يواصل "اليوم 24′′، نشر شذرات من سيرة الوزير الأول السابق، عبد الرحمن اليوسفي، الموسومة ب"أحاديث في ما جرى"، كما رواها إلى رفيقه أمبارك بودرقة، والتي حصل الموقع عى نسخة منها، ويرتقب نشرها، يوم الخميس المقبل. نتوقف، هذه المرة، عند قضية "المهدي بنبركة" التي أثارت جدلا كبيرا ولازال مستمرا، يقول اليوسفي: "يوم 26 أبريل 1965، استقبل جلالة الملك قادة الأحزاب السياسية والنقابات وسلمهم مذكرة عبارة عن خطة عمل وبرنامج من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية". ويضيف اليوسفي:"كنت ضمن الوفد الاتحادي برئاسة عبد الرحيم بوعبيد، بمرافقة العضوين حسن صفي الدين (الأعرج) وعبد الحميد الزموري، أخبرنا جلالة الملك عن الوضع الاقتصادي الصعب، وأنه مقبل على تشكيل حكومة وحدة وطنية وحل البرلمان الحالي، لأنه ليس في المستوى". وقال الملك خلال اللقاء:"لماذا لا تقترحون شبابا مثل عبد الواحد الراضي للمشاركة في الحكومة؟". كما أشار إلى أنه أرسل ابن عمه مولاي علي لإقناع المهدي بن بركة بالعودة إلى المغرب، وهو يستغرب لماذا لم يعد لحد الآن. ويؤكد اليوسفي في مذكراته أنه تدخل وأخبر الملك بأن المهدي بنبركة لديه بعض الالتزامات الملحة تتعلق بالتحضير لمؤتمر شعوب القارات الثلاثة. وأضاف «لكن، إذا رأى جلالتكم الاستعجال بدخوله إلى المغرب، فإني على استعداد أن أسافر لأعود به في أقرب الآجال». فرد الملك «لقد فات الأوان». ويتذكر اليوسفي في مذكراته، تعرض المهدي بنبركة لمحاولة اغتيال قبل بداية الحملة الانتخابية لسنة 1962، عندما كان يسوق سيارته متوجها من الرباط إلى الدارالبيضاء، عند قنطرة وادي الشراط بضواحي بوزنيقة، حيث حاولت سيارة مجهولة دفع سيارة بنبركة إلى الهاوية، أصيب على إثرها على مستوى فقرات العنق، وهو ما اضطره للتوجه إلى ألمانيا من أجل العلاج. بعد أن التقى عبد الرحيم بوعبيد بالملك بإفران، أخبر قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بمضمون اللقاء، وبتفاصيل العرض الملكي، وبما أن المهدي بن بركة غادر المغرب يوم يوليوز 1963، أي قبل 24 ساعة عن بداية حملة الاعتقالات التي شملت كل قيادة الاتحاد، فقد كلف عبد الرحيم بوعبيد محمد الحبابي للسفر إلى الخارج لوضع بن بركة في الصورة. وبالفعل تم اللقاء بمدينة باريس، بين المهدي والحبابي، وأبدى بن بركة موافقته على تحمل الحزب مسؤولياته في سبيل إنقاذ البلد، واستعداده للعودة إلى المغرب بمجرد الانتهاء من الأعمال التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث. ويذكر اليوسفي أنه في أبريل 1965، اتصل مولاي علي، ابن عم الملك الحسن الثاني، والذي كان يشغل منصب سفير المغرب بباريس، بشقيق المهدي بن بركة، وأخبره أن جلالة الملك طلب منه أن يكون هو الوسيط لينقل إلى المهدي رغبته في الاتصال به، لأن الملك مل من الوسطاء الذين لا ينقلون الرسالة بأمانة، وطلب منه أن يبلغ المهدي بأن جلالته يريد منه إيجاد حل للمعادلة. ويرى اليوسفي ان المقصود من رسالة الملك، هو التذكير بالمرحلة التي كان المهدي فيها أستاذا للرياضيات للملك، عندما كان طالبا بالمعهد الملكي. وفعلا تم اللقاء بين المهدي بن بركة والأمير مولاي علي، مبعوث الملك بمدينة فرانكفورت الألمانية، وكانت خلاصة اللقاء أن المهدي لم يكن لديه تخوف من الملك، ولكنه لا يثق في بعض الضباط الذين يهيمنون على أمن البلاد، في إشارة إلى الجنرال أوفقير الذي كان وزيرا للداخلية، كما أبدى استعداده للعودة إلى المغرب، بمجرد الانتهاء من برنامج الأشغال التحضيرية لعقد مؤتمرات القارات الثلاث.