في الوقت الذي يسعى المغرب إلى تقليص زواج القاصرات ووضع شروط صارمة للقيام بذلك، كشفت دراسة حديثة عن أن 11 في المائة من عقود الزواج التي يتم إبرامها خاصة بالفتيات الأقل من 18 سنة، موضحة أن 16 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 20 و24 سنة في المغرب، أبرمن عقد زواجهن الأول قبل سن 18 سنة، و3 في المائة منهن في سن 15، وذلك حسب إحصائيات 2016. الدراسة التي قامت بها جمعية "حقوق عدالة"، أكدت أن 98.47 في المائة من القاصرات بدون شغل وعاطلات عن العمل، بمعدل 46 ألفا و 210 طفلة، مقابلة 1.53 في المائة فقط يمارسن نشاطا اقتصاديا، معتبرة أن تزويج القاصرات ارتبط أساسا بانعدام النشاط والهشاشة، بغض النظر عن مكان السكن، حيث إنه ليس هناك فرق كبير بين المحيط الحضري الذي يمثل حوالي 52 في المائة والوسط القروي الذي يمثل حوالي 47 في المائة. وعن عدد القاصرات اللواتي وثقن عقود الزواج، تقول الدراسة إن عقود تزويج القاصرات أزيد من 30 ألف عقد من بين 302 ألف من إجمالي عقود الزواج سنة 2015، مشيرة إلى أن المغرب يعرف نسبة تزويج القاصرات أكثر من تونس وتركيا وجزائر. وحملت الدراسة مسؤولية تزويج القاصرات إلى القضاة، حيث قالت إنهم متساهلون مع القانون، فمثلا تبقى للقاضي السلطة التقديرية في تطبيق المواد، فالمادة 20 من مدونة الأسرة التي تتيح للقاضي إجراء بحث طبي أو اجتماعي، لا تقيده بإلزامية القيام بالإجراءين، وبالتالي يبقى له مجال كبير للتساهل. وأوضحت الدراسة ذاتها أن 77.7 في المائة من رخص الزواج يعتمد فيها القاضي على الخبرة الطبية، بينما 22.3 في المائة تمثل البحث الاجتماعي، لكن تشير الدراسة إلى أن القاضي يعتمد على كل واحدة على حدة ولا يجمع بين المعيارين، وهو "ما ظهر جليا من خلال عدد رخص الزواج التي ارتفعت مؤخرا"، تقول الدراسة. واعتبرت الدراسة أن الفتيات المتزوجات قبل السن القانونية هن الأكثر تعرضا للعنف والطلاق، مشيرة إلى أن نسبة تزويج القاصرات بين 2007 و2015 ارتفعت بنسبة 10.2 في المائة، موضحة أن عقود تزويج القاصرات سنة 2007 بلغ 29.847، مقابل 33.253 عقد سنة 2009، و35.152 عقد سنة 2013. فضلا عن هذا، قالت الدراسة إن طلبات الزواج الخاصة بالإناث مرتفعة بنسبة 99.31 في المائة، بأكثر من 466 ألف طلب، مقابل 326 ألف طلب للذكور، تم منها رفض 4899 طلب، وقبول 420 ألف طلب. بالمقابل، أكدت الجمعية على أن ظاهرة تزويج القاصرات بنيوية، يتدخل ما هو اقتصادي بالاجتماعي والقانوني فيها، مشددة على أنها تشتغل على الجانب القانوني، لكن في اشتغالها على الموضوع، خلصت إلى أن السبب وراء زواج القاصرات هو تخليهن عن الدراسة بسبب الفقر والهشاشة، وأن الإحصائيات المتوفرة لديها تشير إلى أن غير المتعلمات، واللواتي لم يكملن دراستهن، يبقين الأكثر تعرضا لهذه الظاهرة. من جهة أخرى، كشفت وزارة التضامن والمرأة والتنمية الاجتماعية، من خلال بحث قامت به بخصوص سن الزواج، أن 87,9 في المائة من المغاربة يرحبون برفع سن الزواج إلى 18 سنة. ويختلف هذا المعدل اختلافا كبيرا، حسب الجنس، والعمر، والتحصيل العلمي، والوضع المهني، ومكان الإقامة. وحسب معطيات البحث، فإن 89.8 في المائة من النساء ترحبن برفع سن الزواج لأكثر من 18 سنة، بينما 86 في المائة من الرجال هم من يحبذون الفكرة.