الهجرة السرية انطلاقا من المغرب إلى إسبانيا تحطم كل الأرقام القياسية سنة 2017 مقارنة مع السنوات العشر الماضية، وتوقعات من أن تكون السنة الجارية (2018) أسوأ من سابقتها. هذا ما كشفته معطيات وأرقام وزارة الداخلية الإسبانية ومجموعة من المنظمات غير الحكومية بخصوص الهجرة السرية في الطريق الغربية للبحر الأبيض المتوسط (من المغرب والجزائر إلى إسبانيا)، حسب صحيفة "الكونفيديثنيال". المعطيات الجديدة كشفت أن 27810 مهاجر سري وصلوا إلى إسبانيا سنة 2017 انطلاقا من المغرب والجزائر إلى السواحل الإسبانية، بارتفاع قدره 161 في المائة مقارنة مع سنة 2016. الأرقام ذاتها أشارت إلى وجود 222 قتيلا بين المهاجرين الذين حاولوا الوصول السنة الماضية إلى إسبانيا عبر الطريق الغربية للمتوسط، غير أن المصدر لم يحدد بالضبط المياه الإقليمية التي غرقوا فيها. معطى آخر يكشف أن المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية لازالتا تعتبران وجهة مفضلة للمهاجرين الأفارقة والمغاربة الذين يحاولون التسلل إليهما عبر المعابر الحدودية أو اقتحام السياجات الحديدة انطلاقا من مدينتي تطوان والناظور وضواحيهما، إذ بلغ عدد الذين دخلوا الثغرين المحتلين 6000 مهاجر تقريبا. خوسي أنطونيو نييتو، كاتب الدولة الإسبانية المكلف بالشؤون الأمنية، دق ناقوس الخطر من عودة ظاهرة الهجرة السرية إلى الواجهة، محذرا من إمكانية أن تكون 2016 "أسوأ" سنة منذ 2006، التي سجلت وصول 31 ألف مهاجر إلى إسبانيا. ووفقا للوكالة أوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ووزارة الداخلية الإسبانية، فإن هذا الارتفاع المهول يتضح بشكل كبير عند وضع مقارنة مع السنوات الماضية، إذ إنه وصل 6500 مهاجر إلى إسبانيا سنة 2008، و6650 مهاجرا سنة 2009، و5000 سنة 2010، و8450 سنة 2011، و6400 مهاجر سنة 2012، و6800 مهاجر سنة 2013، و7840 مهاجرا سنة 2014، 7164 مهاجرا سنة 2015، و10231 مهاجرا سنة 2016، ليصل الرقم إلى 27810 سنة 2017. وزارة الداخلية الإسبانية حذرت، أيضا، من ارتفاع عدد الأطفال المغاربة غير المصحوبين الذين يغامرون بحياتهم بحرا من أجل بلوغ الجنوب الإسبانية، كاشفة وصول 2384 قاصرا غير مصحوب إلى إسبانيا سنة 2017 أغلبهم ينحدرون من المغرب. وأضافت أن الرقم تضاعف أربع مرات بعد أن لم يكن عدد القصر الواصلين إلى إسبانيا سنة 2016 يتجاوز 588 قاصرا. هذا دون إغفال أن المهاجرين المغاربة يحتلون صدارة الواصلين إلى إسبانيا سنة 2017 بنسبة 22.4 في المائة، متبوعين بالجزائريين ب20.5 في المائة، فيما يمثل مهاجرو كل دول إفريقيا جنوب الصحراء 56.7 في المائة. خوسي أنطونيو نييتو أرجع هذا الارتفاع الصاروخي في عدد المهاجرين إلى توجيه مافيا تهريب البشر نشاطاتها صوب الجزائر والمغرب، بعد تضييق الخناق عليها بين ليبيا وإيطاليا، في هذا يقول: "المافيا التي تهرب البشر تبحث عن منافذ بديلة، لهذا فهي تضع عيونها على غرب المتوسط (المغرب-الجزائر-إسبانيا). مهدي لحلو، أستاذ جامعي بالرباط، أرجع ضغط الهجرة إلى أزمة الريف قائلا: "احتجاجات الريف غيرت أولويات الأمن، إذ أصبح يركز أكثر على حفظ النظام أكثر منه على حماية الحدود"، علاوة على أنه ما يقع في الريف "دفع المئات من أبنائه إلى الهجرة إلى أوروبا"، حسب لحلو. مصادر أخرى أرجعت ارتفاع عدد الشباب والقصر المغاربة الذين يهربون إلى أوروبا، إلى كون "المغرب يعاني أزمة اجتماعية واقتصادية ولا يستطيع مؤشر نمو التخفيف منها".