بعد وزير الفلاحة والصيد البحري في حكومة سعد الدين العثماني، عزيز أخنوش، الذي تحوّل فعليا إلى رئيس حكومة غير معلن، عبر أذرع صندوقه الشهير للتنمية القروية، التي امتدت لتشمل مندوبي وممثلي عدد من الوزارات؛ جاء دور "حكومة وزير الداخلية"، والتي تعمل على تنفيذ برنامج خاص بها بميزانية مماثلة لتلك التي يديرها أخنوش، وتخصص أيضا للمجال القروي والمناطق الجبلية. أخنوش الذي يعتبر قانونيا الآمر بالصرف في صندوق التنمية القروية وال50 مليار درهم التي خصصت له؛ شارك أخيرا في اجتماع بوزارة الداخلية يتعلّق ببرنامج هذه الأخيرة الذي سينجز بغلاف مالي مماثل مصدره قطاعات وزارية وصناديق خاصة وميزانيات الجهات. تنافس أذرع الدولة حول مشاريع تنمية القرى والجبال، اشتدّ بعد الخطاب العرش لسنة 2015، والذي أعلن فيه الملك وجود 12 مليون مغربي يتوزعون على 24 ألف دوار لم تصلهم ثمار التنمية. فبعد الفشل الذي راكمته البرامج السابقة لمحاربة الفقر والهشاشة، من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ تسارع وزارة الداخلية الخطى لتدارك التأخر المسجّل في بتنفيذ برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والترابية بالوسط القروي، والذي كان يفترض أن ينطلق عام 2016. وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت، ترأس أخيرا بمقر الوزارة، اجتماعا جديدا بحضور الوزراء المعنيين بمشاريع البرنامج، إلى جانب رؤساء الجهات ال12. البرنامج الذي يسعى إلى استثمار أكثر من 50 مليار درهم في خمسة مجالات، هي كل من الطرق والماء والكهرباء والتعليم والصحة، كان موضوع خلاف سابق بين وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة، باعتبار هذه الأخيرة وصية على صندوق التنمية والمناطق الجبلية. مصادر مطلعة قالت إن اجتماع أول أمس الذي دام قرابة 4 ساعات، كشف استمرار الخلافات بين وزارة الداخلية ورؤساء الجهات المطالبين بتقديم 20 مليار درهم، "لأن البرنامج حصر دورهم في تقديم الاعتمادات المالية، ومنح الولاة والعمال سلطات مطلقة في هذا البرنامج". مصادر "اليوم24" قالت إن مآل مشاريع البرنامج يختلف من جهة إلى أخرى، "وذلك حسب قدرة كل منها على التفاوض والدفاع عن صلاحياتها". رئيس جمعية رؤساء الجهات، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحند العنصر، أكد استمرار هذه الخلافات في تصريح للصحافة أعقب الاجتماع، حيث قال إن هناك بعض الإشكالات "المرتبطة بمرحلة تنفيذ المشاريع وتوفير الموارد ومن يكون آمرا بالصرف في بعض الحالات…". وأوضح العنصر أن اللقاء أسفر عن "رؤية موحدة"، لكنه لم يحسم جميع الخلافات، "وقررنا عقد لقاءات أخرى". وفيما اعتبر الفتيت أن البرنامج جاء تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش لعام 2015، وحرص أخنوش على التذكير بكون البرنامج ممول من اعتمادات الجهات والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصندوق التنمية الجهوية، لتنفيذ مشاريع تنموية لصالح ساكنة العالم القروي؛ قالت مصادر مطلعة إن رؤساء الجهات عبّروا عن تحفظات قوية تجاه البرنامج وطريقة تنفيذه، خاصة منهم رئيس جهة الشمال، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري. مصدر مطّلع قال ل"اليوم24″ إن عمال الأقاليم قاموا في الأسابيع القليلة الماضية، بعقد لقاءات "تشاورية" بهدف تجاوز الخلافات الحالية والتنسيق مع المنتخبين المحليين في اعتماد المشاريع التي ستنجز. "وبما أن نصيب كل جهة من اعتمادات هذا المشروع تقدّر بأكثر من 4 ملايير درهم، فإن الجهات قامت برصد الاعتمادات المالية التي يلزمها بتوفيرها، والتي تفوق مليارا ونصف مليار درهم، لكن الإشكال يبقى مطروحا بسبب إشراك الجهات في ثلاثة محاور فقط من المحاور الخمسة للبرنامج، وهي الماء والكهرباء والطرق". مصدر آخر قال ل"أخبار اليوم" إن "الوزارتين الوصيتين على (التعليم والصحة) أكثر قدرة وخبرة على تدبير هذه المشاريع، وفي جميع الأحوال، فإن الاتفاقيات الخاصة بكل مشروع هي التي تحدد مساطر تنفيذه واختصاصات كل طرف".