دخل المخرج عبد الإله الجواهري غمار السباق على جوائز الدورة التاسعة عشرة من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، عبر أول أفلامه الروائية «ولولة الروح»، الذي أنجزه بعد مجموعة أفلام قصيرة، وأخرى وثائقية، كان آخرها عمله «رجاء بنت الملاح»، وقد عرض بحضور طاقمه الفني والتقني لأول مرة، ليلة أول أمس، في اثنتين من قاعات المركب السينمائي «ميكاراما»، أمام جمهور غفير تابع العمل رغم وجود مشاكل تقنية شوشت على الصوت بداية. الفيلم الذي صور ما بين الدارالبيضاء وخريبكة، يسلط الضوء على مرحلة السبعينات، ويمثل تكريما سينمائيا لفن العيطة، باعتباره فنا تراثيا، كان له إسهامه في نشر الوعي وتغيير الرؤى في مراحل سابقة في المغرب. وبخلاف ما يقال من أن الفيلم يلعب فيه دور البطولة الممثل يوسف العربي، وهو وجه مغربي جديد، فإن الكل يظهر بطلا في الفيلم، والمساحات متقاربة، حتى إن بعض الشخصيات الثانية كانت أقوى وأكثر عطاء وقدرة على الإبداع وهي تشخص أدوارها. ومن هؤلاء عبد النبي البنيوي وصلاح ديدان، بالإضافة إلى سعيدة باعدي، التي تجسد شخصية «الزوهرة» زوجة أحد شيوخ فن العيطة، وشخص دوره الفنان محمد الرزين، ويؤويان في بيتهما مناضلا شابا، يشتغل بالتدريس وينشر الوعي عبر السينما الثورية، ويشتغل على بحث يدون عبره خبايا عالم العيطة الذي يضطر الشيخ إلى الابتعاد عنه نظرا إلى تقدمه في السن. ومن الوجوه التي تميزت في الفيلم، عبد الحق بلمجاهد، وحسن باديدة، وظهور لعائشة مهماه وجيهان كمال. ويحكي فيلم «ولولة الروح»، الذي أسهم في إنتاجه بوشتى الإبراهيمي، واستفاد من دعم المركز السينمائي المغربي عن مرحلة حاسمة من تاريخ المغرب تتمثل في سنوات السبعينات، وذلك من خلال مجموعة قصص، «كل قصة بمصير متفرد لكنها تتلاقى في النهاية لتقدم صورة عامة عما يسمى سنوات الرصاص، مع التوقف عند مكون مهم من التراث الموسيقي الوطني، وهو فن العيطة»، حسب تصريح للمخرج الجواهري، الذي احتفى في فيله بصوت فنان العيطة الشهير «حجيب»، الذي قدم أغاني الفيلم، رفقة صوت أنثوي مميز. وقصة الفيلم، حسب مخرجه، تدور حول شاب يدعى إدريس (يقدم دوره الوجه الجديد يوسفي العربي)، تخلى عن دراسة الفلسفة، والتحق بالشرطة بداية سنوات السبعينات، قبل أن يتم تعيينه بخريبكة المشبعة بثقافة النضال والعيطة وعبيدات الرمى. يتعرف إدريس على شيخ العيطة الروحاني، قبل أن تظهر أحداث تقلب الموازين، وتتوالى الأحداث لتتشابك حين يعثر على جثة فتاة في «الكاريان»، فيجد نفسه أمام جريمة غامضة لا يعرف دافعها ولا هوية الضحية. وفي قراءة أولية للفيلم، خص بها الناقد محمد بنعزيز «أخبار اليوم»، قال إن فيلم «ولولة الروح» حاول توثيق الحياة في منطقة حارة… حاول توثيق فن العيطة دون أن يتم المشروع. ووصف أداء محمد الرزين وسعيدة باعدي بالمتناغم، أما الشاب الذي أدى دور الضابط، يوسف العربي، فلم يحصل على مساحة كافية، فقد غطى عليه الحارس والكلب، يقول الناقد. في الفيلم خطوط متوازية متساوية تقريبا من حيث المدة الزمنية، حتى إنه «يصعب تحديد الشخصية الرئيسة.. يبدو أن هناك شخصيات ثانوية، مثل الحارس وكلبه تظهر بكثافة أكثر من البطل»، يقول بنعزيز، متسائلا عن الشخصية الرئيسة التي تتبعها الكاميرا. ويضيف أن «هناك جملا كثيرة لا تبني، بل هي تعليقات هدفها إضحاك الجمهور، وهذا أمر جيد، لكنها غير ذات صلة بالقصة. بل في مرات كثيرة تكسر الحدث، مثل زيارة الزهرة للضابط». وعن عائشة مهماه، قال: «إنها تحاور الكلب، وهو حوار غير درامي»، وعليه، «فكل شخصية تقوم بمونولوج خاص، فلا يظهر بعين من تروى أحداث الفيلم». «الفيلم التخييلي ليس ملزما بالأمانة التاريخية، لكن هل كان رفاق السبعينات يحبون العيطة؟»، يتساءل الناقد بنعزيز، مشيرا إلى أنه في بداية السبعينات كان الرفاق يشمئزون من الفولكلور الذي كان الناس يمارسونه… يعتبرونه مظهرا رجعيا وتجهيلا تمارسه السلطة تجاه الشعب، كما ورد في فصل التعبير والفولكلور لعبد الله العروي في «الإيديولوجيا العربية المعاصرة».