كشفت مصادر مقربة من حركة التوحيد والإصلاح، أنها تجري تعديلات على ميثاقها الذي وضعته منذ عشرين سنة، والذي تعتبره دستورها الجامع لمبادئها والناظم لتوجهاتها واختياراتها، وفي مقدمة هذه التعديلات، إخراج المجال السياسي من وظائفها الأساسية وجعله من مداخل الإصلاح الضرورية. وكشفت المصادر ذاتها، أن التعديلات قامت بإضافة قسم جديد خاص بالخصائص المنهجية، والتي ستبرز الهوية الفكرية والدعوية والتنظيمية الجديدة لهذا التنظيم الإسلامي. وتشير مصادرنا إلى أن النسخة الجديدة لميثاق التوحيد والإصلاح، عمدت إلى تغيير مبادئ ومنطلقات الميثاق لتصبح "المبادئ الأساسية" في الوثيقة الجديدة، استبدلت أهداف الميثاق بتسمية جديدة وهي المقاصد الأساسية. وفي هذا السياق، كشف فيصل الأمين البقالي، عضو المكتب التنفيذي ومسؤول قسم الإنتاج العلمي والفكري في حركة التوحيد والإصلاح، أن الميثاق سيحمل تعديلات عن طبيعة العلاقة التي تجمع حركته بحزب العدالة والتنمية وبالسياسة عموما، وهي تغييرات ستهم بالأساس مستويين أساسيين، المستوى التصوري والعملي الإجرائي. فبخصوص المستوى التصوري، يؤكد القيادي في الحركة، أن الوثيقة الجديدة للميثاق قد أخرجت المجال السياسي باعتباره مجالا من مجالات عملها كما هو منصوص عليه حاليا، لتعتبره مدخلا من مداخل الإصلاح بشكل عام. وفي الوقت الذي شدد فيه مسؤول قسم الإنتاج العلمي والفكري، على أن السياسة شأن لا محيد عنه ولا مناص منه، إلا أنه اعتبر أن ما يمس دنيا الناس وحياتهم أمر مختلف عن السياسة، باعتبارها ممارسة حزبية في تدافعاتها وتقاطباتها وشدها وجذبها وفي تنافس أصحابها في الانتخابات والمؤسسات التشريعية والمحليات وما إلى ذلك، وهو المجال الذي شدد البقالي على أنه مختلف ومخصوص وله أهله. وأكد المتحدث في تصريح ل"أخبار اليوم"، أن حركة التوحيد والإصلاح، بهذا الاعتبار، حركة دعوية تربوية مدنية لا تمارس السياسة ولا ينبغي لها، مؤكدا على أن واقع الحال لا يترجم هذا الأمر بالوضوح المطلوب، وهذا أمر صحيح والحركة واعية به ومتفهمة لوضعها فيه، وهي تسعى إلى تعميق المزيد من التمايز بين ما هو دعوي وحزبي. وكشف فيصل الأمين البقالي الذي يشرف قسمه على هذه التعديلات، أن الوثيقة الجديدة للميثاق، ماضية في هذا الاتجاه، حين اعتبرت المجال السياسي رافدا للإصلاح وتتفاعل معه ولا تمنع أعضاءها من العمل فيه، وقد تدعم فاعلا حزبيا (أو أكثر ولو نظريا) والمعيار عندها هو منسوب المصلحة العامة المتحققة. وشدد المتحدث على حاجة الحركة بالنظر إلى المستجدات الداخلية والخارجية وتطورات الفكر الإسلامي والحركي، إلى مراجعة الوثيقة الأساس وملاءمتها وتطويرها وإبراز الجانب الإنساني للحركة، والارتقاء بخطاب الميثاق من السجاليات الحركية التي كانت مبررة في مرحلة الثمانينات، إلى النقاشات الدائرة اليوم، والاستفادة من المدرسة المقاصدية والمناهج العملية التي تطورت خارج وثيقة الميثاق.