تؤكد كل التقارير القضائية والإعلامية القادمة من إسبانيا، أن سلطات هذا البلد اتخذت من طرد وترحيل الجهاديين المغاربة المشتبه فيهم، استراتيجية أساسية للتخلص منهم ومحاربة التطرف فوق ترابها، من خلال رمي هذه "القنبلة" القابلة للانفجار في أي وقت في معترك الأجهزة الأمنية المغربية. ويبقى الخطير في الأمر هو أن السلطات الإسبانية لم تعد تكتفي بترحيل الدواعش المغاربة الذكور، بل انتقلت، أيضا، عبر نيابتها العامة، إلى الدخول في تسوية مع الداعشيات المغربيات بغية ترحيلهن، أيضا، إلى المملكة. وتسعى السلطات الإسبانية إلى إقناع 72 جهاديا مغربيا يقبعون في سجونها إلى حدود شهر أكتوبر الماضي، بالدخول في مفاوضات وتسويات مع النيابة العامة، تقضي بتخفيف الأحكام القضائية التي ستصدر في حقهم مقابل توقيع اتفاق ترحيلهم إلى المغرب بعد قضاء العقوبة السجنية المخففة. في المقابل، طلب 6 جهاديين مغاربة شاركوا في اعتداء مدريد، والذين لازالوا يقبعون في السجن، من السلطات الإسبانية ترحليهم إلى بلدهم الأصل المغرب لإتمام باقي العقوبة الحبسية بالقرب من ذويهم؛ لكن القضاء الإسباني أجل الاستجابة لطلباتهم إلى ما بعد إنهاء العقوبة الحبسية بإسبانيا، خوفا من اتهامها من قبل أقارب الضحايا من التساهل مع الجهاديين المغاربة. آخر حالة، تؤكد الاستراتيجية الجديدة الإسبانية، هي الجهادية المغربية المشتبه فيها يسرا غ. الموقوفة في أبريل 2017، بتهم الانتماء إلى التنظيم الإرهابي داعش والإشادة بأعماله. يسرى استجابت لضغط النيابة العامة الإسبانية، ووافقت يوم أول أمس الثلاثاء على قضاء سنتين سجنا نافذا في إسبانيا وترحيلها إلى المغرب، بل أكثر من ذلك، وافقت على عدم العودة إلى إسبانيا في السنوات الخمس المقبلة. ضغط السلطات الإسبانية على المتطرفين المغاربة لقبول ترحيلهم بشكل إرادي، لأن القانون الإسباني يمنع طرد الحاصلين على الجنسية أو الإقامة الدائمة دون سند قانون وقرار قضائي، يظهر بشكل جلي من طلب النيابة العامة الحكم على يسرا في البداية ب7 سنوات سجنا نافذا، بعدها طلبت الحكم عليها ب5 سنوات، قبل أن يتوصلا إلى اتفاق مكتوب يقضي بالحكم عليها بسنتين مقابل ترحيلها إلى المغرب. وقبل أسابيع، توصلت المحكمة الوطنية في مدريد بتنسيق مع النيابة العامة، إلى اتفاق مع الجهادي المغربي علي أفرخان، يقضي بالحكم عليه بسنتين وشهرين سجنا نافذا، بدل عقوبة تتراوح ما بين 4 إلى 7 سنوات، مقابل قبول ترحيله إلى المغرب بعد إنهاء ما تبقى له من العقوبة الحبسية، علاوة على قبوله بعدم الدخول إلى إسبانيا 8 سنوات ابتداء من ساعة ترحيله. حالة ثالثة تبين النوايا الجديدة لإسبانيا، بعد أن كانت النيابة العامة الإسبانية طلبت في البداية بالحكم على الجهادي المغربي أشرعية عبد العظيم ب19 عاما سجنا، قبل أن تتراجع عن مطلبها هذا قبل أسابيع، لتطلب الحكم عليه ب10 سنوات سجنا فقط، غير أن المحكمة الوطنية بمدريد، حكمت بالسجن 5 سنوات فقط على أشرعية. ليتبين فيما بعد أن القضاء دخل مع محامي المغربي في تسوية تقضي باستبدال العقوبة السجنية (5 سنوات) بقبول ترحيله إلى المغرب، ومنعه من ولوج التراب الإسباني لمدة 6 سنوات. عبد الرحيم غزالي، الناطق الرسمي باسم لجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، أكد ل"أخبار اليوم"، أن ما تقوم به إسبانيا في حق المعتقلين الإسلاميين المغاربة "هو نوع من أنواع الابتزاز لأشخاص ينتمون إلى المنهج السلفي على الأراضي الإسبانية"، مبرزا أنه "بحكم أن إسبانيا لا تستطيع ترحليهم بشكل قانوني، فإنها تحاول خلق تهم لترحيلهم".