قال أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في حوار مع "اليوم24″، إن الدولة لا تحترم القانون. هل تتفق على أن المغرب يشهد انتكاسة حقوقية تهدد مكتسباته الدستورية؟ أعتقد أن هناك تراجعا وانتكاسة لحقوق الإنسان في بلادنا قياسا بما عرفته في نهاية تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة. المغرب بعد الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية التي أعقبت حركة 20 فبراير، دخل في مرحلة من التضييق على العديد من الحقوق والحريات، ولجأ بشكل متزايد إلى تبني المقاربة الأمنية، وأنه ينبغي إخراس كل من ينتقد سياسات الدولة، ويعطي توصيفا لأوضاع حقوق الإنسان مخالفا لتصور الدولة. المغرب لم يعرف، حتى في أحلك الظروف وفي سنوات الرصاص، هذا التضييق الشديد على الحركة الحقوقية وعلى الصحافة الحرة والآراء المخالفة، ومازلنا شهودا على أن الدولة لا تحترم القانون. فإذا ما أخذنا الحق في التجمع والتنظيم، كانت الدولة تتحكم في هذا المجال، وتصطفي من تريد، وتضيق على من تريد، لكن ليس بالحجم والقدر الذي نعرفه حاليا، ونحن نتطلع إلى أن نتقدم إلى الأمام لا أن نتراجع إلى الخلف. كيف السبيل لمواجهة هذه التراجعات؟ السبيل واضح والدولة نفسها قد اعترفت بذلك، وهي تدعي أنها تقوم بما من شأنه أن يحسن الأحوال وينهض بحقوق الإنسان، ولكن على طريقتها ونهجها. ممارسة الحقوق مشروطة بتبني نوع من الإجماع في ما يتعلق بتقييم وتشخيص وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، والوضع العام بشكل عام، والطريق إلى ذلك أن تحترم الدولة التزاماتها وتعهداتها على المستوى الدولي، باعتبار أن الدولة وقعت على العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان، وأن تحترم على المستوى الداخلي القوانين المعمول بها، وتفي بما تعهدت به في ما يتعلق بطي صفحة الماضي، وتنفيذ وإعمال توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، الإعمال الكامل، ومن الطبيعي أن تبقى هناك إشكالات، ولا يمكن أن يخلو البلد من انتهاكات حقوق الإنسان، ولكن حينما تكون عرضية وقابلة للمعالجة، وهذا يحدث في كل الدول، لكن حين تنتهك الدولة القانون، ولا تحترم حتى أحكام القضاء، فلا يمكن أن نقول إننا إزاء بلد يسود فيه القانون. بدا واضحا المس بحرية التعبير سواء ما تعلق بالمس بحق الاحتجاج السلمي، أو حرية الصحافة واعتقال الصحافيين، ما هو رأيكم في هذا الموضوع؟ المس بحرية التعبير وحرية الصحافة والحق في التظاهر السلمي، من مظاهر وتعابير هذه الردة والانتكاسة الحقوقية التي يتم الحديث عنها ونحس بها اليوم، فالمواطنون أصبحوا يساءلون ويتابعون ويعبرون عن آراءهم ومواقفهم بشأن الموضوع في مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن العديد من الصحافيين يتم التضييق عليهم بأشكال مختلفة، سواء عبر رفع دعاوى عليهم وتغريمهم، وأحيانا الحكم عليهم بعقوبات سالبة للحرية حتى وإن كانت موقوفة التنفيذ، فكل هذا نعتبر أنه يدخل في إطار هذه الاستراتيجية التي تتبناها الدولة اليوم، والتي تحاول من خلالها أن تتحكم في المشهد السياسي والثقافي والحقوقي والاجتماعي والإعلامي. على هامش إطلاق خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، اعترف مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، بأن المغرب ليس جنة حقوقية، ما رأيكم في هذه المواقف الحكومية ؟ هذا النوع من الخطاب أو المبادرات لا بد أن يصدر عن مسؤول حكومي. نحن نعتبر أن الحكومة منقسمة على نفسها وتتحدث بعدة ألسن، فعندنا مؤسسة وزارة الداخلية التي لا تهمها حقوق الإنسان أو المدافعون عنها، وهي تقوم بكل الوسائل من أجل تجريمهم وإلصاق كل التهم بهم، واعتبار أن كل الشرور صادرة عنهم، في حين نجد أن وزارة حقوق الإنسان، وقبلها وزارة العدل، تتحدثان بلسان يقر بأن هناك تجاوزات وانتهاكات، لكنهما، في الوقت نفسه، تضعان المسؤولية على عاتق الفاعل الحقوقي، وتعتبران أنه لا يقر بما حصل من تقدم وتطور في مجال تحسين أوضاع حقوق الإنسان. ما هو مصير التقارير التي رصدت تراجعات حقوق الإنسان؟ هي تقارير أنجزناها بخصوص ما تابعناه وواكبناه ميدانيا ونحن نرصد انتهاكات حقوق الإنسان، ودائما الغاية من التقارير الحقوقية هي تنبيه المسؤولين إلى الانتهاكات التي تعرفها حقوق الإنسان بالمغرب، ودعوتهم إلى القيام بمجموعة من الإجراءات والتدابير لتجاوز ذلك، لكن ما يحدث وهو أن الدولة عوض أن تقرأ هذه التقارير وأن تستثمرها في سياساتها، تلجأ إلى التكذيب وإلى الطعن في مصداقيتها، واعتبار أن الجهات التي تصدرها معادية لبلدها، وأنها تشتغل بأجندات أجنبية، حتى إن حكومة اليوم عازمة على أن تشكل فريقا هدفه الوحيد هو التصدي للتقارير التي تصدرها الجمعيات الوطنية أو المؤسسات الدولية لتكذيبها والطعن في مصداقيتها، بدل الانكباب على وضعية حقوق الإنسان وتحسينها