خالد اوباعمر في شهر فبراير من العام الماضي اتهمت صحفية متدربة وعارضة أزياء مغربية، تدعى سلوى بوشعيب، مدير القناة الثانية سليم الشيخ، بالتحرش عليها واغتصابها. وفي تدوينة نشرتها على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"صرخت الصحفية ضحية الاغتصاب والتحرش صرخة مدوية جاء فيها: "راه تعيا ما تسكت و تشري فصحافة البيادق اللي كاريين حنكهم دوك "الذكوريين" المتحرشين بحالك اللي تايقولو حنا "صوت الشعب" و حنا كنفضحو الفساد و المفسدين و لكن بمجرد ما كتكون المرأة هي اللي ضحية كيبداو يقولو "حنا الرجال عيبنا واحد و كلنا كنغلطو..واخا تسكتهم و تلحس ليهم الكابة تاتشبع باش يسكتو راه غادي نفضحك غادي نفضحك آلمغتصب..كيف يعقل أنك فسنة 2014 تطرد مدير الموارد البشرية من القناة بسبب التحرش و تجي نتا كمدير عام تستغل المنصب ديالك و السلطة ديالك كيما بغيتي باش تتحرش و تستغل البنات و النساء جنسيا و تغتصبهم و تضرب عرض الحائط اخلاقيات المهنة و القانون و المجتمع بدون اي حس بالمسؤولية؟شكون عطاك هاد الحق شكون؟ واش حنا ولينا جواري عندك؟شكون عطاكم الحق تغلطو فينا كيما بغيتو و تدافعو على بعضياتكم حيت رجال و حيت عيبكم واحد آلمنافقين؟ شكون عطاك الحق تهضر بإسم المرأة فنطاق الفينيزم المزور ديالك و تتاجر فقضية المرأة و انت اول واحد فالمملكة كيستغلها بإسم حداثة مزورة؟ واش الحداثة فبلادكم هي تستغلو بنادم و تغتصبو حقوقو؟ فينا هو اللوجيك آلمنافقين؟ لوكان كنا فبلد ديموقراطي ديال بصح لوكان تفتح تحقيق و تعاقبتي على كاع الخروقات اللي درتي هادي 9 سنين!! لوكان جينا فبلد ديموقراطي ديال بصح لوكان بلاصتك دابا فالسجن كما وقع لسعد لمجرد ففرنسا..و لكن على ما بان ليا حنا عايشين ف jungleتغتصب و تتحرش و تستغل كما بغيتي مادام انك مسؤول و عندك نفوذ و ما كاينش اللي يهضر معاك مادام الضحية "امرأة" مسموح ليكم تغلطو فيها كما بغيتو.." استحضرت هذه الواقعة بالتزامن مع مداهمة مقر جريدة أخبار اليوم المغربية من قبل فيلق أمني مكون من عشرين رجل أمن واعتقال مدير نشرها الصحفي توفيق بوعشرين لأسباب ستظهر في بلاغ النيابة الثاني ترتبط بالاعتداء الجنسي لأن هناك مفارقة غريبة عجيبة في هذا السياق ترتبط بأسلوب الكيل بمكيالين. في سنة 2017 كانت الضحية صحفية وكان المتهم مسؤول إعلامي في حين أن الضحايا في سنة 2018 مجهولي الهوية والمتهم صحافي من خيرة الصحفيين المغاربة ومديرا لنشر أكثر الجرائد الورقية ازعاجا للسلطة في المغرب. في الواقعة الأولى عوض أن تتحرك النيابة العامة لاجراء المتعين قضائيا في مواجهة المتهم بالتحرش الجنسي والاغتصاب، بعد أن أصبحت التهمة قضية رأي عام وطني، فوجئ المغاربة بأن هذا الأخير هو الذي تقدم بشكاية رسمية إلى وكيل الملك بتهم السب والتشهير ضد الصحافية المذكورة على خلفية الاتهامات التي وجهتها له والتي أرفقتها بصور لرسائل الكترونية وأخرى من "الواتساب"، فتحول المتهم في رمشة عين إلى ضحية والضحية المفترضة إلى متهمة بل إلى موضوع للجلد من قبل جيش عرمرم من الأقلام المأجورة التي تعودت على الاستحمام في المستنقعات الآسنة مثل الطحالب!! في الواقعة الثانية الأمر مختلف تماما، حيث أن ضحايا الاعتداء المفترضين مجهولي الهوية ويجهل الرأي العام أي معلومة عنهم، في حين أن المتهم الذي يوجد الآن رهن الاعتقال في إطار الحراسة النظرية ويخضع لاستنطاق الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بأمر قضائي بسبب شكايات ضده يتهمه أصحابها بالاعتداء الجنسي عليهم بناء على ما ورد في بلاغ النيابة العامة الثاني، هو صحافي مشهور وله سمعة إعلامية دولية. في هذا السياق، لا بد من توضيح أمر مهم وهو أن بلاغ النيابة العامة يبقى بلاغا فضفاضا ويطرح أكثر من علامة استفهام حول التكييف القانوني الذي ستعطيه النيابة العامة لادعاء الاعتداءات الجنسية الواردة في شكايات الضحايا المفترضين.هل نحن أمام جريمة الاغتصاب؟ أم جريمة هتك العرض؟ أم جريمة إعداد وكر للدعارة؟ أو جريمة التحرش الجنسي؟ من المفارقات الغريبة أيضا في الواقعتين معا هو طريقة تعامل الصحافة مع الواقعتين: في الواقعة الأولى وقع انقسام كبير داخل الجسم الصحافي بين معارض للصحافية الضحية سلوى بوشعيب، وبين مؤيد للمتهم مدير القناة الثانية، مع العلم ان الأمر يتعلق بجرائم خطيرة ضحيتها صحفية متدربة. أما في الواقعة الثانية، فهناك شبه إجماع داخل الجسم الصحافي على رفض أسلوب اعتقال الصحافي توفيق بوعشرين من طرف فيلق أمني رغم أنه يتوفر على ضمانات المثول أمام الفرقة الوطنية إن هي وجهت له استدعاء المثول أمامها، باستثناء بعض العناوين الصحفية المحجور عليها. لسنا ضد إعمال القانون ولا ضد اعتقال الصحافيين والحقوقيين إن اجرموا، ولكن ضد الكيل بمكيالين في التعاطي مع جرائم التحرش والاغتصاب وضد الشطط في استعمال السلطة وضد أسلوب الانتقام من معارضي السلطوية وضد خرق قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.