شكل انتخاب محسن مفيدي لحظة التقاء إرادتين؛ إرادة الأمانة العامة التي دفعت به في آخر لحظة إلى الترشح واقترحته على المؤتمر بشكل مفاجئ، وإرادة "تيار بنكيران" الذي يحفظ له بعض مواقفه التي روّجها «سرّا» لصالح بنكيران. في هذا الإطار تم إعداد مؤتمر جهة الدارالبيضاء-سطات، فالكتابة الجهوية السابقة، التي ترأسها عبد الصمد حيكر مدة ولايتين، كانت تدرك مسبقا أنها خلّفت وراءها فراغا في القيادات، لأن أغلب المقربين منها المؤهلين لخلافة حيكر قد تم الدفع بهم إلى تولي رئاسة جماعات ترابية، وفي المقابل، كان هناك أشخاص معارضون للكتابة الجهوية، ولا يحظون، في الوقت نفسه، برضا فريق العثماني في الأمانة العامة، حتى وإن كانت لهم شعبية وسط قواعد الحزب، أمثال عبد المجيد آيت عديلة. هكذا نفهم لماذا برز اسم عبد المجيد آيت عديلة في المنافسة بقوة على الكتابة الجهوية، لولا "التخريجة" التي لجأت إليها الأمانة العامة، بتنسيق مسبق مع الكتابة الجهوية، لقطع الطريق عليه، وقضت بأن يقدم مفيدي استقالته من الأمانة العامة لأن عضويته فيها تتنافى مع رئاسة الكتابة الجهوية، وذلك ما كشفه محمد يتيم، عضو الأمانة العامة للحزب، بالقول إن مفيدي تم "اقتراحه من قبل الأمانة العامة بعد تشاور طويل مع الكتابة الجهوية لجهة البيضاء، وكان من اللازم أن يقدم استقالته من الأمانة العامة التي لم يمر على انتخابه في عضويتها إلا بضعة أشهر". المثير أن هذه التخريجة لم يعلم بها أحد قبل أن تقع. فخلال أشغال المؤتمر الذي ترأسه مصطفى الرميد بمساعدة بسيمة الحقاوي، أعلن بشكل مفاجئ اسم مفيدي مرشحا مقترحا من الأمانة العامة للحزب، حيث أضيف اسمه إلى الأسماء التي انتخبها المؤتمر في الدور الأول، ولم يكن من بينها. أعلن الرميد أن الأمانة العامة تدعم محسن مفيدي، وأخبر المؤتمرين بأنه قدّم استقالته من الأمانة العامة دون أن يكشف متى حصل ذلك وكيف، وهو ما فاجأ الجميع، ودفع أغلبية المؤتمرين الذين صوّتوا لمرشحين آخرين، أبرزهم عبد المجيد آيت عديلة وعبد المجيد العمري وحسن حارس، إلى إعادة النظر في قرارهم، تحت تأثير الحملة التي أسهم فيها طرفان؛ أعضاء الكتابة الجهوية السابقة، وأبرزهم حيكر المحسوب على تيار بنكيران، وأعضاء الأمانة العامة الحاليون والسابقون، وأبرزهم مصطفى الرميد من تيار "الاستوزار". وهي الحسابات التي صبّت في صالح مفيدي، الذي فاز برئاسة الكتابة الجهوية بأزيد من 80 في المائة من الأصوات. ويعد مفيدي من القيادات الشابة في حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، لم يتجاوز العقد الرابع من العمر، يحمل وراءه دبلوم المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، لكنه يحسب مواقفه جيدا، ويدافع عنها بالقدر الذي لا يخسر معه علاقاته بالجميع، فهو، حتى وإن عبّر عن مواقف مؤيدة لبنكيران، لم تُسمع مواقفه تلك خارج الفضاءات الخاصة، ويبدو أنه لهذه الصفات التي يتميز بها استطاع أن يستميل الطرفين معا؛ أنصار بنكيران وأتباع العثماني.