بعد صدور دراسات حديثة توثق النسب الكبيرة لزواج القاصرات في المغرب، وتحمل القضاء مسؤولية تسجيل المغرب أكبر نسب تزويج القاصرات إقليميا، تدخلت النيابة العامة، لتحث القضاة على ضرورة الالتزام بشروط تقييد زواج القاصرات. وقالت النيابة العامة، في مراسلة خاصة، وجهتها، خلال الأيام القليلة الماضية، إلى قضاء النيابة العامة بكل محاكم المغرب، تحت موضوع "زواج القاصرات"، أن الزواج المبكر للأطفال يعد انتهاكا لهذه الحقوق، وفي مقدمتها حقهم في السلامة الجسدية، والنفسية، وحقهم في التعليم، الذي يهيئهم لبناء حياة كريمة. واعتمادا على الدستور، والقوانين، المعمول بهما في المغرب، طالبت النيابة العامة قضاة المملكة بضرورة تفعيل دورهم، وصلاحياتهم المخولة لهم قانونيا، فيما يتعلق بالطلبات الرامية إلى زواج القاصرات، بالحرص على جعل تزويج القاصرات متوقفا على موافقة القضاة، وعدم التردد في معارضة طلبات الزواج، التي لا تراعي المصلحة الفضلى للقاصر. ودعت النيابة العامة القضاء في المراسلة ذاتها إلى عدم التردد في تقديم ملتمسات بإجراء بحث اجتماعي بواسطة المساعدة الاجتماعية، للتأكد من الأسباب الداعية لطلب الإذن ومن وجود مصلحة للقاصر في الإذن بزواجه، ومن توفره على النضج، والأهلية الجسمانية لتحمل تبعات الزواج، وعلى التمييز الكافي لصدور الرضى بالعقد. وطلب رئيس النيابة العامة من القضاة، موافاته نهاية كل ثلاثة أشهر بإحصاء لطلبات الزواج المقدمة لفائدة القاصرين، وإبلاغه بالصعوبات، التي تعترضهم في تطبيق هذه الدورية الجديد. ويسعى المغرب إلى تقليص زواج القاصرات، ووضع شروط صارمة للقيام بذلك، كشفت دراسة حديثة أن 11 في المائة من عقود الزواج، التي يتم إبرامها، خصوصا بالفتيات الأقل من 18 سنة، موضحة أن 16 في المائة من النساء، اللائي تتراوح أعمارهن ما بين 20 و24 سنة في المغرب، أبرمن عقد زواجهن الأول، قبل بلوغهن من العمر 18 سنة، و3 في المائة منهن عن عمر 15 سنة، وذلك حسب إحصائيات عام 2016. وحملت الدراسة، التي قامت بها جمعية "حقوق عدالة"، مسؤولية تزويج القاصرات إلى القضاة، حيث قالت إنهم متساهلون مع القانون، فمثلا تبقى للقاضي السلطة التقديرية في تطبيق المواد، فالمادة 20 من مدونة الأسرة، التي تتيح للقاضي إجراء بحث طبي، أو اجتماعي، لا تقيده بإلزامية القيام بالإجراءين، وبالتالي يبقى له مجال كبير للتساهل.