فضيحة من العيار الثقيل تهز القطاع الصحي بمراكش، فقد أنهت لجنة تابعة للمديرية الجهوية لوزارة الصحة بمراكش، أول أمس الخميس، تحقيقا في إتلاف حوالي ستة أطنان من الأدوية المنتهية الصلاحية بمستشفى "الأنطاكي" لطب وجراحة العيون والأنف والحنجرة بالمدينة، على أساس أنها نفايات طبية، وهي القضية التي تفجرت بعد أن رفض مقتصد المستشفى، حديث التعيين بهذه المؤسسة الاستشفائية، التوقيع على محضر الإتلاف، وهي الوثيقة الضرورية من أجل أن تُصرف المستحقات المادية للشركة المتعاقدة مع وزارة الصحة، المكلفة بشحن وإتلاف النفايات الطبية، رافضا الرضوخ للضغوط التي مورست عليه للتوقيع على المحضر. مصدر نقابي اعتبر ترك أطنان من الأدوية مكدسة بصيدلية المستشفى حتى تنتهي صلاحيتها، دون أن يستفيد منها المواطنون من ذوي الدخل المحدود، (اعتبره) "سوء تدبير وتقصيرا في تحمّل المسؤولية"، موضحا بأن الشركة الخاصة عمدت إلى شحن آخر دفعة من الأدوية، منتهية الصلاحية، من المستشفى في أواخر شهر دجنبر المنصرم، في أجواء من السرية، قبل أن يجري إحراقها بمركز معالجة النفايات الطبية والصيدلية الكائن بمنطقة عين عتيق بضواحي الرباط. وأوضح المصدر نفسه بأن الأدوية تشمل مضادات حيوية، عبارة عن حقن وأقراص، ومسكنات للآلام، ومراهم وقطرات العيون، ومحلول الحقن الوريدي (الصيروم)، وأدوية خاصة بارتفاع ضغط العيون، وعقاقير وأمصال خاصة بالتخدير، وقد تم نقلها، على دفعات، بواسطة شاحنات تابعة للشركة المذكورة من أجل التخلص منها على أساس أنها نفايات طبية. مصدرنا أكد بأن للمستشفيات العمومية بمدينة مراكش سوابق في مجال ترك الأدوية عرضة للإتلاف بدل توزيعها على المحتاجين إليها أو نقلها لمستشفيات أخرى قبل انتهاء مدة صلاحيتها، مستدلا على ذلك بأن مستشفى ابن زهر، المعروف لدى المراكشيين ب" المامونية"، لازال يحتفظ بأطنان من الأدوية منتهية الصلاحية مكدسة بسكن وظيفي مهجور مجاور للباب الخلفي للمستشفى، في انتظار الفرصة السانحة لشحنها ونقلها من أجل إحراقها بمركز عين عتيق، بدل أن تعرف طريقها للمرضى المعوزين. المدير الجهوي لوزارة الصحة بمراكش، خالد الزنجاري، ظل يتلكأ، وليومين متواصلين، في إبداء وجهة نظره في الموضوع متحججا بانشغاله في اجتماعات طويلة، قبل أن يقرر عدم الرد على الاتصالات الهاتفية ل"اليوم 24″. من جهته، أكد مسؤول بالمديرية نفسها بأن القضية أكبر من أن تحقق فيها مجرد لجنة جهوية، معتبرا بأن المهمة يفترض أن تتكلف بها لجنة تحقيق مركزية، وقدّر المسؤول، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه وصفته المهنية، القيمة المالية للأدوية التي تترك عرضة للإتلاف سنويا بمراكش بملايير السنتيمات، لافتا إلى أن اللجنة التي انتدبها المدير الجهوي أعدت تقريرا سيتم إحالته على وزير الصحة شخصيا، وعلى المصالح المركزية المختصة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة.