تتجه الأنظار اليوم الاثنين إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث سيستهل القاضي لأول مرة الاستماع إلى القائد الميداني لحراك الريف، ناصر الزفزافي، بعد حوالي سنة من اعتقاله بمدينة الحسيمة. وخلافا لما كان متوقعا اختار القاضي علي الطرشي تقديم الاستماع إلى الزفزافي على المعتقل نبيل أحمجيق؛ آخر المتهمين المنتظر الاستماع إليهم. ولم يكد القاضي ينهي يوم الجمعة الماضي سرد التهم الموجهة إلى الزفزافي حتى عبر الأخير عن تفاجئه بقرار الاستماع إليه، والتمس من رئيس الجلسة تأخير ذلك بسبب وضعه الصحي الذي قال إنه لا يسمح؛ معللا بتناول دواء مضادا للحساسية "إما يمنحني رغبة قوية في النوم أو يحرمني منه بالمرة"، مضيفا "أنا مستعد للمثول أمامكم والإجابة عن جميع الأسئلة، لكني أخشى أن نقطع الجلسة مدة قصيرة بعد انطلاقها بسبب ما ذكرت لكم"، الأمر الذي تفاعل معه ممثل النيابة العامة إيجابا، فذكر أن "صحة الزفزافي تهمنا لأنها جزء من شروط المحاكمة العادلة"، والتمس من القاضي تأخير الجلسة إلى اليوم الاثنين؛ وهو ما وافق عليه. وشهدت جلسة الجمعة حضور الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد؛ نبيلة منيب، والتي عبرت عن حسرتها تجاه ما وصفته "وطن محتجز"، ودافعت عن معتقلي الحراك عبر تدوينة لها عقب حضورها الجلسة؛ "ذنبهم الوحيد هو مطالبتهم بالإصلاح وبالعيش الكريم، في حين ينعم المفسدون بالإفلات من العقاب، لا أقول الحرية لأن الحرية لا ينعم بها إلا الأحرار ولو كانوا خلف قضبان الظلم". وينتظر أن يُواجه ناصر الزفزافي اليوم، بتهم ثقيلة تضمنها قرار إحالة قاضي التحقيق؛ تتمثل في جنايات "المس بسلامة الدولة الداخلية بارتكاب اعتداء الغرض منه إحداث التخريب والتقتيل والنهب في أكثر من منطقة، وجناية تدبير مؤامرة المس بالسلامة الداخلية للدولة عن طريق تسلم مبالغ مالية وهبات وفوائد أخرى مخصصة لتسيير وتمويل نشاط ودعاية، من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية وسيادتها وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب والمشاركة في ذلك، والمساهمة في تنظيم مظاهرات غير مصرح بها وعقد تجمعات عمومية بدون تصريح والمشاركة في تجمهر مسلح". الرد على هذه التهم؛ من بين أهم ما يستعد المعتقل للرد عليها، إذا تصل عقوبة مدانيها إلى الإعدام، كتلك المضمنة في الفصل 201 من القانون الجنائي الذي جاء فيه: "يؤاخذ بجناية المس بسلامة الدولة الداخلية، ويعاقب بالإعدام من ارتكب اعتداء الغرض منه إما إثارة حرب أهلية بتسليح فريق من السكان أو دفعهم إلى التسلح ضد فريق آخر، وإما بإحداث التخريب والتقتيل والنهب في دوار أو منطقة أو أكثر". هذه النقطة كانت أثارت جدلا مجتمعيا واسعا وخلفت استياء واستغراب هيئة دفاع المعتقلين والحقوقيين، اعتبروها "تصعيدا خطيرا ضد النشطاء المعتقلين، وإعداما لأي أمل في معانقتهم الحرية"، ومن بين مظاهر ذلك حين طالب محامي الطرف المدني محمد الحسيني كروط بتطبيق العقوبة المذكورة ضد المتهمين، ما جعل عضو هيئة دفاع المعتقلين، النقيب عبدالرحيم الجامعي يعتبر ذلك محاولة ل"دعشنة القانون الجنائي" وتجاوزا لمنطوق الدستور الذي "كرس الحق في الحياة من خلال مادته ال20″، مشيرا إلى أن التحجج بالشريعة الإسلامية لا يستقيم طالما ليست مصدرا من مصادر التشريع التي يعتمدها القانون المحكم في مثل هذه القضايا". إلى جانب كل تلك التهم، يتابع ناصر الزفزافي من قبل النيابة العامة أيضا؛ بتهم "المشاركة في ارتكاب العنف في حق رجال القوة العامة نتج عنه إراقة دم، وإهانة هيئة منظمة ورجال القوة العامة أثناء قيامهم بمهامهم والمشاركة في ذلك، والتحريض علنا ضد الوحدة الترابية للمملكة والمشاركة في ذلك، وتعطيل بشكل متعمد عبادة، والتسبب عمدا في إحداث اضطراب نجم عنه الإخلال بهدوئها ووقارها والمشاركة في العصيان المسلح والتحريض عليه". وستشهد جلسة اليوم، تقديم الزفزافي روايته الشخصية للوقائع والرد على ما اعتبره "مغالطات" في عدد من الجلسات السابقة، ليتبع ذلك طرح الطرف المدني دفوعاته الشكلية قبل مرافعات النيابة العامة، ثم مرافعات هيئة الدفاع.