"، يرى السكتاوي أن التعذيب بات أمرا معترفا به من لدن المسؤولين الرسميين أيضا، دون إقرارهم أنه ممنهج، مستدركا، "لكن هذا الأمر يبين أن الدولة ليست لها الإرادة على اتخاذ تدابير صارمة للقطع مع الانتهاك الجسيم، الذي هو التعذيب، إذ إن كثيرا من المواطنين ممن يدعون تعرضهم للتعذيب، لم يفتح معهم تحقيق في الموضوع ولم يعرضوا على الخبرة الطبية، وحتى النتائج تكون سلبية، والمثال الحاضر اليوم بقوة في المشهد الحقوقي هو تصريحات معتقلي الريف، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي".